زيارات عائلية افتراضية وجلسات محاكمة عن بعد في سجن دبي

نشر في 22-05-2020 | 09:44
آخر تحديث 22-05-2020 | 09:44
سجن دبي
سجن دبي
خلف باب زجاجي عازل للصوت في غرفة صغيرة، يجلس أحد نزلاء سجن في دبي أمام شاشة حاسوب باسترخاء بينما يتّحدث مع شخص عبر تقنية الاتصال المرئي، بعدما تقرّر تعليق الزيارات بسبب فيروس كورونا المستجد.

في غرفة أخرى في المجمع ذاته الواقع في منطقة صحراوية في شرق الإمارة، يحضر أحد المتهمين جلسة محاكمة، بينما يخضع آخر لاستجواب من النيابة العامة عبر التقنية ذاتها.

والاستعانة بالاتصال المرئي عوضاً عن الزيارات العائلية أو حضور جلسات المحاكمة هي بين الإجراءات التي اتّخذتها السلطات في سجن دبي لمنع انتشار وباء «كوفيد-19» بين النزلاء، ما أدى إلى تغيير وتيرة حياتهم اليومية وحياة عناصر الأمن رأساً على عقب.

وقال مدير الإدارة العامة للمؤسسات العقابية والإصلاحية العميد علي محمد الشمالي لوكالة فرانس برس خلال جولة في مجمّع السجون «نحاول أن نلغي أي تواصل مباشر مع السجناء مستعينين بالتقنيات الحديثة».

وأضاف «النزيل نضمن سلامته، لكن الآتي من الخارج، كيف نضمن ألا يأتي بالفيروس معه؟».

وذكر أنّ أهالي النزلاء لم يتقبّلوا الأمر في البداية، لكن في وقت لاحق «أدركوا أنّ المسألة لمصلحتهم ومصلحة أبنائهم»، مشيراً إلى أن التحدث عبر الفيديو يتم من خلال موقع «سكايب بيزنس».

وسُجّلت في المجمع الذي يضم سجناً مركزياً ومجموعة سجون أخرى، إصابات «تعد على الأصابع» بين السجناء، لكنها كانت «معتدلة ولم تتطلّب سوى العزل والعلاج البسيط»، بحسب الشمالي، من دون أنّ يحدد العدد الفعلي لهؤلاء.

وأجرت إدارة المؤسسة العقابية، بالتعاون مع الجهات الصحية الرسمية، فحص فيروس كورونا المستجد لجميع السجناء والموظفين وعمّال المطابخ والمورّدين «من دون استثناء»، وفقاً للمسؤول ذاته، ولم تعد هناك «حالات نشطة» حالياً.

وتم تسجيل 26004 إصابة بالفيروس في الإمارات بينها 233 وفاة.

ومنذ بداية تفشي الفيروس، أصبح يتوجّب على جميع السجناء والموظفين وعناصر الأمن وضع الكمامة والقفازات طوال النهار، فيما قرّرت السلطات تخفيف الأعداد في صفوف التعليم وورش الحرف وإغلاق النادي الرياضي وحصر الحديث مع الأطباء بالاتصال المرئي.

وقال طبيب السجن بدر سلطان الذي ارتدى ملابس حماية بيضاء ووضع كمامة وقفازات «نسعى إلى تقليص العمل في كل شيء، لكن همّنا الأساسي أن نبقى نقدم الخدمات بالجودة ذاتها ولو عن بعد».

وكان طبيب متخصّص بالأمراض الجلدية يتحدّث من خلف مكتبه في عيادة داخل السجن مع أحد النزلاء، ويطلب منه أن يصف الحالة التي يعاني منها، ثم أبلغه أنه سيصف له العلاج المناسب بناءً على ما شاهده عبر الشاشة وما سمعه منه.

بينما كان طبيب نفسي في مكتب آخر يتحدث إلى سجين آخر عن «الضغوط اليومية» في زمن الفيروس، وبدت غرف الكشف الطبي في السجن التي تضم أسرّة، خالية تماماً.

ويخضع كل سجين جديد يصل إلى المكان لفحص فيروس كورونا المستجد، علماً أنه يكون قد خضع قبل ذلك لفحص مماثل في مركز الشرطة لدى توقيفه وفي مقر النيابة العامة قبل نقله إلى السجن.

وأوضح سلطان وهو يتحدث عند مدخل العيادات أمام جدار كتب عليه بالعربية والإنكليزية «هلا بالسعادة»، أنّ السجين يخضع للعزل لمدة 48 ساعة حتى صدور نتيجة الفحص.

وكانت السلطات في الإمارة عملت على تسريع إطلاق سراح مئات السجناء من خلال العفو عن البعض منهم أو دفع كفالة آخرين مع بدء انتشار وباء «كوفيد-19».

وقال الشمالي «هناك توجيهات بتحفيف العدد وإخراج نزلاء والإفراج والإبعاد، ومنذ بداية الأزمة وحتى اليوم، تراجعت الأعداد بنحو 30 إلى 35 بالمئة»، مفضّلا عدم الكشف عن العدد الحالي أو السابق.

وتابع «نسعى إلى تقليل الأعداد بشكل يومي، خصوصاً أصحاب القضايا البسيطة لا الجنائية».

في ورشة الحرف، توزع سبعة سجناء بين مجموعات من القباب والقناطر الكرتونية في أرجاء غرفة كبيرة وهم يعملون على صنع مجسّم لمسجد الشيخ زايد الواقع في أبوظبي من قطع من الكرتون.

ودخل العاملون على تصنيع المجسّم في اتصال مع مجموعة «غينيس» للأرقام القياسية لتقديمه كأكبر مجسّم كرتوني في العالم، لكن العمل تباطأ بشكل كبير في الشهرين الأخيرين بعدما تقلّصت أعداد السجناء المشاركين.

وقال أحد السجناء وهو المشرف على المشروع «جئت إلى هنا (الإمارات) في سنة 1999، وأحببت تصميم مسجد الشيخ زايد، فدرسته جيداً، ولذا كنت أطبّق ما أعرفه مع زملائي لبناء المجسم الضخم بحلول 2021».

وتابع «وضعنا فعلياً المشروع على جنب وقلّصنا عملنا بشكل كبير بعدما تقلّصت أعدادنا، السؤال الآن: ماذا أفعل في يومي وبناء المجسم كان يشغل كل وقتي؟».

back to top