ملكة الألقاب الإنسانية جداً... رغم تأخرها (10-15)

منى واصف: أَحبُّها إلى قلبي بنت الشام ولن يسرقها مني أحد

نشر في 22-05-2020
آخر تحديث 22-05-2020 | 00:03
المتابعون لشخصية القديرة منى واصف من خلال ما تتحدث به في حواراتها على الشاشة، يجد بالإضافة إلى المرأة القوية المجبولة بالكبرياء وعزة النفس والوطنية والثقافة؛ يجد المرأة والفنانة المتواضعة والبسيطة، والأم الحنونة التي تعطي بسخاء، وهي تتحدث بكل تواضع عن كل فترة عاشتها بحلوها ومرها، وعن سنوات الشقاء وسنوات المجد، عن النجاح وعن الفشل، ويبدو أن هذه الصفات التي تكونت منها تلك الشخصية جعلت منى واصف الأقرب إلى قلب محبيها، ولعلها أيضاً السر وراء نجاح تلك المرأة، متفوقة على الكثيرات من جيلها ومن أجيال لاحقة. ونحن في ضيافتها
لا يزال في جعبتنا الكثير من الأسئلة، ولكننا سنتوقف الآن عند الألقاب التي توجت بها الملكة.
عند سؤال مضيفتنا العزيزة عن أحب الألقاب إلى قلبها أجابت: بنت الشام أو الشامية... عندما ذهبت إلى الجزائر، وكُرمت في وهران في مهرجان السينما، وأعتبر هذا التكريم رائعاً جداً وعظيماً، قالوا: جاءت بنت الشام الى الجزائر. فأصبحت أيضا ابنة الجزائر.

أشعر بأن هذه الألقاب إنسانية جدا، إضافة إلى أنني لا أستجدي هذه الألقاب، ولن يسرقها أحد مني ولن أفكر في يوم من الأيام أن أكون مغرورة بها، فهي صفة إنسانية يطلقونها علي وأنا أحبها كثيرا.

عندما أسافر خارج سورية وألتقي بعائلة سورية في البلد الآخر يقولون لي: يا أهلا برائحة الشام. وأعتقد أنهم مغتربون عن الشام منذ فترة طويلة من الزمن... نعم، يقولون لي: بك الشام ورائحة الشام وطيبة الشام وعبق ياسمينة الشام. وكم أحب هذا الكلام، كما أحب الألقاب الشبيهة، ولكن هذا لا يعني أني أكره لقب الملكة، لا لا، أعوذ بالله، أنا بنفسي بقول من زمان وقلتلك أمي ماذا كانت تقول لي: أنت على المسرح ملكة. وأنا منذ كنت صغيرة كنت أحلم أن أكون ملكة وقائدة سرب سمك وفراشات، دائما كنت أشعر بأنني في المقدمة، وفي المقدمة دائما تكون القيادات الكبرى ومنهم الملوك، وهي صفة بالمعنى الجميل والحلو، أي عندما يريد الناس توصيف إنسان طيب جدا وأكابر جدا ومعطاء جدا ماذا يقولون عنه؟ أخلاق ملك، بمعناها الإنساني أكثر من معناها الطبقي، بس حلوة وستبقى حلوة.

كثيرة هي الألقاب التي أحبها، على الرغم من تأخرها كما يقول لي البعض، بعد عملي في المسرح العسكري وفيلم الرسالة ومسلسل أسعد الوراق وغيرها، حتى ظهر اسمي بشكل رئيسي. لقد كان يذكر اسمي قبل ذلك حسب الظهور في العمل، وأعتقد هذا الأمر أكسبني مناعة ضد ذلك فيما بعد، والمهم بالنسبة إلي هو فحوى العمل وماذا أمثل فيه وما البصمة التي سأتركها.

أعتقد أن لدي أكثر من 200 عمل في الإذاعة والسينما والتلفزيون، كما أخبروني فأنا لم أعد أعمالي، وصراحة لا أعرف كم عددها، وأعتقد أن اسمي ظهر كأول اسم فقط 20 أو 30 مرة، وأنا على يقين أن موقع الاسم في الظهور ليست له علاقة بشأن وقدرة وموقع الفنان، المهم ما الذي أقدمه وكيف ينظر الناس عموماً إلى عملي.

هجرة المسرح

• أنت تحبين المسرح كثيراً وتعتبرينه الأساس والقاعدة للفنان التي يؤسس عليها مستقبله في التمثيل، وقد كان لك احتكاك مع المسرح العربي والتجربة المسرحية فيه، فكيف تقرأ منى واصف هذا المسرح؟

يمكن أن أتحدث عن المسرح العربي لأنني اقتربت وتعرفت على عدد من المسارح العربية من خلال مهرجان دمشق المسرحي، وهو أول مهرجان مسرحي من نوعه. وعرفت من خلاله التطورات التي مر بها المسرح في الوطن العربي من مسرح عراقي ومصري ولبناني ومغربي وجزائري وإماراتي وغيرها. والمسرح بشكل عام كان في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي شيئاً متميزاً في الوطن العربي، إلا أن الكثير من الممثلين والكتاب هجروا المسرح باتجاه التلفزيون الأكثر ربحا وشهرة، بالإضافة إلى عدد من الأزمات التي مسّت بعض الدول والشعوب العربية، مما انعكس سلبا على المسرح العربي. فحقاً المسرح العربي في تراجع ولكن لا ينتهي، لأن المسرح متعلق بالكلمة، والكلمة ستبقى موجودة حتى نهاية البشرية.

• اعتبر الكثير من المهتمين بالحركة المسرحية دورك في مسرحية "موليير دون جون" بمثابة بداية عهد جديد للمسرح السوري، بل يرى آخرون أن هذا العهد ميزه منهاج منى واصف... ما رأيك؟!

أنا لست إلا ممثلة مجتهدة، وحقيقة الأمر أن المسرح القومي هو الذي أسس لمنهج ترسيخ الثقافة العربية السورية بكل تلك الأعمال المسرحية التي قدمها، وكنت ممثلة ليس إلاّ.

• تجمعك علاقة طيبة بالجزائر، حتى أنك زرتها أكثر من مرة، فما السر في ذلك؟

- الجزائر بالنسبة لي هي رمز البطولة منذ مراهقتي، فقد كتبت عن جميلة بوحيرد وأنا في الإعدادية، وأنا لا أعرفها ولم أشاهد حتى صورتها، وإنما تخيّلتها كبطلة شقراء شبيهة بـ"جان دارك"، لأني كنت شاهدت الفيلم الإنكليزي "جان دارك". وكنا في سورية إبان الثورة الجزائرية ننشد النشيد الجزائري بعد النشيد السوري في المدارس، ربما كنّا البلد الوحيد ولست متأكدة من هذا. الوعي العربي والقومي تشكل فيّ وأنا مراهقة، والمراهقة فترة حساسة لتشكيل شخصية الإنسان، فأنا تشكلت في هذا العمر، والجزائر رمز. وزيارتي للجزائر أول مرة كانت حلما وتحقق.

وأوجه تحية للمرأة الجزائرية التي إن قلنا مليون ونصف مليون شهيد فيعني مليون ونصف مليون أرملة وثكلى وامرأة صابرة، فالمرأة الجزائرية امرأة قوية. وأنوّه بالعمل السوري - الجزائري المشترك، هو شيء مهم حصل وسيحصل. وأشكر الجزائر على هذه الاستضافة الطويلة لي، وعلى كل التكريمات، فقد كرمت من السينما والمسرح والتلفزيون والأدباء الجزائريين، شكرا على كل شيء.

أوراق الزمن المر

نتابع مع الأعمال الدرامية للفنانة واصف، فقد شاركت عام 1996 في "مسلسل أوراق الزمن المر" بدور وصال، والمسلسل من إخراج: نجدت إسماعيل أنزور، حيث تدور احداثه حول الدكتور خليل (أنطوان كرباج) وزوجته السيدة وصال (منى واصف) وابنتهما راغدة (المطربة اللبنانية جوليا بطرس التي يعتبر المسلسل أول مشاركة لها في التمثيل). عرف الدكتور خليل بحبه الكبير للمال والسلطة إلى حد الجشع، ساعيا بكل الوسائل للاستيلاء على ممتلكات وأراضي أهالي قريته، ومنهم المحامي وحيد (عمار شلق)، إذ تسبب الدكتور خليل بمقتل أخيه وجنون أمه. وعند تعرف راغدة بوحيد تتعرف على حقيقة والدها وتنشأ بينهما علاقة حب، حيث تتوالى أحداث المسلسل لتكتشف راغدة وجود أخت لها من أبيها، وينتهي المسلسل بمقتل وحيد.

وشارك في العمل أيضاً: عماد فريد، ونزيه قطان، ومجدي مشموشي، وبيار داغر، وفراس إبراهيم، وتقلا شمعون، وعلي الزين، وعلياء نمري، وخالد السيد، وعمر ميقاتي، وعلي سعد، وأمجد الحسين، وحسان مراد، ونوال كامل، وأيمن بيطار وسامر الغريب... وغيرهم.

والعمل من تأليف: جوزيف حرب، والموسيقى للموسيقار السوري: سمير كويفاتي.

قمرا في «العبابيد»

وفي عام 1977 شاركت واصف في "العبابيد" بدور قمرا، وهو المسلسل التاريخي السوري الذي يروي قصة مملكة تدمر وتقاليدها القديمة تحت حكم الملكة السورية زنوبيا (التي قامت بأداء دورها الممثلة السورية رغدة)، ويتضمن العمل عرضا لحال الطبقات الاجتماعية السائدة وقتها، بين سادة وأشراف المملكة وكهنتها وعمالها، كما يتحدث عن عظمة تلك المملكة في تجارتها وازدهارها ومقاومتها للغزو الروماني، وهو إنتاج مشترك للتلفزيون العربي السوري وتلفزيون دبي، والإخراج لبسام الملا والتأليف لرياض سفلو. والممثلون: منى واصف (قمرا)، وأسعد فضة (المنذر)، وصباح الجزائري (نرجس)، وهاني الروماني (الكاهن)، وسلوم حداد (إيلابيل)، وعبدالرحمن آل رشي (أوريليان)، ومي سكاف (تيما)، وسمر كوكش (نجدة)، وكاريس بشار (أناغيم)، وعدنان بركات (النعمان)، ونضال سيجري (دويد)، وهالة شوكت (أم مالكو)، وليلى جبر (دالا)، وعابد فهد (معني)، ونجاح العبدالله (أم نرجس)، وسعد مينا (زائدة)، وسيف الدين سبيعي (ناحييل)، وحاتم علي (مقيمو)، وحسام تحسين بيك (رسول المملكة)، ورياض نحاس (مكسميان)، وبسام كوسا (أمريشا) وغيرهم. والألحان والموسيقى التصويرية: سعد الحسيني.

ولادة الأبطال

ومن ناحية الأعمال السينمائية فقد ختمت منى واصف السبعينيات بفيلم "الأبطال يولدون مرتين" عام 1977، ويتحدث الفيلم عن فؤاد البري الذي يفقد والديه في سن الحادية عشرة، ويقضي حياته في بيت رجل فلسطيني عجوز في مخيم للاجئين الفلسطينيين قرب غزة، ويصدم الطفل بمشهد هجمات قوات الاحتلال الإسرائيلي على المخيم وأفعالهم الإرهابية. الفيلم من إخراج وتأليف: صلاح دهني. والممثلون: منى واصف، وعماد حمدي، وصباح الجزائري، وفراس دهني، وعصام عبه جي، ويعقوب أبوغزالة، وتيسير إدريس، وزيناتي قدسية... وغيرهم.

واصف والتكنولوجيا

في بعض الحوارات الصحافية التي أجريت مع الفنانة واصف، سئلت عن علاقتها بالتكنولوجيا فأجابت:

أنا لا أزال بالقرن العشرين لم أستطع أن أتعامل مع التكنولوجيا كما يتعامل معها الناس اليوم، ولا أمتلك أي حساب على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن أصدقائي يخبرونني دائما بما يكتب عني عندما نكون في أوقات نجتمع فيها معاً في المسبح أو في جلسات معينة، وأشعر بالسعادة لما يكتب عني، مع العلم أنني أمتلك كمبيوتر منذ سنة 1993 هدية من ابني عمار، ولم أستخدمه حتى الآن ولم أتوقف لأراجع نفسي إذا كنت بحاجة لاستخدام هذه التكنولوجيا أم لا.

أنا لم أتغير، مازلت أطالع الكتب مدة ساعتين أو أكثر، وإذا كنت أرغب في الحفظ فقد أستمر ثماني ساعات متواصلة، ولست انتقائية في هذه الناحية، فالآن مثلا أنا أقرأ للكاتبة التركية إليف شاباق العلمانية ككتاب حليب أسود وقواعد العشق الأربعون وغيرها.

وعندما بدأت إليزابيت الليندي بالكتابة شعرت بأنني اكتشفت كاتبة، وبحال الطبيعة فإن المرأة تحن إلى المرأة، مع أنه ليس بالضرورة أنها تكتب عن نفس المشاعر، لكن هناك قاسما مشتركا قد يكون كبيرا جدا بينهما، وتقول الليندي: أنا صرت أكتب لما الجدات بعمري صاروا يرفون الجوارب، وعندما بدأت بالكتابة أعطتني مدى بأن الإنسان لا يقف عند عمر معين.

أم أيمن في «النصية»

في عام 1998 شاركت واصف في ثلاثة أعمال درامية (جواهر 2 – ياقوت – النصية)، وفي مسلسل جواهر الجزء الثاني بقيت الشخصية ذاتها "الشيخة مزنة"، والإنتاج أردني، حيث يستكمل في أحداثه ما جرى في الجزء الأول بعد خطبة حمد (مازن الناطور) ثم تزويجه من زوينة (واحة الراهب)، نتيجة إصرار أهله، فيفاجأ الجميع بحمل جواهر (مرح جبر)، وتشترط عليه الأخيرة العودة بعد طلاقه من زوينة، إلا أن زوينة تحمل أيضا، مما اضطر جواهر للتنازل والعيش مع زوينة.

وفي هذا الجزء يتزوج والد حمد (عبدالرحمن آل رشي) على الشيخة مزنة (منى واصف).

أما مسلسل ياقوت الذي لعبت فيه دور خاتون فهو عمل سوري يتحدث عن السيرة الذاتية لياقوت الحموي، وهو الرحالة المعروف والجغرافي والمؤرخ، وعن أهم الفصول في حياته ودوره في إغناء الحياة الفكرية والإنسانية في أكثر الفترات الصعبة التي مر بها العرب في العصر العباسي، والتي تعرضوا فيها لقسوة وظلم المغول والفرنجة، وهو من تأليف: أنور تامر، وإخراج: محمد فردوس أتاسي. والممثلون: خالد تاجا (عسكر)، وثراء دبسي (أم عبادة)، وعبدالمنعم عمايري (عبادة)، وجمال سليمان (ياقوت الحموي)، وكاريس بشار(عليا)، ومحمود سعيد (شاهبندر)، وفاديا خطاب (أم عباس)، وفرح بسيسو (جلنار)، ورضوان عقيلي (الباديشاه)، وجلال شموط (الأمير محمد)، وعلي كريم (المستشار ابن صالح)، وعباس الحاوي (المستشار تيمور مالك)، وصالح الحايك (أوزبك)... وغيرهم. والموسيقى التصويرية لفراس شاتيلا.

وأما مسلسل النصية فكانت البطولة للنجمة واصف بدور "أم أيمن/ دلال"، وهي امرأة أرملة غير راضية عن وضعها المعيشي، تعيش ابنتها هناء (لينا حوارنة)، مع زوجها توفيق (حاتم علي)، وهي دائمة القلق والخوف على نصية والدها في بيت أهلها، في الوقت الذي تشعر فيه والدتها دلال بالضجر من تلك النصية التي لا تحتوي إلا على الأوراق القديمة والكتب وتعتبرها بدون فائدة. وفي العمل شخصية أيمن الذي يعمل خارج البلد، أما خطيبته إنعام (مرح جبر) فتدرس في السنة الأخيرة بالجامعة، وتسمح هناء لإنعام بدراسة الكتب الموجودة في النصية للاستفادة منها كمراجع في بحوثها، فتكتشف الكنز الثمين الذي لا يعلمه أحد، وتكتشفه لاحقا أم أيمن وتصبح من سيدات الأعمال. العمل من إخراج: غسان جبري، وتأليف: فؤاد شربجي، وإنتاج دبي. وشارك في العمل: خالد تاجا (حسن)، وسليم كلاس (بديع)، ووفاء موصللي (زهرية)، وجهاد سعد (عبد الغني)، وليلى عوض (فاتن)، وحسام عيد (هاني)، وجرجس جبارة (خيري)، وعباس النوري (خالد)... وغيرهم.

التجربة الجزائرية... «قوقازية»

في حوار مع جريدة الشروق الجزائرية تحدثت منى واصف عن التجربة الجزائرية قائلة: أول مسرحية جزائرية شاهدتها كانت "دائرة الطباشير القوقازية"، ثم "الجثة المطوقة"، وأُبهرنا كسوريين بالعرض وطاقات المسرح الجزائري، الذي كنّا لا نعرف عنه الكثير آنذاك، ولكن بعد ذلك أصبح معروفا أكثر على الساحة السورية، وأصبح يستقطب الجماهير بأعداد كبيرة، وأصبح له حضور متميز في مهرجان دمشق المسرحي السوري، ولاتزال ياسمينة وبن قطاف، أسماء لامعة في المسرح الجزائري والعربي.

أخبروني بأن لدي أكثر من 200 عمل في الإذاعة والسينما والتلفزيون ولا أعُدّ أعمالي

أنا على يقين أن موقع الاسم في الظهور لا علاقة له بشأن وقدرة وموقع الفنان

كثير من الممثلين والكتاب هجروا المسرح باتجاه التلفزيون الأكثر ربحاً وشهرة

الجزائر بالنسبة إلي رمز البطولة منذ مراهقتي وكتبت عن جميلة بوحيرد وأنا في الإعدادية

المرأة الجزائرية امرأة قوية وصابرة... وأنوّه بالعمل السوري - الجزائري المشترك

لم أستطع أن أتعامل مع التكنولوجيا ولا أمتلك أي حساب على مواقع التواصل الاجتماعي
back to top