الحلول المتاحة لمجموعة العشرين

نشر في 19-11-2020
آخر تحديث 19-11-2020 | 00:00
في أعقاب الأزمة المالية العالمية لعام 2008، أظهرت مجموعة العشرين ما يمكن للاقتصادات الرائدة في العالم تحقيقه عندما تتصرف وفقا للمصالح المشتركة، وفي القمة الافتراضية لهذا الشهر يتعين على القادة الحاليين لمجموعة العشرين الاستجابة لتحد أكبر، ولديهم كل الحوافز للقيام بذلك.
 بروجيكت سنديكيت قد يشهد العالم قريباً صفقة القرن، حيث سيعقد قادة مجموعة العشرين الذين يمثلون أكبر اقتصادات العالم لقاءً لمناقشة أزمة وباء كوفيد19 هذا الشهر في قمة افتراضية، حيث ستُتاح لهم الفرصة لتأمين عائد استثماري من شأنه أن يُثير إعجاب المستثمر الأسطوري وارن بافيت. ومع تخصيص أقل من عُشر نقطة مئوية واحدة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، يمكن للمجتمع الدولي توسيع نطاق الوصول إلى الاختبارات والعلاجات واللقاحات المنقذة للحياة (بمجرد توافرها) لمكافحة فيروس كوفيد19، وبالتالي وضع الاقتصاد العالمي على مسار النمو والاستقرار على المدى الطويل.

إن الاستثمار اليوم لضمان تطوير التشخيصات والأدوية العلاجية واللقاحات الفعالة وتوزيعها على الناس في جميع أنحاء العالم ليس العمل الصائب الذي يتعين القيام به فحسب؛ بل أيضا خطوة ذكية ينبغي اتخاذها، إذ تحث المصلحة الذاتية المُستمدة من الحاجة إلى دعم الطلب المستقبلي على السلع والخدمات من أجل انتعاش التجارة العالمية والنمو، ويجب أن يكون هذا قراراً سهلاً لقادة مجموعة العشرين.

وفي حال فشل صناع السياسات في إدراك العائدات المعروضة إليكم الحقائق: خلال الثمانينيات والتسعينيات، بلغ متوسط النمو الاقتصادي السنوي للاقتصاد العالمي نحو 3.3 في المئة، وارتفع هذا المعدل حيث بلغ 3.7 في المئة خلال العقدين الماضيين بفضل صعود الصين ودول أخرى في مجموعة البريكس (والتي تضم البرازيل وروسيا والهند)، ومع ذلك وفي العشرينيات والثلاثينيات من القرن الحالي سيكون النمو مدفوعا بمجموعة جديدة من البلدان ذات الدخل المنخفض في الغالب والتي تسعى جاهدة إلى صعود السلم للوصول إلى فئة الدخل المتوسط والعالي.

في عام 2005، قمتُ أنا وزملائي في بنك غولدمان ساكس بتحديد مجموعة من البلدان التي يمكن أن تصبح اقتصادات ذات أهمية عالمية في القرن الحادي والعشرين، وأطلقنا على هذه المجموعة اسم "البلدان الأحد عشر" (N-11) وهي: بنغلاديش ومصر وإندونيسيا وإيران والمكسيك ونيجيريا وباكستان والفلبين وكوريا الجنوبية وتركيا وفيتنام.

ومع إجمالي ناتج محلي يبلغ نحو 6.5 تريليونات دولار- أكثر من ضعف الناتج المحلي الإجمالي للهند– تُعد دول (N-11) بالفعل ذات أهمية كبيرة بالنسبة إلينا جميعا في الاقتصاد العالمي، وعلاوة على ذلك كما تُظهر أحدث التوقعات، إذا فشلت هذه البلدان الصاعدة في تحقيق مشاريعها، فإن متوسط معدل النمو العالمي السنوي سيبدأ بالتراجع إلى نطاق 3.3 في المئة، ومع استمرار جائحة كوفيد19 في تعطيل أداء هذه الاقتصادات الرئيسة، أصبحت هذه النتيجة غير المرغوب فيها أكثر احتمالاً.

في الواقع، لقد وصلنا إلى نقطة تحول، حيث يتعين على مجموعة العشرين اتخاذ إجراءات سريعة لضمان وصول جميع البلدان إلى الأدوات الطبية والموارد الأخرى اللازمة لمواجهة الوباء والقضاء عليه في أقرب وقت ممكن، فحكومات الدول الأعضاء في مجموعة العشرين فقط لديها القدرة على تنفيذ الحلول بالحجم الذي يتطلبه الوضع الحالي.

ولحسن الحظ، هناك بالفعل طريق واضح لإحراز التقدم، حيث تُوفر آلية تسريع الوصول إلى أدوات كوفيد19 "آكت"(ACT)، التي تم إطلاقها في أبريل الماضي، خريطة طريق لإنهاء الأزمة من خلال التعاون العالمي، وفي غضون ستة أشهر فقط وصل شركاء إلى أدوات كوفيد19 بتجميع أكبر مجموعة في العالم من اللقاحات والاختبارات والعلاجات المُرشحة، بالإضافة إلى تطوير نظام المشتريات المُسبقة لتوجيه هذه العناصر الحيوية نحو الأماكن حيث تشتد الحاجة إليها.

ولكن للاستمرار في إجراء الفحوصات الطبية السريعة وتقييم العلاجات الجديدة وضمان الوصول إلى اللقاحات بمجرد ترخيصها، سيحتاج برنامج مُسرّع "آكت" إلى إجمالي 38 مليار دولار، بما في ذلك 4.5 مليارات دولار بشكل عاجل.

إن خطوة الاستثمار لسد فجوات التمويل هذه هي من أكثر الخطوات إلحاحا واجهتها في حياتي المهنية. لقد أنفقت دول مجموعة العشرين بالفعل أكثر من 12 تريليون دولار للتخفيف من تداعيات الوباء، وبالمقارنة مع هذا المبلغ، فإن الأموال المطلوبة لضمان عمل برنامج مُسرّع "آكت" ضئيلة جداً، إذ يُقدر صندوق النقد الدولي أنه في حال توفير الإمدادات الطبية لمكافحة الوباء بشكل أسرع وعلى نطاق أوسع من التوقعات الأساسية للصندوق، فإن الزيادة التراكمية الناتجة في الدخل العالمي ستصل إلى ما يقرب من 9 تريليونات دولار بحلول نهاية عام 2025. وفيما يتعلق بالبلدان المتقدمة، لا ينبغي أن يكون هذا خيارا، ويمكن لقادة مجموعة العشرين إما العمل اليوم على تعزيز النمو في اقتصادات الغد، أو عدم فعل أي شيء إزاء تقلص أسواق صادراتهم، مما يجعلهم أكثر اعتمادا على نموهم المحلي البطيء.

بعبارة أخرى، تُعد مصالح دول مجموعة العشرين وبقية العالم متوافقة بشكل مباشر، فالتداعيات الحقيقية لهذا الوباء واضحة للغاية. على سبيل المثال، في أغسطس الماضي، قدر المجلس العالمي للسفر والسياحة أن الانخفاض في عدد الزوار العالميين إلى المملكة المتحدة سيكلف الاقتصاد 22 مليار جنيه إسترليني (29 مليار دولار) هذا العام.

في ظل هذه الظروف ينبغي أن نُدرك جميعا أن جائحة كوفيد19 هي أزمة اقتصادية وبشرية وإنمائية لا يمكن وقفها إلا من خلال معالجة السبب الرئيس، وإذا خصصت دول مجموعة العشرين 1 في المئة فقط من إنفاقها التحفيزي الحالي على الجهود المبذولة للتخفيف من العواقب الاقتصادية للوباء على مستوى العالم، فإنها ستغطي أكثر من احتياجات برنامج تسريع إتاحة أدوات مكافحة مرض كوفيد19.

وفي أعقاب الأزمة المالية العالمية لعام 2008، أظهرت مجموعة العشرين ما يمكن للاقتصادات الرائدة في العالم تحقيقه عندما تتصرف وفقا للمصالح المشتركة، وفي القمة الافتراضية لهذا الشهر يتعين على القادة الحاليين لمجموعة العشرين الاستجابة لتحد أكبر، ولديهم كل الحوافز للقيام بذلك.

* الرئيس السابق لإدارة الأصول في بنك غولدمان ساكس ووزير الخزانة البريطاني السابق، ورئيس «تشاتام هاوس».

«جيم أونيل»

back to top