الانتخابات والانتهاكات

نشر في 23-10-2020
آخر تحديث 23-10-2020 | 00:20
 أ.د. غانم النجار منذ دخول وباء كورونا على الخط، صارت الانتخابات تتم في ظروف استثنائية. منذ بداية ٢٠٢٠ وحتى بدايات أكتوبر قام بالتصويت أكثر من ١٨٦ مليون ناخب في ٦٥ دولة بانتخابات متنوعة سواء برلمانية أو رئاسية أو استفتائية أو غير ذلك. إلا أن الكثير من الملاحظات شابت تلك الانتخابات بسبب الإجراءات الاستثنائية التي طبقتها عدة دول سواء الدكتاتورية منها أو الراسخة ديمقراطياً. ومن الملاحظ أيضاً أن العديد من الدول اختارت طريق تأجيل الانتخابات خشية استفحال الوباء، خاصة أن بعض الدول ليست لديها بنية تحتية تكنولوجية أو قاعدة بيانات جيدة، إذ إنهم مازالوا يستخدمون "تحبير" الأصابع للتأكد من هوية الناخب وعدم تكراره التصويت. الإجراءات الاستثنائية التي قامت بها العديد من الدول طالت حقوقاً أساسية، كما أشار مؤشر "مشروع سيادة القانون" لسنة ٢٠٢٠، والذي رصد تراجعاً ملحوظاً بذلك الأمر في كل بقعة من بقاع العالم دون استثناء الدول "الراسخة" ديمقراطياً. اتضح أن الحقوق الضائعة بحجة الظروف الاستثنائية، تمحورت حول حرية التعبير والحصول على المعلومات، وحرية الحركة والتنقل، والحق في الخصوصية، وحرية التجمع، والحق في الانتخاب، وأن يتم انتخابك.

بطبيعة الحال فإن القانون الدولي لحقوق الإنسان نظم في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في مادته الرابعة أو التفسير المرفق، كيفية تعامل الحكومات مع الظروف الاستثنائية للوباء، دون الانتقاص من حقوق الناس الأساسية، وعدم التنازل عن مجموعة من تلك الحقوق بصرف النظر عن الحالة السائدة استثنائية كانت أم عادية، مثل الحق في الحياة والحق في عدم التعرض للتعذيب والعقوبات المهينة والقاسية والحاطة بالكرامة، والحق في عدم التعرض للعبودية، والحق في حرية التفكير والضمير والدين، والحق في عدم تطبيق عقوبات على الإنسان بأثر رجعي.

وبالتالي فإن كان لابد من إعلان حالة الطوارئ لأسباب قهرية كالوباء مثلاً، وكما جاء في مذكرة المؤسسة الدولية لأنظمة الانتخابات فإنه لابد من توافر ضمانات أخرى مثل الشفافية والعلنية في التطبيق، وعدم استمرارية الإجراءات بعد انتهاء الأزمة، وألا تكون الإجراءات تمييزية، وأن تكون متناسبة مع الفعل.

الملاحظ أن المخالفات تكاد تكون متكررة والانتهاكات فادحة، كما قامت بعض الحكومات بإعلانها الاستمرار في تطبيق تلك الإجراءات حتى بعد انقضاء الأزمة، وهو مؤشر ينبئ بأوضاع قادمة أصعب مما هو حاصل على الإنسان وكرامته.

الانتخابات التي تمت منذ يونيو تم الإبلاغ عن العديد من التجاوزات فيها، تحول بعضها إلى أحداث دراماتيكية مثل قرغيزستان وبيلاروسيا وغيرهما، كما أنه من المثار أن تشهد الانتخابات الأميركية القادمة بعد أيام قليلة الكثير من الأحداث غير المعتادة، فماذا عن انتخاباتنا هنا في الخامس من ديسمبر، والتي سنتناولها لاحقاً؟

back to top