الناخبون الأميركيون أمام فرصة استبدال حزب مقاتل بآخر يحكم!

نشر في 20-08-2020
آخر تحديث 20-08-2020 | 00:00
 الغارديان بينما تستعد الولايات المتحدة لعقد مؤتمرات طرح المرشحين للرئاسة، فلا بد من فهم حقيقة الاختلاف بين الحزبَين السياسيَين الأميركيَين في هذه المرحلة من التاريخ.

بدل أن تكون المواجهة بين "اليسار" و"اليمين"، يمكن أن نقول إننا أمام نوعَين مختلفَين من الكفاءات. الحزب الديمقراطي يجيد حُكم البلد ويرتكز عمله على تطوير سياسات عامة وتنفيذها، أما الحزب الجمهوري، فقد أصبح طرفاً هجومياً ويقتصر عمله على توجيه انتقادات سياسية لاذعة، فالديمقراطيون يشرّعون والجمهوريون يستنكرون!

نظرياً، تتطلب السياسة التحلي بالصفتَين معاً، أي حكم البلد والقتال لبلوغ السلطة والاحتفاظ بها، لكن الخلل اليوم يكمن في عجز الجمهوريين عن الحُكم وعجز الديمقراطيين عن القتال.

لا يجيد الجمهوريون حُكم البلد بأي شكل، بل يتوقون بكل بساطة إلى تطوير سياسات عامة أو إدارة الحكومة، حتى أنهم يعجزون عن التوافق حول أسسٍ بسيطة مثل كيفية التعامل مع الوباء المستجد أو اختيار خطة بديلة عن برنامج "أوباما كير" للرعاية الصحية.

في المقابل، يبرع الحزب الديمقراطي في إدارة الحُكم، فيُصمّم السياسات ويتحكم بالنظام القائم، إذ يُخصّص الديمقراطيون، بعد وصولهم إلى السلطة، ساعات لا تُعدّ ولا تُحصى لتصميم المبادرات التشريعية والتنظيمية ويتعاملون مع عدد هائل من المستشارين الاقتصاديين والسياسيين ويطرحون برامج وخططاً وأهدافاً كثيرة.

لكن الديمقراطيين يفشلون في القتال السياسي دوماً، فتطرح حملاتهم الرئاسية سياسات كثيرة لكنها تفتقر إلى الشغف والحماسة بشكل عام، فقد كان ترشّح هيلاري كلينتون للرئاسة في 2016 عبارة عن لائحة طويلة من الاقتراحات المفصّلة، لذا يشعر الديمقراطيون بالذهول حين يعمد خصومهم الجمهوريون إلى السخرية منهم علناً عبر استعمال الأكاذيب والعبارات الغاضبة والهجوم الشخصي.

نتيجةً لذلك، ينجح الحزب البارع في مهاجمة الآخرين في الفوز بالانتخابات ويضطر لحكم البلد مع أنه لا يجيد إتمام هذه المهمة، ففي 2016 فاز الجمهوريون بالرئاسة الأميركية وسيطروا في الوقت نفسه على مجلسَي الكونغرس ومعظم الولايات، وفي المقابل بدأ الحزب البارع في الحُكم يخسر الانتخابات في مناسبات متكررة، فاضطر للانتقال إلى معسكر المعارضة ومهاجمة السلطة مع أنه لا يجيد تأدية هذا الدور.

يعرف الديمقراطيون ما يجب فعله للتعامل مع فيروس كورونا لكنهم يفتقرون إلى القوة اللازمة لتفعيل استراتيجية وطنية عامة.

لقد أصبح هذا الخلل واضحاً جداً وقاتلاً في ظل حالة الطوارئ الوطنية التي يشهدها البلد راهناً، وقد حوّل ترامب والجمهوريون في مجلس الشيوخ الوباء المستجد والتراجع الاقتصادي إلى كوارث أميركية بمعنى الكلمة، فهم يعجزون عن تنفيذ استراتيجيات مناسبة للتعامل مع هذه المشاكل ويميلون بطبيعتهم إلى مهاجمة الجميع: الصين، والديمقراطيون، والمسؤولون في قطاع الصحة العامة، والمحتجون، و"الكسالى" الذين لا يعملون.

في المقابل، يعرف الديمقراطيون ما يجب فعله، فقد مرّر مجلس النواب قانوناً شاملاً حول فيروس كورونا في شهر مايو الماضي، وأثبت عدد كبير من حكّام الولايات الديمقراطيين براعتهم في مناسبات كثيرة، لكنهم يفتقرون إلى النفوذ الكافي لتطبيق استراتيجية وطنية.

قد يتغير هذا الوضع كله خلال بضعة أشهر، حين يحصل الأميركيون على فرصة استبدال الحزب الفاشل في الحُكم بالحزب المنافس له، ففي النهاية، ينشط جو بايدن في عالم السياسة منذ نصف قرن تقريباً.

لا شك أن ترامب وأعضاء الحزب الجمهوري سيبذلون قصارى جهدهم لتحقيق أهدافهم، فقد سبق أن أطلقوا حملات هجومية طائشة ومفرطة، فهذا ما يجيدون فعله أصلاً.

لكنّ أهم سؤال يُخيّم على أجواء الانتخابات المرتقبة هو: هل يستطيع الديمقراطيون استجماع قوتهم للتصدي للهجوم المتوقع ضدهم؟ كان اختيار بايدن لكمالا هاريس نائبةً له مناسباً جداً، فبالإضافة إلى مزاياها الأخرى هي مقاتلة شرسة!

* «روبرت ريتش »

back to top