خاص

«الإيجابية»... سلاح نفسي فعَّال في مواجهة «تداعيات كورونا»

الدراسات تؤكد أن السلوك الإيجابي يضيف 7.5 سنوات إلى متوسط العمر

نشر في 20-11-2020
آخر تحديث 20-11-2020 | 00:05
على قاعدة أن فيروس كورونا ينتقل بالعدوى والاختلاط بين البشر، تحول الوباء العالمي إلى عدو للإنسان، ووضع من خلال مفهوم «التباعد» الذي فرضه حدا للفطرة الإنسانية القائمة على الترابط الاجتماعي، وباتت العزلة هي القاسم المشترك على الدول التي أغلقت حدودها على ذاتها، وصولا إلى الأسر التي خضعت لسطوة «كوفيد»، والتزمت خيار الاستقلال المكاني في حدود المنازل التي عادت تضج بالحياة في نموذج مستجد لـ «اللمة» العائلية.

وعلى مدى الأشهر العشرة لسيطرة الوباء على العالم، شهدت المجتمعات تغييرات كثيرة في السلوكيات الهادفة إلى احتواء الفيروس وتداعياته، ففي موازاة الكثير من الناس الذين أثرت عليهم أزمة كورونا، وانعكست سلبا على نفسياتهم، بسبب الضغوطات وعدم القدرة على التكيف مع الوضع الراهن، اختار البعض «الإيجابية في العمل» سلاحا في مواجهة مشاعر الصراع والقلق الناتجة عن أزمة الوباء.

«الجريدة» استطلعت سلوكيات البعض في مواجهة كورونا، وتجنب الآثار السلبية للجائحة، وتحويلها إلى مواقف وسلوكيات إيجابية، وفيما يلي التفاصيل:

نشر الفكر الإيجابي، الذي أطلقته مبادرة "النوير" منذ عام 2013، لاحتواء الأزمات التي تواجه المجتمع، تراه صاحبة المبادرة الشيخة انتصار العلي الخيار الأفضل في مواجهة كورونا، وقالت: "أنا على قناعة بأن كل شيء يحدث من الممكن أن نجد فيه شيئا إيجابيا، وعلينا أن ندرك حكمة رب العالمين في كل ما يحدث لنا، ولذلك علينا أن نشكره على النعم الكثيرة من حولنا، أنا في حالة امتنان مستمر على كل عطايا ربي، أما أن نركز في الأزمة ونذهب في أفكارنا إلى الذي قد يحدث مستقبلا في ظل كورونا فهذا يجلب التوتر. سياستي الدائمة هي التعامل بإيجابية مع كل شيء".

وأضافت العلي: "أحيانا أقلق، وعندما ينتابني هذا الشعور أدعو ربي وأعدد نعمه علي، والحمد لله نحن في نعمة كبيرة حتى في ظل كورونا والحظر والعزلة بالبيت وفي الحكرة التي نحن فيها. يجب أن ننظر للإيجابيات"، مبينة أن الأبحاث حول التفاؤل تشير إلى أن السلوك العقلي الإيجابي يمكن أن يضيف 7.5 سنوات إلى متوسط العمر المتوقع للانسان، كما أن هذه الايجابية تعتبر مفيدة جدا في مواجهة كورونا.

وتابعت: "أنا شخصيا اكتشفت الكثير من الأشياء في زمن كورونا، وتعرفت على نفسي أكثر وأصبحت أكثر هدوءا، واستغنيت عن كل الأفكار التي لا أحتاجها في حياتي، منها كثرة السفر والعمل والمشاركة في مؤتمرات، وتعرفت على بناتي أكثر وعلى بيتي والعاملين فيه، فصارت فرصة حلوة أقعد بالبيت ألملم نفسي".

تركيز على الأولويات

أما المهندس سليمان العوضي فيرى أن "كورونا" كشفت الكثير من السلبيات التي يجب التخلص منها، كما كشفت الكثير من الايجابيات التي ينبغي الالتزام بها وتطبيقها لما لها من دور ايجابي ومهم".

وأضاف العوضي: "أثمرت الايجابية خلال كورونا نتائج كثيرة على المستوى الشخصي، فقد حرصت على التركيز على الأولويات وتطبيقها في الحياة والمعيشة، من خلال الإنفاق والإرشاد، إلى جانب الروح الايجابية التي أعيشها في الحياة اليومية مع أسرتي في المنزل والعلاقة الجميلة بين الاب وابنائه، وكانت المحرك الرئيسي في تحقيق الانسجام والتفاعل، فضلا عن ممارسة هوايتي في الرسم والتصوير، مما كان له الأثر الإيجابي على نفسيتي وأسرتي".

إدارة الأمور

وقال الاستشاري في تطوير المشاريع الصغيرة محمد العطار إن التعامل مع الآثار السلبية لأزمة كورونا، والتخلص منها يبدأ من خلال الإدارة الذكية للأمور، وأولها تطبيق الشروط الصحية، والمرونة في التعامل داخل المنزل وخارجه لخلق أجواء إيجابية.

وأشار العطار إلى "أهمية التخطيط في حياتنا لتحقيق التوازن المثالي لمتطلبات الحياة، كوننا نمر بأزمة عالمية، وينبغي تعلم أمور جديدة وهوايات مختلفة لخلق الايجابية في حياتنا، وأجد متعتي في العمل من خلال ممارسة هوايتي في تقديم الاستشارات والخطط الاستراتيجية لتطوير المشاريع، وهذا العمل له تأثير إيجابي كبير على نفسيتي ويشعرني بالسعادة".

فلاشات توعوية

وأفاد الموظف في قسم إدارة خدمة المواطن بوزارة الشؤون الاجتماعية خلف القلاف بأنه استطاع استغلال وقت فراغه من خلال هواياته الفنية المتعددة التي تمده بالطاقة الايجابية، ومن هذه الهوايات التصوير والمونتاج والتمثيل والاخراج، مضيفا أنه يساهم على الدوام في تقديم أعمال فنية متنوعة، منها فلاشات توعوية وإرشادية للناس، مضمونها نشر الإيجابية والتفاؤل في نفوس الآخرين، وتحكي أعماله عن أهمية ممارسة الهواية المفضلة لكل شخص عبر استغلال وقت الفراغ بشيء مفيد وايجابي.

من جانبها، رأت المدربة القانونية المعتمدة سارة بوزبر أن فيروس كورونا شر لابد منه، وعلى الانسان أن يتعامل مع المرض بجميع تطوراته، وعندما يتقبل هذا الوضع سيحب الحياة، وتتحول السلبية الى الايجابية، خاصة مع التزامنا بالشروط الوقائية، والشخص الإيجابي هو بحد ذاته متفائل وقادر على نشر هذه الإيجابية المليئة بالطمأنينة بين الآخرين، مبينة أنها تمارس الإيجابية حيال تداعيات الوباء من خلال الرياضة وركوب الدراجة، بجانب حبها لقراءة الكتب التي تملأ الروح بالتفاؤل والسعادة.

إعادة ترتيب الأوراق

بدورها، ذكرت ريا الهاشم أن "فيروس كورونا ترك تداعيات مؤلمة لعدد من الناس الذين فقدوا عزيزا عليهم أو عملهم بسبب الأزمة، كما أنني اعتدت بحكم منزلي المطل على البحر رؤية المسيرات الجميلة خلال فبراير، والتي تزامن توقيتها مع دخول أزمة كورونا، التي أجبرت الجميع على البقاء في المنزل والتكيف مع الوضع المستجد، وأحسست بأن بقائي في المنزل كعطلة طويلة يحتاج الى التأقلم مع الواقع".

وتابعت الهاشم: "أول مرة في حياتي أصبحت أملك وقتا كافيا للتأمل، ومن هذه التأملات عشت لحظات تقدم العمر، التي لا نستشعرها إلا عندما نقوم بزيارة كبير في السن يضطر للبقاء وحيدا في منزله، والايجابية التي لمستها خلال أزمة كورونا الإحساس بالعمالة الموجودة عندي، وقيمة العطلة الأسبوعية بالنسبة لهم، وكيف تجدد لهم طاقتهم وتمدهم بالراحة ليجددوا نشاطهم لحظة عودتهم الى العمل، ومن الأمور التي تمدني بالايجابية أيضا وجودي مع بناتي وتعزيز التفاهم بيننا، لذلك كانت الأزمة بمنزلة إعادة ترتيب للأوراق والأولويات".

من جهته، اعتبر المحامي نايف فهد أن "الطاقة الإيجابية مثل العدوى نستطيع أن ننقلها إلى غيرنا بفعل الخير ورسم الابتسامة على وجوه الآخرين".

الاعتماد على النفس

أما الفنانة التشكيلية رئيسة فريق أنفال للموهوبين من ذوي الاحتياجات الخاصة نجاة الرياح فترى أن فيروس كورونا أثمر بعض النواحي الايجابية، منها تعلم الاشخاص اللجوء الى الله والاعتماد على النفس في الاعمال اليومية وزيادة الاهتمام بالصحة والجلوس مع الاسرة وممارسة الهوايات المختلفة وتوخي الحذر والتباعد الاجتماعي.

وأضافت الرياح: "بالنسبة لي شخصيا زاولت كتابة الخواطر التي تعبر عني وعن الظروف وعن الأزمة، وممارسة هوايتي للفنون الجميلة من رسم وأشغال فنية أخرى حتى أشغل نفسي، كما ركزت أكثر خلال هذه الفترة على الاهتمام بابنتي أنفال وفريقها من ذوي الاحتياجات الخاصة من المواهب عن طريق التواصل بالمعارض الفنية الافتراضية".

من جانبها، أشارت الموجهة الفنية المتقاعدة بوزارة التربية هند إدريس إلى أنها واجهت تداعيات "كورونا" بالالتفات إلى أكثر إلى كبار السن والمرضى بشكل مختلف، وهذه الالتفاتة غرستها في نفوس أبنائها لتعويدهم على الاهتمام بكبار السن أو المرضى.

وأضافت إدريس أن "العزل الحالي أو الحظر جعلنا نعيد ترتيب أولوياتنا مرة أخرى، فمع إغلاق المدارس ومكوث الأطفال في المنزل استطعنا استغلال الوقت في توطيد العلاقة الأسرية عن طريق ممارسة أنشطة جماعية، مثل الألعاب أو الرياضة أو الطهي، وهذه الأنشطة قربتنا اكثر من بعضنا".

النجار: الامتنان والاعتراف بالألم يجعلان الحياة أفضل

أكدت المدربة في مجال تطوير الذات مي غانم النجار أن "من المهم جدا التواصل مع الشعور بالألم وعدم الهروب منه أو تجنبه، فمن المهم الاعتراف بوجود الألم، والحزن، والاكتئاب، والضيق، والشعور بانعدام الحرية، لذا علينا الجلوس مع الشعور نفسه وإعطاؤه حقه من خلال عدم الهروب منه باللجوء إلى مشاهدة التلفاز أو متابعة السوشيال ميديا أو أي أمر آخر يلهينا، لذلك ينبغي الجلوس قليلا مع هذا الشعور والإحساس الذي ينتابنا، وبالإمكان البكاء لإخراج هذه المشاعر، وبعدها ننتقل إلى المرحلة الثانية، وهي كيف نشفى منها".

وتابعت النجار: "من ناحيتي أحب الذهاب إلى عمق السبب الرئيسي وراء هذا الشعور، فعلى سبيل المثال لو كنت أشعر بالضيق بسبب انعدام الحرية وقت الحظر، وهذا الشعور يختلف من شخص لآخر، مما يمنعني من السفر، ويجعلني أشعر بالاختناق والضيق بأنني مقيدة، ولا أمتلك الحرية، فإنني أستوعب هذا الشعور لأنه كان موجودا لدي منذ الطفولة، وهو شيء ليس جديدا، لذا أي شيء نستشعره ليس بجديد علينا، بل بدأ في السنوات السبع الأولى من أعمارنا، لذا أتطرق لمعالجته".

وحول كيفية التعامل مع هذا الأمر يوميا، أوضحت أنه "من المهم أن يصبح عند أي شخص روتين أو برنامج معين يمارسه ويفيده، خصوصا من لا يذهبون إلى عملهم أنصحهم بممارسة الرياضة وإن كانت بسيطة، والتأمل في الطبيعة والمشي حفاة القدمين على رمال البحر، والتواصل مع الطبيعة إلى جانب التنفس العميق من البطن عن طريق عدة دورات خاصة بالتنفس، مما يساعدهم بشكل كبير على الراحة والهدوء النفسي".

وأضافت أن من أفضل أنواع التأمل هو تأمل القلبين التوأمين، الذي يساعد على التخلص من الكثير من المشاعر والأفكار السلبية، وعمل "التوكيدات" وقوتها التي تساعد على التحفيز وتجاوز المصاعب لتحقيق النجاح، وممارسة الامتنان عن طريق الكتابة اليومية، فالامتنان عاطفة قوية تساهم بشكل كبير ومباشر في التغلب على مشاعر الاكتئاب وجعل الحياة أفضل.

«كورونا» فرض سطوة «التباعد» وعدّل سلوكيات المجتمعات بهدف احتواء التداعيات الخطيرة

أزمة الوباء انعكست سلباً على نفسيات الكثيرين بسبب الضغوط وعدم تكيفهم مع الوضع

غرست في نفوس أبنائي خلال الجائحة الاهتمام بكبار السن والمرضى إدريس

تعرفت على نفسي وأسرتي بشكل أفضل وأصبحت أكثر هدوءاً العلي

التركيز على الأولويات وتطبيقها في الحياة والمعيشة العوضي

التعامل مع سلبية الوباء يبدأ من الإدارة الذكية للأمور العطار

استغلال وقت الفراغ للقيام بهوايات يعزز الطاقة الإيجابية القلاف

الإيجابية مثل العدوى نستطيع أن ننقلها لغيرنا بفعل الخير فهد
back to top