سدانيات: أم عُمر المدرسة والمجتمع!

نشر في 21-08-2020
آخر تحديث 21-08-2020 | 00:05
 محمد السداني قد ترى الموضوع غريبا وأنا أهم لأكتب مقالا عن زوجتي، في هذا المجتمع العربي الجاف القاحل مشاعر وإحساسات تجد الرجال حيارى في هذا الجانب الذي يستعصي عليهم كهجمة في معركة ليلية لا يُعرف مصيرها، لم تكشف أزمة كورونا فساد الدولة والغسيل المعلق– على الحبل– كما يقول الإخوة المصريون! ولم تكشف «كورونا» مكامن الفساد والتنفيع والفوضى في مؤسسات الدولة شرقا وغربا فحسب، لقد كشفت «كورونا» عن شيء جميل رغم قبح ما فعلت بنا من تباعد وحجر وحظر مبرر وغير مبرر!

إن أجمل ما قدَّمته لي أزمة كورونا أنني ازددت قربا من هذه السيدة العظيمة، التي جعلت من أزمة ضربت الدنيا ثورة من النشاط بين أبنائها، فتارة تعلّم وتارة تحفّظ قرآناً، وتارة تمارس معهم كل أنواع الرياضة واللعب، لم تكن هذه المرأة صنع مصادفة ولا اعتباطا كونيا لا مُفسر له، وهذا ما جعلني أتأملها وهي تتنقل بين أبنائها وتحاول ألا يقف الزمن عندهم مهما وقفت الدنيا ومهما تجمد الكون، أتأمل هذه الروح التي تهتم بكل صغيرة وكبيرة في قضايا الأمة والبلاد والعباد وكأنها تأبى إلا أن تكون مجتمعا كاملا لا تقبل نصفه مهما حدث.

وهنا أقف لأستعيد دعوات المجتمع في تعزيز الثقافة ونشر الوعي وتعزيز الأخلاق، وأرى أن كل دعوة بعيدة عن بناء المرأة بناء صحيحا سليما هي دعوة فارغة المحتوى لا قيمة لها، إن المجتمعات التي تريد أن تكون متقدمة أخلاقيا وقيميا لا بد لها أن توجد عنصر النهضة ومفتاح التقدم وهو المرأة، المرأة التي تربي وتحتوي وتراقب وتقوم وتعلم أجيال المجتمع التي سيعتمد عليها فيما بعد، والدور الحقيقي الذي يجب على الكثير منا أن يعززه هو صناعة القدوات الحقيقية، القدوات الفاعلة المؤثرة في نفوس الناس والصغار والكبار بطريقة إيجابية بنّاءة تهتم للجوهر لا المنظر، لا تغريها قشور الحياة الزائفة ولا شكليات المجتمع العديمة القيمة، إني وأنا أشاهد هذه الزوجة أتذكر أمّاً لها بهذا الأسلوب، وأتذكر جدة– رحمها الله– كانت تمارس ما مارسته الحفيدة، فكل هذه النتائج وهذه الانتصارات كانت بسبب أم عظيمة ربت وأنشأت وتابعت واهتمت بأبنائها، فكانوا على الطريق الذي رسمته لهم لا يحيدون ولا يميلون.

إن صناعة أم مثقفة واعية متعلمة أفضل من بناء ألف جامعة وألف مدرسة، فكلما شاهدت خللا في أي ناحية من وطنك علمت أن هناك أسرة أهملت تربية ابن أو بنت، وأن بذرة أي مجتمع صالح هي أم صالحة وأب كريم يحترم المرأة ويقدرها، ويؤمن أن الأسرة مسؤولية مشتركة؛ لكي نبني مجتمعا صالحا.

خارج النص:

- قالوا قديما أن المعارضة أوقفت التنمية، وها هي المعارضة بين طريد وشريد، فما أخبار التنمية؟ هل تحركت أم أنها ذهبت مع الريح؟

- هناك علاقة عكسية بين الترقية والشجاعة، فكلما ترقى أحدهم أصبح جباناً أكثر وخصوصا في مكان أعرفه جيداً.

- «من يشرح الدرس» مقالي القادم موجه لمعالي الوزير.

back to top