الطعون الانتخابية في زمن «كورونا»

نشر في 10-06-2020
آخر تحديث 10-06-2020 | 00:20
 أ.د. غانم النجار تقدم ثمانية مواطنين بالطعن على كشوف الناخبين، بموجب نشرها بالجريدة الرسمية في ١٠ مارس ٢٠٢٠، والطعون المقدمة تشمل الدوائر الخمس، كما أنها تطالب بإلغاء كل القيود الانتخابية، بسبب ما استشعروه من تضارب في الكشوفات.

وقد طالب الطاعنون بمعلومات أساسية من وزارة الداخلية وهيئة المعلومات المدنية والتسجيل من المخافر ومطابقتها مع ما نشر في الجريدة الرسمية في ١٠ مارس ٢٠٢٠. وفي تقديري أنهم لم يفعلوا ذلك إلا بسبب ترهل النظام الانتخابي الذي يحتاج إلى إصلاحات رئيسة، لضمان كفاءته.

ففي فبراير من كل سنة يتم تسجيل الناخبين، مع أن المفروض أن يكون التسجيل تلقائياً.

بدأت الحكومة لأول مرة نشر القيود الانتخابية في انتخابات ١٩٨١، التي كانت تستهدف تنقيح الدستور. بعد أربع سنوات (١٩٧٦ - ١٩٨٠) من غياب البرلمان ومحاولات غير ناجحة لتنقيح الدستور، قررت الحكومة تعديل الدستور من خلال المجلس وإجراء انتخابات، ولكن بتغيير عدد الدوائر الانتخابية من ١٠ إلى ٢٥، والإصرار على نشر كشوفات أسماء الناخبين للمرة الأولى، منعاً للنقل الذي قد تقوم به أطراف معارضة.

برزت إشكالية أخرى عندما أقرت حقوق المرأة السياسية في مايو ٢٠٠٥، حيث لم تكن النساء مقيدات في الكشوف الانتخابية، وجاءت بشكل مفاجئ انتخابات تكميلية للمجلس البلدي لتولي رئيس المجلس البلدي حقيبة وزارية وخلو مقعده، فكان أن تم إدراج كل النساء المؤهلات بالكشوف الانتخابية، وكانت تلك سابقة تسجيل جماعي لناخبين جدد في غير فبراير.

مكونات النظام الانتخابي عديدة، أهمها الدوائر الانتخابية، والقيد الانتخابي، وعملية الاقتراع وسلامتها وأمنها، وتمويل الحملات، والإشراف على العملية الانتخابية، وإعلان النتائج، واستقبال الطعون وبتها. أغلب تلك المكونات تتم بإشراف وزارة الداخلية، وهو أمر غير مقبول، إذ لابد من إيجاد هيئة مستقلة للانتخابات. ومن المفيد أن تتطور تلك الهيئة لتصبح مسؤولة عن كل أنواع الانتخابات في الفضاء العام، كالجمعية التعاونية والنفع العام والنادي الرياضي وغيرها.

من المفارقات الأخرى وجود محرومين من المشاركة الانتخابية، فمثلاً لا يسمح للعسكريين المنتسبين للجيش والشرطة بالمشاركة، بينما يسمح للحرس الوطني، أمر غير مفهوم، كما يمنع الشباب دون الـ٢١ سنة، وحتى وقت قريب، كانت مشاركة المرأة محظورة.

هناك طبعاً بعض الأمور الإيجابية، كمنع الإعلانات المزعجة بالشوارع والاستعاضة عنها بلوحات جامعة في كل جمعية تعاونية، وابتعاد المقار والخيم عن موقع الاقتراع، ولكنها غير مؤثرة في الانتخابات بشكل مباشر، كما أن الانتخابات في الكويت هي من أكثرها أمناً.

إلا أن الملاحظ أن المحاولات الحكومية لإحداث تغييرات في النظام الانتخابي لمصلحتها لم تتوقف، كما حدث للدوائر الانتخابية من ١٠ إلى ٢٥ إلى ٥ بتركيبتين مختلفتين إلى الصوت الواحد (الذي تم استيراده من الأردن وتراجع عنه لاحقاً).

تلك المحاولات أدت ضمن تدخلات أخرى، بعضها مباشر وبعضها غير مباشر، إلى تراجع الثقة بالمؤسسة التشريعية، والحالة السياسية برمتها. بطبيعة الحال، النظام الانتخابي هو جزء من كل، أو عود من عرض حزمة، كما يقال، مرتبط بميزان القوى في المجتمع.

الحل الأمثل للانتخابات هو أن تصبح شأناً عاماً، بإدارة غير حكومية، تديرها هيئة عامة مستقلة. هذا هو الحد الأدنى لإصلاح الانتخابات، وإلا، فإن الانتخابات ستستمر، كحدث مثير، ضمن تفاعل اجتماعي سياسي، يطلقون عليه عادة "العرس الانتخابي"، والذي عادة ما ينتهي بالطلاق.

back to top