لبنان: «خيانة جماعية» تدفع مصطفى أديب للاعتذار عن عدم «التشكيل»

• باريس لن تيأس... وميشال عون ونبيه بري متمسكان بمبادرتها
• سمير جعجع يهنئ... وسعد الحريري: سيندمون

نشر في 27-09-2020
آخر تحديث 27-09-2020 | 00:05
رئيس الجمهورية ميشال عون مستقبلاً الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة مصطفى أديب في القصر الجمهوري أمس (ا ف ب)
رئيس الجمهورية ميشال عون مستقبلاً الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة مصطفى أديب في القصر الجمهوري أمس (ا ف ب)
عقب جهود استمرت قرابة شهر، أعلن رئيس الوزراء اللبناني المكلف مصطفى أديب انسحابه من مهمة تشكيل الحكومة، ما يوجه ضربة لمبادرة فرنسية تهدف إلى دفع زعماء لبنان للتكاتف كي تخرج البلاد من أسوأ أزماتها، وكان آخرها الانفجار الهائل الذي وقع في مرفأ بيروت في 4 أغسطس الماضي ودمّر مساحة واسعة من العاصمة.
بعد خمسة لقاءات لم يرشح عنها إلا التريّث بانتظار المزيد من المشاورات، جاء اللقاء السادس بين رئيس الجمهورية ميشال عون، والرئيس المكلّف تشكيل الحكومة مصطفى أديب حاسماً ليرمي الأخير الكرة في ملعب التيارات والأحزاب السياسية ويعتذر عن عدم تشكيل الحكومة. وأتى اعتذار أديب بعد ساعات قليلة من اللقاء "الفاشل" الذي جمعه بالمعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي لأمين عام "حزب الله" حسين خليل مساء أمس الأول، إذ أبلغ "الخليلان" الرئيس المكلف إصرار "الثنائي الشيعي" على تسمية "شيعي" لوزارة المال إضافة إلى مطالبتهما بالمعرفة سابقاً بالحقائب التي ستؤول إلى الشيعة وهو ما اصطدم برفض أديب لهذا الطرح، ودفعه إلى اتخاذ قراره بالاعتذار.

وبعد خطوة أديب بات لبنان مفتوحاً على كل الاحتمالات وكلها صعبة إذا لم تكن مستحيلة وقد تسرع بذهاب لبنان باتجاه الفوضى والانهيار. وقالت مصادر سياسية متابعة، إنه "بعد اعتذار أديب هناك احتمال بإعلان السقوط الكامل للمبادرة الفرنسية أو الجزئي وفي الحالتين سيعيد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حساباته قبل معاودة السعي لتكليف بديل لأديب أو تجميد مبادرته".

وتساءلت: "هل سيتم انعاش المبادرة الفرنسية ووفق أي شروط، وسط التباين المحلي الكبير في تفسيرها؟".

إلا أن مصادر مقربة من الرئيس الفرنسي أشارت لوكالة "رويترز"، أمس، إلى أن "فرنسا لن تخذل لبنان، وأن اعتذار أديب عن عدم تشكيل الحكومة انتكاسة لكننا لن نيأس"، لافتة إلى أن "اعتذار أديب يعني أن الأحزاب السياسية في لبنان ارتكبت خيانة جماعية".

أديب

وفند أديب بعد لقائه الرئيس عون الأسباب التي دفعته إلى الاعتذار. وقال: "عند وصول المجهود لتشكيل الحكومة إلى مراحله الأخيرة، تبين أن هذا التوافق الذي على أساسه قبلت بهذه المهمة الوطنية في هذا الظرف الصعب من تاريخ لبنان لم يعد قائماً"، معتبراً أن "تشكيلة بالمواصفات التي وضعتها باتت محكومة سلفاً بالفشل، وحرصاً مني على الوحدة الوطنية بدستوريتها وميثاقيتها، اعتذر عن عدم متابعة مهمة تشكيل الحكومة".

عون يقبل الاعتذار

وبعيد خروج أديب من قصر بعبدا، أعلن الرئيس عون أن "المبادرة الفرنسية لا تزال مستمرة وتلقى مني كل الدعم وفق الأسس التي أعلنها الرئيس الفرنسي". وقال: "أبلغت أديب قبولي الاعتذار وسأتخذ الإجراءات المناسبة وفقاً لأحكام الدستور". ومن المتوقع أن يدعو الرئيس عون إلى استشارات نيابية لتسمية رئيس مكلف لكن الدستور اللبناني لا يحدد مهلة زمنية لذلك.

من جهته، اعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري، أمس، "أن لا أحد متمسك بالمبادرة الفرنسية بقدر تمسكنا بها وفقاً لمضمونها ولكن هناك من أغرقها فيما يخالف كل الأصول المتبعة".

الحريري: الخراب

وبينما أكد زعيم تيار "المستقبل" رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، أنّ "المبادرة الفرنسية لم تسقط، بل سقط النهج الذي يقود لبنان إلى الخراب"، شدد بيان صادر عن الأخير على أن "الإصرار على إبقاء لبنان رهينة أجندات خارجية بات أمراً يفوق طاقتنا على تدوير الزوايا وتقديم التضحيات".

واعتبر الحريري أنّ "اللبنانيين يضعون اعتذار أديب في خانة المعرقلين الذي لم تعد هناك حاجة لتسميتهم، وقد كشفوا عن أنفسهم في الداخل والخارج".

وختم: "نقول إلى أولئك الذين يصفقون اليوم لسقوط مبادرة الرئيس ماكرون، إنكم ستعضون أصابعكم ندماً لخسارة صديق من أنبل الاصدقاء ولهدر فرصة استثنائية سيكون من الصعب أن تتكرر لوقف الانهيار الاقتصادي ووضع البلاد على سكة الإصلاح المطلوب".

رؤساء الحكومة السابقون

وأسف رؤساء الحكومة السابقون، نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام، "أن يصار ‏إلى الالتفاف على الفرصة التي أتيحت للبنان ومن ثم إلى إجهاض جميع تلك الجهود ".

وأشاروا في بيان صادر عنهم، أمس، إلى أنه "أصبح واضحاً أنّ الأطراف المسيطرة على السلطة لا تزال في حالة إنكار شديد ورفض لإدراك حجم المخاطر الرهيبة التي أصبح يتعرض لها لبنان، بالتالي هي امتنعت عن تسهيل مهمة ومساعي الرئيس المكلف، مما أدى إلى إفشالها".

تهنئة جعجع

واعتبر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع في بيان، أمس، أنه "من الآن وصاعداً، لا يمكن التفكير بتشكيل أي حكومة إلا انطلاقاً من الأسس التي اعتذر الرئيس أديب بسببها، تهاني الحارة للرئيس أديب، ولو لم نكن قد سميناه، لأنه أول مسؤول لبناني يستقيل عندما لا يتمكن من أن يترجم قناعاته".

كما شدد رئيس تيار "المردة" الوزير السابق سليمان فرنجية، أمس، على أنه "من الضروري إنعاش المبادرة الفرنسية، برئيس وفاقي بالبلد لأن أي رئيس طرف لن يسير بلبنان إلى الأفضل"، داعياً إلى الإسراع "بتكليف رئيس يشكل حكومة وفاق وطني تنقذ لبنان مما هو فيه".

قرقاش

وعلّق وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش على قرار أديب بالاعتذار. وقال في "تغريدة"، أمس: "لا يستوي منطق الدولة ومؤسساتها وكفاءتها مع منطق الميليشيات ومصالحها، درس عربي يتكرر".

الدولار في السوق السوداء نار

ما إن أعلن رئيس الحكومة المكلّف مصطفى أديب اعتذاره عن عدم تشكيل الحكومة، حتى ارتفع نشاط السوق السوداء للدولار بشكل لافت، لاسيما لجهة الطلب. وفي رد فعل أولى على فشل المساعي لتشكيل حكومة، سجل سعر صرف الدولار ارتفاعاً ملحوظاً وغير منتظم، إذ تجاوز خلال ساعات قليلة مستوى 8500 ليرة للدولار كمتوسط أسعار، في حين شارف في بعض المناطق على بلوغ 9000 ليرة.

ويأتي ذلك بعد الاستقرار الذي شهده دولار السوق السوداء على مدى الأسابيع الماضية في حيت تراوح بين 7000 و7500 ليرة للدولار الواحد. كما كان لافتاً إغلاق العديد من الصرّافين أبواب محالّهم تزامناً مع نشاط السوق السوداء، لجهة شراء الدولار، في إشارة إلى توقّعات بمزيد من الارتفاعات في الأيام المقبلة.

back to top