كويت الاستدانة

نشر في 01-05-2020
آخر تحديث 01-05-2020 | 00:05
 خالد اسنافي الفالح تعتمد الكويت في تقدير موازنتها العامة على ريع صادرات النفط، الذي شكّل 89.6% من آخر حساب ختامي نشرته وزارة المالية، هذه النسبة تكشف أن التنمية الاقتصادية في الكويت مرتبطة بالكفاءة الإنتاجية لعاملي القطاع النفطي فقط، وأن القطاعات الاقتصادية الأخرى عالة عليه! ما لم يتحرك مجلس الوزراء جدياً لتنشيط تلك القطاعات بحيث تقف على الكفاءة الإنتاجية لعامليها.

يصب الريع في قمة الهرم الإداري ليتوزّع في أشكال مختلفة من توزيع الثروة تتناسب قيمها عكسياً بين القمة والقاعدة، فتستأثر القلة المتنفّذة في أعلى الهرم بالحصة العظمى منها، لتنخفض الحصص كلما تدنت المرتبة الوظيفية‍، فلا يصل لقاعه، الذي هو المحرّك لقوى الإنتاج فيه، سوى الفتات! ولأن الكفاءة الإنتاجية للعاملين في الجهاز الحكومي لا تؤثر في زيادة أو انخفاض الإيراد، وبالتالي في تقييم وتقدير العامل، تلاشت المحاسبة وتبدّلت سلوكيات العاملين لتُعلي من قيم الموالاة لزمرة المتنفذين في سبيل تحقيق المصالح الخاصة، لينقسم الجسد العمّالي إلى فئتين: فئة تزمّر للمتنفّذين في كل قراراتهم، وأخرى همّها حصر أخطائهم، فحل التقصير المتعمّد كحيلة تجلب الامتنان لمحتالها، يكسب بها مصالح يحققها مقصّرٌ محتالٌ في جهة حكومية أخرى، فانخفض الأداء الحكومي وتردّت خدمات الدولة.

يوجَّه الريع لأربعة مصاب: 1- الأجور والمرتّبات، التي بلغت 7 مليارات د.ك، و30% من الميزانية العامة، وهي قيمة متزايدة سنوياً، 2- الإنفاق الرأسمالي؛ وهو إنفاق يهدف لتحقيق عوائد متراكمة ومشاريع تخلق فرصا وظيفية، ونسبته 12% من المصروفات، 3- الخدمات والدعومات والمنح التي تلتهم أكثر من 12 مليار د.ك، و55% من ميزانية الدولة، 4- خصم 10% من الإيراد السنوي (2 مليار د.ك. حسب الميزانية المعلنة، وهي قيمة تتفاوت زيادة وانخفاضاً حسب العائد من الريع) يُستثمر لصندوق الأجيال القادمة. تعني هذه الأرقام أن الكويت بحاجة لبيع 2.7 مليون برميل في اليوم بمتوسط سعر 73 دولارا في هذه السنة، أما وقد بلغ السعر مع مطلع السنة المالية 16 دولارا، فهذا يعني أننا مقبلون على أكبر عجز سنوي تقديري في تاريخ الكويت لا يستطيع حتى الاحتياطي العام- إن بقي منه شيء- على سده.

لذا، من الضروري إعادة جدولة مصروفات الخدمات والدعومات والمنح بحيث تذهب للمستحقين فقط! وتخليص الإيرادات من مصروفات الإنفاق الرأسمالي وخصم الأجيال القادمة، وربط الأجور والمرتبات بالكفاءة الإنتاجية للعاملين.

back to top