نجاة الصغيرة... صوت الحب (14-15)

سر غضب نزار قباني من محمد عبدالوهاب بعد غناء نجاة الصغيرة «أسألك الرحيلا»

نشر في 29-05-2020
آخر تحديث 29-05-2020 | 00:04
دخلت نجاة في عزلة اختيارية بعد وفاة شقيقتها سعاد حسني، وتوارت عن الظهور الإعلامي، وامتنعت عن الرد على شائعات وأقاويل حول علاقتها بالسندريلا، واستعادت «عصفورة الغناء» ذاكرة معاركها الفنية، وانتفضت غضباً من مسلسل «السندريلا» عام 2006، واعترضت على الكثير من المشاهد، واعتبرتها مسيئة لها ولأسرتها، ورفعت دعوى قضائية لمنعه من العرض، وتتابعت الأحداث.
نزعت نجاة الأقنعة عن الكثير من المغالطات التي تداولها البعض عن حياتها الخاصة، عندما حرَّكت دعوى قضائية ضد مسلسل «السندريلا»، بعد سنوات طويلة من الصمت، شملتها خلالها شائعات حول علاقتها بأفراد أسرتها وزملائها في الوسط الفني، واعترضت صاحبة الدعوى على إظهارها كسيدة تتلاعب بالقلوب، وتسبب الآلام للآخرين، واعتبرت العمل الدرامي إساءة بالغة لتاريخها الفني.

سجلت المطربة المصرية في مذكرة الدعوى، استياءها مما ورد في بعض حلقات مسلسل «السندريلا»، ومن أبرزها مشاهد الحلقة السادسة التي تناولت حكاية قصيدة «أيظن» التي أهداها نزار قباني لنجاة، وقد قرأها لها، فكيف ذلك والقصيدة أتت لها عن طريق البريد، وحينئذ كان قباني سفيراً لبلده في اليابان، وأكدت المطربة أن أخطر الإساءات تجسدت في المشهد 24 من الحلقة الثانية عشرة، ويحتوي على خادم يفتح الباب وكامل الشناوي يدخل في ثقة باتجاه «الهول» متعدد الأركان من دون استئذان، ولكنه يتسمر في مكانه ذاهلاً، وقد فوجئ أن المطربة جالسة مع رجل أنيق يمسك يدها وينظر إليها بإعجاب، وهذا المشهد يسند إلى «صاحبة الدعوى» أفعالاً تمس سمعتها، وتشوه صورتها أمام جمهورها ومحبيها.

وسبق للمطربة أن واجهت هذا الاتهام في أزمتها مع الصحافي مصطفى أمين، ورفضت المحكمة دعواها ضد صديق كامل الشناوي، لأنه لم يصرح باسمها في مقاله، بينما المسلسل يجسد شخصيات حقيقية بأسمائها، وأفسح مجالاً لتفاصيل حياة نجاة وشقيقتها سعاد حسني، ويسرد حكاية عيد الميلاد المتطابقة مع رواية أمين، والتي نفتها نفياً قاطعاً، وقالت إن الشناوي كان بمنزلة الأب والصديق، وتكن له مشاعر التقدير والاحترام.

اقرأ أيضا

واعترضت نجاة على السياق الدرامي للمسلسل، والتحول من سرد قصة السندريلا إلى توجيه إساءات متعمدة إليها، وتحريف بعض الوقائع، وفي الحلقة المذكورة يظهر الشناوي بعد عودته من حفل عيد الميلاد، وكتابته لقصيدة «لا تكذبي» بينما ذكرت المطربة في مذكرة الدعوى أن القصيدة كُتبت على لسان رجل، وقام الموسيقار محمد عبدالوهاب بتلحينها وغنائها، وبعدها طلب شراءها منتج فيلم «الشموع السوداء» وغنتها نجاة، بما ينفي أنها بطلة هذه القصيدة، وقالت إن ما ورد بشأن هذه القصيدة في سيناريو «السندريلا» شكَّل إساءة بالغة لها.

وكشف الصحافي العباس السكري عن قصة «لا تكذبي» الحقيقية، بقوله: «تبقى قصيدة (لا تكذبي) في حياتها الأغنية الأهم، الجمهور يحب سماعها من نجاة الصغيرة لا عبدالوهاب، ربما يكمن السر في ذلك حول ما أشيع عن حب كامل الشناوي الشديد لها، وما كتبه الأستاذ مصطفى أمين تحت عنوان (مَنْ قتل كامل الشناوي؟) وأثار المقال ضجة كبيرة وقتئذ، لكن ما يمكن ذكره هنا ما ورد بينهما في برنامج (ليالي الشرق)، ففي إحدى سهرات البرنامج طلبت نجاة أن تحاور الشاعر العاشق الكبير، وبمجرد أن قالت له: (ممكن أسألك سؤال؟)، رد عليها: (بالطبع... أنا أحبك إذا تكلمتِ أو تغنيتِ أو سألتِ)، فسألته نجاة: (أنت بتحب تسمع لا تكذبي بصوت مين) وجاوبها الشاعر: (أحبها بصوت عبدالوهاب الموسيقار الذي أبدع لحنها، خصوصاً وهو يدندن بها على العود)، فصمتت نجاة، فقال لها كامل: (أعتقد أن رأيك من رأيي)، والمفارقة أن هناك الكثيرين يؤكدون أن كامل الشناوي كتب (لا تكذبي) في نجاة الصغيرة”.

وتتابعت انتقادات مسلسل «السندريلا» ودخلت بطلته الفنانة منى زكي في اختبار صعب، ومقارنتها بسعاد حسني، وأيضاً المطربة غادة رجب في دور «نجاة»، ورغم ذلك نال العمل الدرامي نسبة مشاهدة عالية، ودافع مؤلفه الراحل ممدوح الليثي عن تناوله الدرامي لشخصية السندريلا، وأنه يقدم رؤية فنية لأحداث حقيقية، ولكنه أصبح في مرمى الاتهام بالإساءة إلى الشقيقتين.

العصفورة السجينة

منذ سنوات كشفت نجاة عن 3 أزمات واجهتها في حياتها، وذلك في حوار صحافي نشر في 17 أبريل عام 1967، واعترفت أنها مُنعت من التعليم في طفولتها، وتعلمت القراءة والكتابة في المنزل، وبعد سنوات تعلمت اللغة الإنكليزية في مدرسة خاصة، والعقدة الثانية حرمانها من اللهو واللعب مثل أقرانها، ودخولها عالم الغناء مبكراً، وعلى الرغم من ذلك وجدت سعادتها في الفن، عندما أحاطتها هالة من الضوء، وصارت المطربة الصغيرة التي يصفق لها الجمهور، وكانت العقدة الثالثة إخفاق زيجتيها الأولى والثانية، وبعدها كرَّست حياتها الخاصة لابنها الوحيد «وليد»، واكتفت بنشاطها الفني في مواجهة عواصف الأقاويل والشائعات.

وبحسب الكاتبة رحاب خالد: «عندما وُلدت نجاة الصغيرة في قلب القاهرة، في منزل متواضع في حي عابدين، وكان والدها محمد حسني البابا خطاطاً بارعاً، نال شهرة واسعة، غير أنه كان رقيق الحال، وكانت أمها مغلوبة على أمرها، والجو العائلي مشحون بالمشاكل. تم طلاق والدتها وهي في سن الرابعة من عمرها، فعاشت مع والدها منزوية معظم الوقت خوفاً من تسلطه، وكانت سلوتها الوحيدة الغناء، فكانت تغرد مثل عصفورة محبوسة في قفص، تقلد عبدالوهاب وأم كلثوم في صوت طفولي عذب، وعندما وصل صوتها إلى والدها أسرع بها إلى المسارح ومتعهدي حفلات الغناء لاستغلالها، فلم تذهب إلى المدرسة مثل أقرانها، ومن حفلة إلى أخرى انطلقت وراء والدها لتقلد أم كلثوم التي حفظت أغانيها عن ظهر قلب، وقلدتها في حركاتها وخلجاتها وانتزعت تصفيق الجمهور وإعجابه».

11 فيلماً في 28 عاماً

1- «هدية» إخرج محمود ذوالفقار (1947)

2- «الكل يغني» إخراج عزالدين ذوالفقار (1947)

3- «محسوب العائلة» إخراج عبدالفتاح حسن (1950)

4- «بنت البلد» إخراج حسن الصيفي (1954)

5- «غريبة» إخراج أحمد بدرخان (1958)

6- «الشموع السوداء» إخراج عزالدين ذوالفقار (1962)

7- «القاهرة في الليل» إخراج محمد سالم (1963)

8- «شاطئ المرح» إخراج حسام الدين مصطفى (1967)

9- «7 أيام في الجنة» إخراج فطين عبدالوهاب (1969)

10- «ابنتي العزيزة» إخراج حلمي رفلة (1971)

11- «جفت الدموع» إخراج حلمي رفلة (1975)

أسألك الرحيلا

وظلت نجاة حاضرة بتألقها الفني عبر أكثر من 6 عقود، وفي تلك الرحلة عصفت بها الأنواء، وفقدت الكثيرين من أساتذتها ومستشاريها وزملاء جيلها، فقد ترك رحيل الموسيقار محمود عبدالوهاب فراغاً فنياً هائلاً في مسيرة القيثارة، وأطلق عليها «السكون الصاخب»، وأن صوتها يدخل القلوب من دون استئذان، وكانت المطربة الأكثر شدواً بألحانه، ولم ينافسها في ذلك سوى المطرب عبدالحليم حافظ.

وقد امتدت العلاقة الفنية بين نجاة وعبدالوهاب حتى رحيله في عام 1991، وتنوعت بين القصائد والأغاني لعدد كبير من الشعراء، منهم نزار قباني، وكامل الشناوي، وحسين السيد، ومرسي جميل عزيز وغيرهم، وضم ألبومها الغنائي «لا تكذبي»، و«أيظن»، و«متى ستعرف»، و«شكل تاني»، و«ساكن قصادي»، و«دوبنا يا حبايبنا»، و«مرسال الهوى» وغيرها.

وتربعت المطربة الرقيقة على عرش ألحان موسيقار الأجيال، حتى آخر لقاء بينهما في قصيدة «أسالك الرحيلا» لنزار قباني، وسبق أن غنت له «أيظن»، و«متى ستعرف كم أهواك يا رجلاً»، و«ماذا أقول له؟»، ونجحت كلها باستثناء الأخيرة، ووقتها غضب نزار قباني، وقال إن «أسألك الرحيلا وُلدت ميتة، كيف يطرح عبدالوهاب الأغنية في أثناء حرب الخليج والعالم كله مشغول بالحرب، كيف يغفل هذا وهو أستاذ التوقيت، ولماذا وضع لحنها الآن، وهي عنده منذ فترة»، وحزن نزار لعدم نجاح آخر لقاء مع عصفورة الغناء وموسيقار الأجيال، وتقول كلماتها:

لخير هذا الحب يا حبيبي وخيرنا

أسالك الرحيلا

بحق ما لدينا من ذكرى غالية كانت على كلينا

بحق حب رائع ما زال مرسوماً بمقلتينا

ما زال منقوشاً على يدينا

بحق ما كتبته إليّ من رسائل

وحبك الباقي على شعري على أناملي

بحق ذكرياتنا وحبنا الجميل وابتسامنا

بحق أحلى قصة للحب في زماننا

أسألك الرحيلا

لنفترق أحباباً فالطير كل موسم تفارق الهضابا

والشمس يا حبيبي تكون أحلى عندما تحاول الغيابا

كن في حياتي الشك والعتابا

كن مرة أسطورة كن مرة سرابا

كن سؤالاً في فمي لا يعرف الجوابا

من أجل حب رائع يسكن منا القلب والأهدابا

وكي أكون دائماً جميلة

وكي تكون أكثر اقترابا

أسألك الذهابا

انزع حبيبي معطف السفر

وابق معي حتي نهايات العمر

فما أنا مجنونة كي أوقف القضاء والقدر

وما أنا مجنونة كي أطفئ القمر

ماذا أنا لو أنت لا تحبني

ما الليل ما النهار ما النجوم ما السهر

ستصبح الأيام لا طعم لها

وتصبح الحقول لها لون لها

وتصبح الأشكال لا شكل لها

ويصبح الربيع مستحيلا

والعمر مستحيلا

ابق حبيبي دائماً كي يورق الشجر

ابق حبيبي دائماً كي يهطل المطر

ابق حبيبي دائماً كي تطلع الوردة من قلب حجر

لا تكترث بكل ما أقول يا حبيبي

في زمن الوحدة أو وقت الضجر

وابق معي إذا أنا سألتك الرحيلاَ

لغز اختفاء اسم نجاة من «تترات» أفلامها الأولى

دخلت نجاة الصغيرة عالم التمثيل قبل احترافها الغناء، وظهرت «الطفلة المعجزة» في ثلاثة أفلام من دون كتابة اسمها في «التترات»، وهي فيلم «هدية» للمخرج محمود ذوالفقار، و«الكل يغني» للمخرج عزالدين ذوالفقار عام 1947، و«محسوب العائلة» عام 1950 للمخرج عبدالفتاح حسن، وأرجع البعض أن تشابه اسمها مع المطربة الكبيرة نجاة علي، جعلها تظهر في هذه الأفلام من دون اسم، ولكنها بعد ذلك خطفت الأضواء، وقامت بأول بطولة سينمائية لها في فيلم «بنت البلد» عام 1954 للمخرج حسن الصيفي، واشتهرت باسم «نجاة الصغيرة» تمييزاً لها عن المطربة الأخرى.

بدوره، يقول الناقد الفني محمود قاسم: «لم يرد اسم نجاة ضمن (كاست) أفلامها الثلاثة، ويبدو أنها لعبت في هذه الأفلام أدواراً ثانوية، أقرب إلى أدوار الكومبارس، ولكن اسمها بدأ يدون مع فيلم (بنت البلد)، وكان أول الأسماء قبل استيفان روستي، وإسماعيل يس، وكيتي، ومع هذا فإن شهرتها كمطربة لم تقترب منها شهرتها كممثلة”.

ويرجع قاسم السبب إلى شهرة شقيقتها سعاد حسني كممثلة، التي وصلت إلى قمة القمة، ومن ثم فإن هذا الانصراف الجماهيري إلى تمثيل سعاد حسني أدى إلى إهمال تمثيل نجاة، لاعتماد نجاة على الغناء وتركيزها فيه، ما جعل صورتها في أذهان الجمهور أقرب إلى المطربة منها إلى الممثلة.

وخلال مشوارها مع التمثيل، قدمت 11 فيلما، كان آخرها «جفت الدموع» مع الفنان محمود ياسين، وقصة يوسف السباعي، وإخراج حلمي رفلة، وأيضاً شاركت في بطولة المسلسل الإذاعي «القيثارة الحزينة» مع الشاعر نزار قباني، وقدمت سهرة تلفزيونية واحدة هي «الدعاء».

البقية في الحلقة المقبلة

كامل الشناوي يواجه أصعب سؤال من مطربة «لا تكذبي»

«عصفورة الغناء» تكشف عن ثلاث أزمات في حياتها الخاصة

غادة رجب تتقمص شخصية «نجاة» من خيال المؤلف
back to top