قرارات تربوية أشبه بأضغاث أحلام

نشر في 08-05-2020
آخر تحديث 08-05-2020 | 00:03
 عهود ياسر الجدي أضغاث الأحلام هي الأحلام التي لا معنى ولا تفسير لها، هي مجرد رغبات النفس في عالم الخيال، أي أنها أحلام خيالية يصعب تأويلها وتحقيقها على أرض الواقع، وقد تسللت هذه الأضغاث في السنوات الأخيرة إلى المنظومة التعليمية في دولة الكويت، وأصبحت تتجسد في صورة تصريحات وقرارات ارتجالية في بعض الأحيان، فتارة نجدها على هيئة فلاش مموري، وتارة أخرى سبورة تفاعلية إلى أن أصبحنا اليوم نتحدث عن التعليم الإلكتروني أو ما يسمى "التعليم عن بعد"، الذي شطر الوسط التعليمي إلى ثلاث فئات: موافق ومعارض ومحايد. إن تطبيق أي فكر جديد أو أي محاولة للتطوير ومواكبة المستحدثات التكنولوجية في التعليم عملٌ مضنٍ يحتاج لدراسة وتخطيط وتحليل وتجربة وتقييم وتقويم للنتائج، ومن ثم التعميم بعد التأكد من فاعليته وتحقيقه للهدف المرجو منه، وفي الوقت ذاته يواجه مقاومة من الأوساط التعليمية، فجوهر عملية التخطيط يكمُن في قدرته على التنبؤ بالأزمات التي من المحتمل وقوعها، ودراسة حيثياتها ومسبباتها والآثار المترتبة عليها، ومن ثم مواجهتها بطرق علمية صحيحة، ولعّل من أشهر وأدق النماذج المستخدمة في التحليل البيئي في المؤسسات التعليمية نموذج (S.W.O.T)؛ فهو يقوم على تحديد عوامل القوة والضعف في البيئة الداخلية للمنظومة التعليمية، والفرص والتهديدات في البيئة الخارجية التي قد تؤثر في فاعلية القرار.

لنقف وقفةً واقعية ولو كانت قصيرة أمام عدد من الأسئلة- بناءً على نموذج (S.W.O.T)- التي من المفترض الإجابة عنها، هل الأنظمة التعليمية الحالية متوافقة مع أنظمة التعليم الإلكتروني؟ وهل الكوادر البشرية والفنية المتخصصة متوافرة وعلى استعداد وجاهزية تامة؟ وهل الموارد المالية متاحة  في الظروف الحالية؟ وهل أطراف المنظومة التعليمية ككل قادرة على استخدام الحاسوب وشبكة الإنترنت في التواصل والتقييم والتقويم الإلكتروني؟ وهل الطالب والمعلم وولي الأمر على وعي وثقافة ودراية تامة بماهية التعليم الإلكتروني؟ وهل تمت ملاءمة المناهج الحالية بما فيها من محتوى وأنشطة ووسائل وأساليب لتفعيلها إلكترونياً؟ وهل المنصات التعليمية الإلكترونية التي سيتم اعتمادها معروفة في الأوساط التعليمية؟ وهل الأمن الإلكتروني وسياسة الخصوصية مُفعلة وتحت سيطرة المنظومة التعليمية؟ في حال كانت أغلب الردود إيجابية؛ إذاً من الممكن تفعيل التعليم الإلكتروني واستغلال هذه الفرصة الذهبية واعتبارها بمثابة تجربة للوقوف على مواطن القوة والضعف فيها، ومن ثم اعتمادها بعد تقويمها للسنوات القادمة. إن التعليم الإلكتروني مكملٌّ للتعليم التقليدي لا بديل عنه، وإن نجاح أي مشروع في يومنا هذا مرهون بالتخطيط المسبق له، ولا يعتمد اعتماداً أساسياً على الفكرة، بل على خطوات واستراتيجيات وتحليلات دقيقة وتجارب عديدة لتحقيق القيمة المضافة والوصول إلى الإنتاجية والتنافسية القصوى. والسؤال الذي لا يزال يُحيِّر الكثير منا: هل تدشين مشروع التعليم الإلكتروني حالياً في دولة الكويت وتحت تأثير أزمة كورونا قرار صائب أم لا؟

back to top