ليبيا تحتاج إلى تدخل عسكري أوروبي ميداني!

نشر في 14-05-2020
آخر تحديث 14-05-2020 | 00:00
 كارنيغي أوروبا لم يكن وصول فيروس كورونا الجديد إلى ليبيا كافياً لوقف المعركة على طرابلس، فمنذ 2011، حين أدت سلسلة من الانتفاضات المدعومة من حملة جوية بقيادة حلف الناتو إلى إسقاط الدكتاتور معمر القذافي، تفككت ليبيا بوتيرة تدريجية، ويشهد البلد اليوم حرباً أهلية شاملة بين القوات المسلحة العربية الليبية بقيادة الجنرال خليفة حفتر، وحكومة الوفاق الوطني بقيادة رئيس الوزراء فايز السراج في طرابلس.

لطالما عبّر الاتحاد الأوروبي عن دعمه لوضع خريطة طريق سياسية بقيادة الأمم المتحدة، لكن انهارت هذه المساعي كلها الآن، فقد ارتكزت سياسة الاتحاد الأوروبي في ليبيا على مقاربة التدخل الخفيف وتقديم المساعدات الإنسانية، لكن سرعان ما طغت عليها القوة العسكرية.

تبرز اليوم فرصة جديدة لتفعيل تحرك الاتحاد الأوروبي، ومن المتوقع أن يؤدي الوباء العالمي وإغلاق الحدود بين البلدان إلى إضعاف قدرة الدول الخارجية الداعمة على تقوية عملائها الليبيين، خلال بضعة أشهر على الأقل.

في الوقت نفسه، دعا المتحدث باسم مجلس النواب الليبي (البرلمان الليبي الرسمي في المنطقة الشرقية ويعتبره الكثيرون نظير حفتر المدني) إلى وضع خريطة طريق جديدة.

على الاتحاد الأوروبي أن يقتنص الفرصة لإطلاق مفاوضات أخرى، لكن يتعين عليه هذه المرة أن يدعمها بقوة، فخلال قمة برلين في 19 يناير الماضي، حاول الاتحاد الأوروبي فرض وقف إطلاق النار على الجهات المتناحرة، لكن تجاهل الجميع هذه المبادرة لأن عدداً من الموقّعين الدوليين على قرار القمة تابع إرسال الأسلحة إلى ليبيا خلال الأسابيع اللاحقة.

ومنذ 31 مارس، يحاول الاتحاد الأوروبي معالجة مشكلة انتهاك قرار حظر توريد الأسلحة عبر إطلاق عملية بحرية جديدة، اسمها "عملية إيريني"، بدل "عملية صوفيا" التي بدأت في 2015.

لكن لن تكون "عملية إيريني" كافية تقنياً ولا قانونياً، فمن الناحية التقنية، تعجز أي مهمة بحرية تبقى العناصر الجوية فيها محدودة عن منع الانتهاكات عبر الطرقات الجوية والبرية التي يتكل عليها حفتر لتلقي الدعم، ومن الناحية القانونية، تفتقر "عملية إيريني" إلى آلية مساءلة واضحة وتشريع دقيق عن العقوبات التي يتعرّض لها المخالفون وكيفية محاسبتهم وطريقة تفعيل القرارات.

لكن تزامناً مع تداعيات فيروس كورونا الجديد، قد تنجح تلك المهمة بطريقةٍ ما في تقليص عمليات تسليم الأسلحة، ومع ذلك يجب أن يركّز الاتحاد الأوروبي في المرحلة المقبلة على معالجة المعارك القائمة.

ثمة حاجة إلى وضع آلية لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار المتفق عليه دولياً، فضلاً عن فرض عقوبات على المخالفين، فلا يمكن تحقيق هذا الهدف إلا إذا قرر الاتحاد الأوروبي أخيراً القيام بما كان يجب فعله منذ سقوط القذافي وهو نشر بعض القوات العسكرية ميدانياً منعاً لتصعيد الوضع.

يمكن اللجوء إلى نسخة مدنية من "سياسة أمن ودفاع مشتركة"، مع أن البعض اقترح تطبيق نسخة عسكرية أقوى من هذه السياسة كمبادرة تمهيدية لإطلاق مهمة أوسع لحفظ السلام، على أن تشمل الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وحتى الاتحاد الإفريقي والبلدان المسلمة.

تشكّل الظروف الراهنة فرصة استراتيجية كي يأخذ الاتحاد الأوروبي المبادرة بدل روسيا وتركيا، فإذا توحدت أوروبا حول هذا الهدف، ستحذو الولايات المتحدة حذوها حتماً.

لكن إذا لم يستغل أحد هذه الفرصة، كما حصل بعد الاجتماعات السابقة في باريس وباليرمو، فسيتعافى حفتر من الانتكاسات الأخيرة وسيسود شكل من الجمود العسكري على الأرجح إلى أن تتمكن الجهات الخارجية التي اعتادت على إفساد العملية السياسية الليبية من استئناف تسليم الأسلحة، فتستغل بذلك نقاط ضعف "عملية إيريني".

في هذه الحالة قد تواجه ليبيا أزمة قوية تتحكم فيها روسيا وتركيا، فيصبح دور أوروبا مغيّباً كالعادة، وسيكون هذا الوضع من صنع يديها هذه المرة!

*ستيفانو ماركوزي

back to top