«الرسومات المسيئة» تزيد التأزم بين فرنسا وتركيا

الاتحاد الأوروبي يتضامن مع ماكرون... وإردوغان يجدد الإهانة: مهووس بي ليلاً ونهاراً

نشر في 26-10-2020
آخر تحديث 26-10-2020 | 00:05
يمنيون يطلون سياراتهم باللون الأخضر خلال فعاليات احتجاجية ضد فرنسا في صنعاء (أ ف ب)
يمنيون يطلون سياراتهم باللون الأخضر خلال فعاليات احتجاجية ضد فرنسا في صنعاء (أ ف ب)
بينما تتواجه باريس وأنقرة في عدد من الملفات، بدءاً بالتوتر في شرق المتوسط، والنزاع في ليبيا وسورية، وصولا إلى النزاع في إقليم ناغورني كاراباخ، تسببت أزمة إعادة نشر الرسوم المسيئة في تأزم الأوضاع، خصوصا بعد أن اتخذت هجمات الرئيس التركي على نظيره الفرنسي طابعا شخصيا.
بعد إدانة مختلف دول العالم الجريمة المروعة التي وقعت الأسبوع الماضي في فرنسا، وراح ضحيتها مدرس ذبحا على يد شاب لاجئ من أصول شيشانية، بسبب نشره خلال حصة تعليمية رسما كاريكاتوريا مسيئا للنبي محمد (عليه الصلاة والسلام)، تصاعدت حدة التوتر بين أنقرة وباريس لليوم الثاني على التوالي، إذ أعربت باريس أمس عن امتعاضها من الموقف التركي، معتبرة أن أنقرة تؤجج خطاب الكراهية، في أعقاب تصريحات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، التي هاجم فيها نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، والتي كررها أمس.

وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية، أمس، أن «سلوك تركيا إزاء فرنسا غير مقبول، لاسيما أنه يأتي من بلد حليف»، مضيفة أن «تركيا لم تبد أي تنديد أو تضامن بعد العملية الإرهابية في كونفلان سانت أونورين، وفوق ذلك، أضافت أنقرة منذ أيام دعاية حاقدة ضد فرنسا، تدل على إرادة في بث الكراهية ضدنا وبيننا، وشتائم مباشرة ضد رئيس الجمهورية تم التعبير عنها في أعلى مستوى للدولة التركية»، وتابعت: «إن سفيرنا في تركيا تم استدعاؤه، نتيجة لذلك، ووصل إلى باريس للتشاور».

لودريان

وكان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أكد، في بيان أمس، أن «تركيا تقوم بالترويج للكراهية والإشاعات ضد فرنسا، في حملة تهدف الى تأجيج الكراهية حتى داخل فرنسا»، معتبرا أن «التصرف التركي الأخير غير مقبول من بلد حليف».

وفي وقت سابق، أعلن مسؤول في الرئاسة الفرنسية، طلب عدم كشف اسمه، أن «تصريحات الرئيس إردوغان غير مقبولة، وتصعيد اللهجة والبذاءة لا يمثلان نهجا للتعامل، ونطلب من إردوغان أن يغير مسار سياسته، لأنها خطيرة على كل الصعد، ولن ندخل في سجالات عقيمة ولا نقبل الشتائم»، لافتا إلى «غياب رسائل التعزية والمساندة من الرئيس التركي عقب اغتيال صامويل باتي»، قرب مدرسته في الضاحية الباريسية.

إردوغان

ويأتي هذا البيان بعد اتهام الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس الأول، فرنسا بأنها «تقف عموما وراء الكوارث والاحتلال في أذربيجان»، متسائلا: «ما مشكلة المدعو ماكرون مع الإسلام؟»، وتوقع ألا يحقق الرئيس الفرنسي نتائج جيدة في الانتخابات الرئاسية عام 2022، قائلا: «يحتاج ماكرون إلى علاج نفسي واختبار قواه العقلية».

كما عاد إردوغان وجدد دعوته أمس لماكرون إلى فحص صحته العقلية، وقال إن «ماكرون مهووس بإردوغان ليل نهار، لذا عليه حقا الخضوع لفحوص» لصحته العقلية.

الاتحاد الأوروبي

وفي بروكسل، كتب وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، في تغريدة أمس، ان «تصريحات الرئيس رجب طيب إردوغان ضد الرئيس إيمانويل ماكرون غير مقبولة»، داعيا تركيا «إلى وقف دوامة المواجهة الخطيرة هذه».

لوبن

وفي موقف لافت، كتبت زعيمة حزب التجمع الوطني المتشدد مارين لوبن، أمس، على «تويتر»، أن «إردوغان اختار عدم تقديم التعازي بعد قطع رأس المدرس، وفضل إهانة جسيمة لرئيس الجمهورية، بينما فرنسا في حداد»، معتبرة أن «استدعاء سفيرنا من أنقرة كان حتميا، ويجب الترحيب به».

ورغم أن إدارة ماكرون استخدمت لغة متشددة، واصفة الهجوم بأنه «إرهاب إسلامي»، في عبارة كانت تثير حساسية قبل سنوات قليلة، ولاقت إدانة من شيخ الأزهر، دعت لوبن، التي قد تواجه ماكرون في انتخابات 2022 الرئاسية، إلى سن «قانون حرب»، وتعليق الهجرة فورا.

وقال مراقبون إن إشادة لوبن بماكرون‬، من خلال الترحيب بسحب السفير من ‫تركيا‬، ليست بالضرورة رسالة مطمئنة للرئيس الفرنسي، وستزيد الاتهامات له بأنه يميل باتجاه اليمين، مضيفين انه من ناحية أخرى تطهر قدرة ماكرون على جمع خطابي اليمين واليسار، كما هو يجمع التيارين فعلا في حكومته، وهذا يقوي موقفه في «رئاسية ٢٠٢٢»، وربما يجعل مهمة هزيمته مستحيلة.

وارتفع منسوب التوتر على المستوى السياسي أيضا، مع إعلان ماكرون «خطة عمل» ضد «الكيانات والجمعيات أو الأشخاص المقربين من الدوائر المتطرفة»، والذين ينشرون الدعوات للكراهية.

ووصف ماكرون الإسلام هذا الشهر بأنه ديانة تعيش «أزمة» حول العالم، مشيرا إلى أن الحكومة ستقدم مشروع قانون في ديسمبر لتشديد قانون صدر عام 1905، يفصل رسميا بين الكنيسة والدولة في فرنسا، كما أعلن تشديد الرقابة على المدارس، وتعزيز الرقابة على التمويل الخارجي للمساجد.

وتطور النقاش حول الإسلام بفرنسا في أعقاب قتل المدرس باتي على يد الشاب الشيشاني الذي يبلغ 18 عاما، والذي كان على تواصل مع «جهادي» في سورية، حسبما ذكر المحققون.

تظاهرات في سورية

ومع تزايد الدعوات الى مقاطعة البضائع الفرنسية في الشرق الأوسط، في إطار ردود فعل غاضبة على تصريحات ماكرون، شهدت مناطق شمال وشرق سورية الخاضعة لسيطرة «قوات سورية الديمقراطية» (قسد) وفصائل المعارضة السورية الموالية لتركيا، تظاهرات أمس، ضد ماكرون، أصيب خلالها عدد من المدنيين برصاص «قسد».

وخرجت تظاهرات في بلدات غرانيج والعزبة ومعيزيله والبصيرة والشحيل والكشكية بريف دير الزور الشرقي الخاضعة لسيطرة «قسد»، ورفع خلالها المتظاهرون لافتات منددة بالرئيس الفرنسي، وقاموا بإحراق العلم الفرنسي. وأفاد مصدر طبي في غرانيج بأن 3 أصيبوا برصاص عناصر «قسد».

«داعش»

ونشرت مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلات مصورة وصورا لتظاهرات ضد فرنسا في مدينة رأس العين (سري كانيه) في شمال شرقي سورية، رُفع خلالها علم تنظيم داعش.

تظاهرة في إسرائيل

ومساء أمس الأول، تظاهر نحو 200 شخص أمام مقر إقامة سفير فرنسا في إسرائيل، للتنديد بموقف الرئيس الفرنسي، الذي أحرقت صوره في غزة، واتهم المتظاهرون الرئيس الفرنسي بلعب دور اليمين المتطرف وإهانة الإسلام.

لوبن تشيد بماكرون... ولودريان يتهم تركيا بالترويج للكراهية داخل فرنسا
back to top