رحيل العم عبدالعزيز الشايع أحد بناة الوطن

شخصية عصامية بامتياز ورائد في العمل الاقتصادي الناجح
برع في ممارسة التجارة قبل تجاوزه التاسعة عشرة من عمره
1500 محل لشركة الشايع في دول مجلس التعاون وأنحاء العالم

نشر في 06-12-2020
آخر تحديث 06-12-2020 | 00:04
فقدت الكويت، أمس الأول، العم عبدالعزيز محمد الشايع عن عمر ناهز 94 عاماً، ويعتبر الفقيد أحد أعمدة الاقتصاد الكويتي، ورائدا من رواد العمل التجاري الناجح، وهو أحد رجالات الرعيل الأول الذين ساهموا في بناء الكويت.

العم عبدالعزيز الشايع معروف بشخصيته العصامية القيادية وأخلاقه العالية وعمله الدؤوب وصداقاته الواسعة داخل الكويت وخارجها، وهو الشخصية الوطنية المعروفة والتاجر المثابر، وصاحب المبادرات التنموية والاجتماعية العديدة في تاريخ الكويت، إضافة إلى سعيه الدائم لمساعدة الآخرين، لا سيما الفقراء والمساكين، وإذا تحدثنا عن العم عبدالعزيز الشايع فلا بدّ أن نتحدث عن التجارة في الهند، فقد ارتبط اسمه ارتباطا وثيقا بالهند قبل ظهور النفط وبعده، وقد عايش المجتمع الهندي وتعايش معه، وعمل هناك ليكتسب الخبرة في التجارة، ويكون أحد رجالات الكويت المتميزين في مجال التجارة.

ولد العم عبدالعزيز الشايع في عام 1926 بعد أن قدمت عائلته من منطقة الزلفى بالسعودية، وتلقّى علومه الابتدائية في مدرسة المباركية والأحمدية، ثم بعثه والده الى مدينة بومباي في الهند في عام 1939 ليستكمل دراسته وتعلم الإنكليزية، فكانت بداية مسيرته، يرحمه الله، في الهند وكان في الثالثة عشرة من عمره.

السيرة الذاتية
الاسم: عبدالعزيز محمد حمود الشايع

الميلاد: 9/ 6/ 1926.

الأبناء: حمد، وسعود، وخالد، ومحمد، وزينب، وهيفاء، ومها.

الدراسة:

1939-1942: درس المرحلة الابتدائية بالكويت في مدرستي المباركية والأحمدية، ثم في ثانوية سان جوزيف بالهند.

الأعمال:

1943-1952: مدير تنفيذي في مؤسسة علي حمود الشايع بالهند.

-1952 شريك ورئيس مجلس إدارة شركة محمد حمود الشايع للتجارة العامة.

1954: مؤسس وعضو اللجنة الشعبية لجمع التبرعات.

1957-1976: عضو مجلس إدارة شركة ناقلات نفط الكويت.

1960-1963: عضو المجلس البلدي.

1963: شريك وعضو مجلس إدارة الشركة الكويتية لاستيراد السيارات.

1964: وزير الكهرباء والماء.

1965: رئيس مجلس إدارة شركة الفنادق الشرقية.

1971- 1983: شريك وعضو مجلس إدارة شركة دار القبس للصحافة والطباعة والنشر.

-1983 رئيس مجلس إدارة شركة دار القبس للصحافة والطباعة والنشر.

1988: رئيس مجلس إدارة فندق أوبروي المدينة المنورة.

1993: رئيس مجلس إدارة شركة مجموعة الشايع.

2004: رئيس اللجنة الشعبية لجمع التبرعات.

- ساهم في تأسيس جمعية الهلال الأحمر الكويتي.

- ساهم في تأسيس جمعية الشامية التعاونية.

رحلة الهند

على الرغم من صغر سنه، فإنه استطاع النجاح في الدراسة للانطلاق في عالم التجارة والتعامل مع الهنود بما يمتازون به من أمانة والتزام.

كان لوجود مؤسسة عمه علي حمود الشايع هناك، التي أسست عام 1896، دافعا لإرسال الفقيد للتعلم هناك، إلا أن السبب الرئيسي هو أن الدراسة بالكويت كانت تنتهي عند الفصل الخامس، فبدأ الدراسة بتعلّم اللغة الإنكليزية بالبيت على يد مدرس هندي من مدينة مانكالور اسمه أحمد فريد، ثم التحق بمدرسة سان جوزيف هاي سكول مدة سنتين، وهي مدرسة راقية وأبدع فيها خاصة في مادتي الإنكليزية والرياضيات وتفوّق على زملائه، كما تعلّم أيضا لغة الأوردو، وذلك بالممارسة والاحتكاك المباشر مع الناس، رغم الحظر الذي كانت تفرضه المدرسة على تعلّم غير الإنكليزية، فلفت اليه نظر المشرف عليها، وهو كاهن، فأراد أن ينقله الى صفوف المتفوقين، لكن عودته الى الكويت حالت دون ذلك، فبعد مرور 3 سنوات على الدراسة في بومباي عاد إلى الكويت لفترة لم تطُل كثيرا، بسبب إصرار عمه على العودة للعمل معه في المكتب، فعاد ثانية إلى بومباي مع عمه، علما بأن فكرة تأسيس مكتب في الهند انبثقت من عائلة الشايع في الكويت، حيث اقترح وقتها المرحوم محمد حمود الشايع على أخيه علي السفر إلى بومباي، بهدف توسيع نشاط العائلة التجاري في أهم مركز تجاري وبحري في المنطقة في ذلك الوقت، ومن هنا بدأ العم عبدالعزيز الشايع العمل التجاري الجدّي بشكل كامل، ولم يكن يتجاوز التاسعة عشرة من عمره، وكما تفوّق في الدراسة تفوق أيضا في العمل التجاري المعقد وبسرعة.

بدأ بالعمل في هذا المكتب مساعداً لعمه علي، يراقب كل شاردة وواردة للتدريب على كل تفاصيل العمل التجاري، واستمر هذا الوضع فترة ليست طويلة، فلم يعد عم الفقيد علي الشايع يوجد في بومباي كثيراً، فأصبح يقوم هو بكل المهمات المتعلقة بالعمل فيه، حتى أصبح مديرا عاما لشركة الشايع في الهند عام 1943، وحقق نتائج إيجابية كبيرة يمكن النظر إليها على أنها قفزات هائلة في العمل، ورغم أن المكتب كان يمرّ بإخفاقات ونجاحات في فترات متفاوتة مثله مثل أي عمل تجاري آخر، فإن العمل فيه تطوَّر بشكل جدي وحقيقي منذ عام 1939، أي مع بداية الحرب العالمية الثانية وحتى عام 1948، فقد كان للكويتيين مكانة كبيرة في بومباي، ولم يكن المكتب يخلو من الضيوف أو الزوار، سواء كانوا من الكويت أو غيرها من البلدان، ومن التجار الذين كانوا يوجدون بشكل يومي عبدالعزيز حمد الصقر ومحمد عبدالمحسن الخرافي ومحمد النصف.

العمل في الكويت

لقد عايش، رحمه الله، أحداثاً تاريخية مهمة، منها استقلال الهند، وانفصال باكستان عنها، وانتهاء الحرب العالمية الثانية.

الهند استقلت بصورة سلمية بعيداً عن الثورات، لم يتأثر اقتصادها، بل كانت مهيأة للاستقلال من خلال رجالاتها وتنظيمهم وإعدادهم للخطط، أمثال نهرو ووزير الداخلية بتيل وغيرهما.

استمر العم عبدالعزيز الشايع في رحلاته التجارية بين بومباي والكويت مدة فاقت 10 سنوات، لكن دور بومباي التجاري تراجع كثيراً بعد استقلال الهند عن بريطانيا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، والذي نتج عنه انقسام الهند إلى دولتين؛ هما الهند وباكستان، كما تأثر العمل التجاري في الهند من القرارات التي تحدّ منه، والتي أصدرتها حكومة الهند المستقلة، وبخاصة أن يكون لكل صاحب شركة أجنبية بالهند شريك هندي بنسبة 50 في المئة من رأسمال الشركة، كما زادت الضرائب، والأهم من كل هذا أن البواخر صارت تصل مباشرة إلى الخليج من اليابان وأوروبا وأميركا وهكذا تقلص دور ميناء بومباي الذي كان لعقود طويلة حلقة وصل بين منطقة الخليج العربي والعالم.

عاد الفقيد ليستقر في الكويت، مكتسبا خبرة كبيرة من تجربة الهند، فعمل في مكتب الكويت ليواصل مسيرته فيه مع والده وابن عمه عبداللطيف العلي الشايع، حيث عمل على توسيع نشاطها حتى تحوّل المكتب الى شركة محمد حمود الشايع، إلا أنه واجه عقبة عدم وجود بنك محلي لتسهيل الحركة الاقتصادية بالبلاد، فلم يكن هناك سوى بنك أجنبي واحد هو البنك البريطاني، فعمل - رحمه الله - مع مجموعة من التجار على إنشاء بنك آخر كويتي، فتوجه وفد من تجار الكويت للأمير الراحل عبدالله السالم، وأقنعوه بالفكرة، فوافق رغم معارضة المندوب البريطاني، وأعطاهم ترخيصا بإنشاء بنك الكويت الوطني عام 1952.

وفي عام 1957 قرر نخبة من أخيار الكويت إنهاء احتكار الشركات الأجنبية لنقل النفط الكويتي، فتمكنوا من تأسيس شركة ناقلات نفط الكويت، التي آلت ملكيتها الى الحكومة الكويتية في عام 1976، وانضم العم عبدالعزيز الشايع الى عضوية مجلس إدارة الشركة، كما أسسوا شركة البترول الوطنية بعدها بفترة، بمشاركة القطاع الخاص الذي امتلك 40 بالمئة منها و60 بالمئة من ملكيتها ذهبت للحكومة.

بالإضافة لما سبق، فلقد أسهم - رحمه الله - في إنجاز مبادرات عديدة ومتنوعة تسهم في بناء الدولة الحديثة، كإنشاء الخطوط الجوية الكويتية وشركة الكيماويات، وشركة مطاحن الدقيق الكويتية وشركة السينما وعدد كبير من المؤسسات المالية والسياحية.

العمل الخيري

وفي المجال الخيري، ولأن الكويتيين جُبلوا على فعل الخير، أسهم الفقيد مع ثلة من أهل الكويت في تأسيس اللجنة الشعبية لجمع التّبرعات والمساهمات عام 1954، ثم شرع مع آخرين في تأسيس جمعية الهلال الأحمر الكويتي، وهكذا وصلت عطاءات الخير الكويتية الى المحتاجين في كل دول العالم.

تأسيس الفنادق

في عام 1965، قام رحمه الله وأبناء عمومته، مع شريكين آخرين، بتأسيس شركة الفنادق الشرقية التي قامت بإنشاء فندق شيراتون الكويت الذي تم افتتاحه عام 1966، ثم توسّع نشاطه الى السعودية، فقد كان لدى عائلة الشايع بعض الأراضي بالمدينة المنورة، فجاءت شركة هندية اسمها أوبروي، وتقدمت بمشروع للشراكة بينهم لإنشاء فندق خمس نجوم، وهو ما تم فعلا بإنشاء فندق سُمّي أوبروي.

وفي عام 2017، تم افتتاح فندق فورسيزونز الكويت، وفندق هيلتون غاردن إن في بداية عام 2020

العمل السياسي

دخل الفقيد مضمار السياسة في عام 1960، عندما عيّن عضوا في المجلس البلدي، وتم اختياره عضوا في اللجنة الفنية، ثم شارك في انتخابات مجلس الأمة الأول عام 1963 ولم يحالفه الحظ بدخول المجلس، لكنه عُيّن وزيرا للكهرباء والماء في ديسمبر 1964 وكانت فترة قصيرة، حيث قدّمت الحكومة استقالتها بعد تشكيلها بنحو شهر واحد في يناير 1965، وقد لعب دورا مهما وبارزا في تطوير وتحسين الهيكل الإداري والمالي والخدماتي الخاص بوزارته.

جريدة القبس

لقد اكتسب الراحل سمعة شعيبة كبيرة بسبب إنجازاته الكبيرة، وهذا ما شجعه مع كبارات الدولة الراحلين محمد يوسف النصف، وجاسم حمد الصقر، ومحمد عبدالمحسن الخرافي، ومحمد

عبدالرحمن البحر على تأسيس صحيفة القبس اليومية عام 1972، كما ترأس، رحمه الله، مجلس إدارة شركة دار القبس للطباعة والنشر منذ عام 1983 وحتى 1995.

جمعية الشامية

ساهم، رحمه الله، مع حوالي 12 شخصا في تأسيس جمعية الشامية التعاونية، بعد أن اجتمعوا بإحدى المدارس وانتخبوا مجلس إدارة لها، واتفقوا على تقديم طلب لوزارة الشؤون التي وافقت بدورها على ترخيصها، بعد أن منحت قبلها الترخيص لجمعية كيفان.

مراكز التسوق

نجح، رحمه الله، في بناء أكبر مراكز التسوق في الكويت والشرق الأوسط وهو مجمع الأفنيوز الذي افتتح عام 2007، وتمت توسعته في سنين لاحقة، كما تم افتتاح مجمعات مشابهة في البحرين والإمارات، وجار العمل في مشروع الأفنيوز- الرياض.

الحياة العائلية

لديه من الأبناء 4 أولاد و3 بنات. حمد، سعود، وهو مولود في بومباي، وخالد، ومحمد، وزينب، وهيفاء ومها.

بما أن عائلة الشايع عرفت واشتهرت في التجارة، فإن أبناءها يعملون في هذا المجال، واليوم يقوم الجيل الرابع بالإشراف والمتابعة لما بدأه الأجداد والآباء. وقليل منهم يعمل بصورة مستقلة. حيث كانت البداية بالتجارة والاستيراد والتصدير، ثم توسعت في عام 1951 بالتوجه نحو مواد البناء والخشب والأسمنت والمواد الصحية وغيرها من الأعمال، وبعد ذلك أضيفت تجارة التجزئة لعمل الشركة، مع الاستمرار في المواد الصحية والعقار والفندقة والسيارات، وأيضا في مجال التغذية.

للشركة 1500 محل في دول مجلس التعاون الخليجي وتركيا وفي روسيا والتشيك وبولندا ودول البلقان، وكذلك في مصر ولبنان.

رحم الله العم محمد عبدالعزيز الشايع، فهو أحد رجالات الكويت المخضرمين الذين عاصروا مرحلة ثرية من حياة الكويت، قبل أن تشهد نقلة نوعية في تاريخها، بعد اكتشاف النفط وتأسيس البنى التحتية للمجتمع، وهو وإن كان قد رحل عن هذه الدنيا الفانية، فإن أعماله الجليلة ستبقى خير شاهد على عطائه، ويشهد بها القاصي والداني في عموم البلاد.

لقد كان، رحمه الله، نموذجا صادقا لدور التجّار الوطني وللفترة التاريخية المهمة التي سبقت عصر النفط، فالمؤسسات الاقتصادية التي أقامها عدد من التجار، ربطت بين دورها الاقتصادي والجانب الوطني، وكان لجهدها أهمية من الصعب إغفالها في بناء الاقتصاد الوطني وقيام دولة حديثة.

و"الجريدة" التي آلمها هذا المصاب تتقدم إلى أسرة الفقيد بأحر التعازي، سائلة الله تعالى أن يسكنه فسيح جناته، ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان، و"إنا لله وإنا إليه راجعون".

أسهم في إنشاء «الخطوط الكويتية» و«البترول الوطنية» و«الكيماويات» و«المطاحن» ومؤسسات مالية وسياحية

عُيّن في «البلدي» ثم وزيراً للكهرباء والماء ولعب دوراً مهمًا وبارزاً في تطوير وزارته

شارك مع آخرين في تأسيس «الهلال الأحمر» لتصل عطاءات الخير الكويتية إلى المحتاجين في العالم

عمل مع مجموعة من التجار على إنشاء بنك الكويت الوطني لتسهيل الحركة الاقتصادية بالبلاد

أسس مع الكبار الراحلين محمد النصف وجاسم الصقر ومحمد الخرافي ومحمد البحر صحيفة القبس عام 1972
back to top