نساء مستشرقات!

نشر في 03-11-2020
آخر تحديث 03-11-2020 | 00:19
 د.نجم عبدالكريم كثيراً ما يتبادر إلى الأذهان أن حركة الاستشراق إنما اقتصرت على الرجال دون النساء، ولا شك في أنه من النادر أن نعرف أن من بين أكثر من 1700 مستشرق يوجد 17 سيدة من المستشرقات فقط، وسوف أسلط ومضات من الضوء اليوم على اثنتين منهن.

• ماريا ناللينو، التي ولدت عام 1908، وهي ابنة المستشرق الإيطالي المعروف كارلو ناللينو، وهو أستاذ التاريخ في الدراسات الإسلامية بجامعة روما، والذي توفي عام 1938.

في هذه البيئة العلمية، وتحت رعاية هذا الأب المشبع بالدراسات الاستشراقية ترعرعت ماريا، واتخذت طريقها لتحتل مكانة مرموقة في دنيا الاستشراق، ولتجعل من الدين الإسلامي منطلقاً حضارياً ربانياً لكل أطروحاتها... وقد اختيرت عام 1956 عضواً مراسلاً لمجمع اللغة العربية في القاهرة... ومن أهم أبحاثها: الدراسات العربية في إسبانيا، نُشر عام 1933، وحققت رسائل عربية عن "ﭼنوا" سنة 1946، وأصدرت سنة 1950 كتاباً عن الإسلام والأقليات الإسلامية، أقتبس سطوراً مما كتبته ماريا، حيث تقول: "إن سنة النشوء والارتقاء... تفترض تطوير الحياة ولكن المسلمين خاضوا في مختلف مجالات العلوم منطلقين بإيمانهم بحقيقة الديانة الإسلامية، التي تدعو الناس إلى التفكر في ملكوت الله، فالإسلام دينٌ يحث على العلم والإيجابية والسعي دائماً وراء الحقيقة... كما كان نبي الإسلام يقول للمسلمين (اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد)".

هكذا كانت ترى ماريا دين الله دين الحق دين الإسلام، وليس كما شبهه رئيس فرنسا بالدين المأزوم.

***

• أما المستشرقة ڤيرجينيا فاكا فقد أصدرت 25 بحثاً عن العرب والمسلمين، أهمها جميعاً أربعة أبحاث، اثنان منها عن فلسطين واليهود... وبحث آخر عن آيات القرآن، وبحث عن المظهر السياسي والاجتماعي للمسلم.

• تقول فيرجينيا في بحثها عن فلسطين: "إن اليهود لم يجدوا في أي مكان ذهبوا إليه عقيدة أكثر سماحة لهم من عقيدة الإسلام، ولا قلوباً أرحم من قلوب المسلمين... وتاريخنا الأوروبي يعج بالروح العدوانية ضد اليهود، مما جعلهم يعانون من الاضطهاد في بلادنا... بيد أن تاريخ فلسطين يؤكد أن سكانها الأصليين من القبائل العربية سابق على اليهود، ولكنهم شاركوهم في الإقامة على امتداد التاريخ وحتى يومنا هذا دون أن تصدر من العرب أي نزعة عنصرية ضد اليهود، ولولا أحداث 1948 والتآمر العالمي الذي مهد له مؤتمر الصهاينة الأول في ﭙازل 1897 لما سمعنا عما يحدث الآن من مشاحنات بين العرب واليهود... إني كأوروبية أعلن لجميع أبناء جلدتي أن قضية فلسطين هي قضية سياسية محضة، بل هي جريمة كبرى في هذا العصر أكثر منها دينية أو تاريخية".

***

• هذه لمحات من سطور جئت عليها لمستشرقات أوروبيات لترد على الأصوات النكراء التي أخذت تتطاول على الإسلام ونبيه ورموزه لأولئك الذين يزايدون من أجل مكتسبات انتخابية دون إدراك لما ستُحدثه هذه الكراهية بين المسلمين ومن يناصبونهم هذه الدعوات العنصرية.

back to top