إنهم يتشدقون بالثقافة!

نشر في 10-11-2020
آخر تحديث 10-11-2020 | 00:20
 د.نجم عبدالكريم تبارك الخلاق، الرؤوف بعباده العصاة... لا إله إلا هو، الذي لا يغيِّر ما بقوم حتى يغيِّروا ما بأنفسهم.

• بعد حوار عنيف مع مجموعة من المهاجرين إلى أوروبا، فرضت هذه المقالة نفسها... ويا لنا من بشر قد حق علينا القول، لأننا نحمل الفجور والتقوى، وكثيرون منا يستطيبون ما يزينه لهم الشيطان، فيتبعونه "صُمٌ"، "بُكمٌ"، "عُميٌ"، لا يرجعون ولا ينصاعون لما أمرهم به الحق جلَّت قدرته.

• فبمجرَّد أن يخرج أحدهم عن دائرة بيئته التي نشأ فيها، حتى يبدأ يماري ويداهن ويشكك وينجرف في تيارات لا حصر لها ولا نهاية... ولا يقوده ذلك إلا إلى تلاطم عباب أمواجه تؤدي به إلى تيه سحيق لا قرار له.

فيعجبون أيما إعجاب بوثنية الحضارات القديمة، بالإغريق، زاعمين لأنفسهم أنهم عرفوا السر الأعظم، وأنه يكمن في "جوبوتير"، و"ڤينوس"، و"زيوس"، ويكونون قبل ذلك قد أوجدوا البدائل بـ"إيزيس" و"أوزوريس"، ثم يتشدقون بإعجاب كاذب بسر الكون من خلال أسطورة الطوفان في "جلجامش"، ويلجأون باحثين في كتب حكماء الهند في البوذية والمجوسية الزرداشتية الفارسية، ويحيدون تماماً عن كتاب الله... وإن أخذوا به، فإن أذهانهم تتفتق عن تفسيرات يظنون بها أنهم العلماء الجهابذة، وهم لا يفقهون من علمه شيئاً.

***

• ويقولون ويرددون بزهوٍ كاذبٍ وإعجابٍ الخرافات والأساطير، بل أخذوا ينهلون من علومٍ تفتق عنها الذهن الإنساني، لكنهم أضفوا عليها صفة القداسة.

وما أكثر أولئك الذين عبروا سبل الحياة بآراء ونظريات ظهروا بها... فمنذ حركات الوثنية الأولى، التي لا يتسع المجال لذكرها، مروراً بتفاخرهم بإلحادهم وتشدقهم بمعرفة فلسفة كيرت جارت مؤسس الوجودية، ومن تبعه، كسارتر وهيدجر، وتفسيراتهم المتشعبة لماركس ونظريته الاجتماعية والاقتصادية التي جعلت بعضهم يؤمن بأن هذا الموروث الفلسفي يحمل الحل البديل لقضية الإنسان فوق هذا الكوكب... هذا إلى جانب تلك الحركات الإلحادية التي أخذت تفتُّ في عضد الإيمان في نفوس أُناسٍ تنكروا لفطرتهم:

ولكن هيهات هيهات... فالله جل وتبارك يمنحنا الحياة، ويبلونا، ليرى أينا أحسن عملاً.

***

• بعد أن أبليت بلاءً حسناً مع مجموعة من هؤلاء الذين ينكرون عليَّ – وفق قولهم – كمثقف وأتمسَّك بهذه الأفكار، وحدثتهم عن قواعد العلة والمعلول والسبب والمسبب والبعرة التي تدل على البعير، كانت ترتسم على وجوههم ابتسامة السخرية من رجلٍ ثمانيني وهو يتحمس لدعوتهم إلى الإيمان، وازدادت سخريتهم أكثر عندما قلت لهم: "إذا أنكرتم وجود الله بألسنتكم، فإن نبضات قلوبكم تعلن إيمانكم بدقاتها".

back to top