الندرة الوهمية

نشر في 29-05-2020
آخر تحديث 29-05-2020 | 00:02
 عهود ياسر الجدي بعد تفشي فيروس «كوفيد- 19» حول العالم، وقيام حكومتنا الرشيدة باتخاذ إجراءات حازمة في مواجهة تداعيات هذه الجائحة بمساعدة الصفوف الأمامية وبالمشاركة المجتمعية من اللجان الخيرية وأفرادها التطوعية، وعلى الرغم من التصريحات الرسمية الصادرة من الجهات المختصة أن المخزون الاستراتيجي متين، وأن السلع والمواد التموينية والغذائية تغطي الاحتياج العام ولا داعي للخوف، فإن ظاهرة الهلع الشرائي تفشت في الأوساط وسلبت عقول البعض، وبدأت عقلية الندرة بالظهور بشكل لافت ومحط أنظار الجميع.

إن معظم الأشخاص ممن يتدافعون حول أرفف السلع والمنتجات الغذائية يندرجون تحت هذه العقلية التي تحدد بدورها طبيعة تصرفاتهم تجاه المواقف والأزمات المفاجئة؛ إذ إنهم يؤمنون بأن الخير محدود والفرص لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، وأن الوضع الحالي هو صراع وتنافس حول كمية المخزون الغذائي الأكبر لديه عن غيره، لذلك نجد أصحاب هذه العقلية في حالة قلق دائم وعدم طمأنينة ناتجة عن اعتقادهم بأن الخير لا يكفي الجميع، وأن الطعام إما أن يأكله وحده أو يأتي أحد غيره فيأكله.

هذه الندرة الوهمية التي تقبع في عقولهم وهذه الحيلة النفسية تعاكس أحد الأساليب النفسية في علم إدارة الأزمات التي يلجأ إليها متخذو القرار للتعامل والسيطرة مع الأحداث الطارئة وإفرازات الأزمات المفاجئة المصاحبة لنوبات الهلع لدى المواطنين، فيضطر متخذو القرار لخلق انطباع عام لدى المواطنين بوجود وفرة وهمية في المنتجات والسلع والمواد التموينية والغذائية بصورة تغطي الاحتياجات العامة.

لكن المفاجأة اليوم أن الآية انعكست، فبدلاً من أن يكون هناك وفرة وهمية من قبل متخذي القرار لطمأنة المواطنين، أصبح هناك ندرة وهمية من المواطنين وحالة هلع مستمرة بالرغم من وجود وفرة حقيقية، ومن هنا ندرك أن الإفرازات النفسية للأزمات أخطر بكثير من الأزمة ذاتها.

back to top