تعديلات قانون المرافعات

نشر في 07-04-2020
آخر تحديث 07-04-2020 | 00:29
 أحمد عبدالله المطوع كثرت التساؤلات حول مدى انطباق قانون المرافعات الجديد 5/ 2020 على العقود التي تخضع لأحكام مرسوم بقانون إيجار العقارات 35/ 1978، ولمرسوم بقانون إنشاء الدائرة الإدارية – التظلمات التي تقدم لجهة الإدارة تحديداً- واحتساب ميعاد الشكاوى العُمَّالية أمام الهيئة العامة للقوى العاملة وغيرها.

قبل الإجابة عن تلك التساؤلات، من الأهمية بمكان ألا نعتبر الفترة الحالية إجازة رسمية بالمعنى الاعتيادي للكلمة والحركة والفكرة والإعراب، بل هو تعطيل استثنائي لبعض أجهزة الدولة ومرافقها، ومنها وزارة العدل بمعظم إداراتها المهمة، مما دفع بإدارة الدولة إلى التصريح علناً بضرورة عدم استمرار الموظفين بعملهم؛ لخطورة الوضع على الصحة العامة والأمن العام:

- إن عدم سداد المستأجر للأُجرة أو التأخر في سدادها خلال 20 يوماً من تاريخ استحقاقها - المادة (20) من مرسوم بقانون إيجار العقارات رقم 35/ 1978– يعطي الحق للمؤجر رفع دعوى الإخلاء وطرده، لذلك على المستأجر أن يبادر بالسداد، لا أن يتهاون. وليس بغريب على القضاء الكويتي، المشهود له بالعدل والتثبت والحياد وبُعد النظر وعمق البصيرة، أن يعتبر أزمة فيروس كورونا المستجد العالمية من الظروف القهرية التي حالت بين المستأجر - الحاضر أو المسافر أو الغائب عن البلاد- وبين سداده للأجرة.

- إن ميعاد الشكوى العُمَّالية التي يقدمها العامل أمام القوى العاملة، ومواعيد التظلمات التي تقدم لجهة الإدارة من الممكن مراعاة تقديمها في أول يوم عمل بعد انتهاء هذه الجائحة – وهو الأحوط – وأثبت الواقع العملي أنه لا يشهد تزاحماً عليهما مثلما الطعون، مما يُناشد الكاتب الجهات الإدارية بالتساهل مع تلقي تظلمات الموظفين وشكاوى العاملين (العمالية)، وتيسير شؤونهم في أول يوم عمل، وعلى الموظف الذي يتلقى التظلمات من القرارات الإدارية أو الشكاوى العمالية أن يصبِّر نفسه قليلاً على عدد المراجعين، ولا يضيق ذرعاً، فالصبر على كثرة العمل للخدمة العامة وتسارع أصحاب الحقوق عليه في ذلك من الأجر ما فيه.

- إن التدخل الجراحي الذي استدركه المُشرع بتعديل قانون المرافعات انتشل حقوق المتقاضين من الضياع، وكفل لهم الحقوق بعدم حساب مدة تعطيل الجهات الحكومية أو التوقف عن العمل ضمن احتساب المواعيد القانونية في قانون المرافعات، التي أحالت إلى أحكامه معظم التشريعات، وتستأنف احتساب المواعيد إلى أول يوم عمل، لكن لم يشمل التعديل قانون إنشاء الدائرة الإدارية، إلا أنه يمكن معالجة ميعاد التظلمات أمام الجهات الإدارية والعلاج في مُكنة قاضي الموضوع المعني بتفسير النص، لأن قانون «الدائرة الإدارية» أحال في المادة 15 منه إلى قانون المرافعات على الدعاوى المنصوص عليها في أحكامه والأحكام الصادرة فيها وطرق الطعن عليها والإحالة في حيِّز الممكن، ولئن كان لكل نص قانوني معنى يستقل به عن غيره من النصوص، فإنه يجب أن يُنظر إلى أن النصوص القانونية كوحدة واحدة تشكل في مجموعها نظاماً قانونياً واحداً يكمل بعضها بعضاً، فقد يرد نص يزيل ما شاب النص من غموض وإبهام. ومن المعلوم لدى القارئ أن القاعدة القانونية ليست منعزلة عن غيرها من القواعد، بل مرتبطة بها ارتباطاً وثيقاً– وهي من القواعد المسلَّم بها فقهاً وقضاءً.

إن الكاتب لا يدعو إلى التوسع الذميم في تفسير النص، بل هو تأكيد على ما قررته الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون المدني الكويتي، وهي: «تسري النصوص التشريعية على المسائل التي تتناولها هذه النصوص بمنطوقها أو بمفهومها»... - وأردفت المذكرة الإيضاحية للفقرة –»أن نطاق سريان نصوص التشريع على جميع المسائل التي ينسحب عليها حكمه، سواء استخلص هذا الحكم من منطوق النص أو من مفهومه الذي يتم الكف عن حقيقته بطرق التفسير المختلفة».

إن وقف احتساب المواعيد المذكورة بقانون المرافعات الجديد تشمل بالضرورة جميع التشريعات التي تضمنت مواعيد خاصة -كالطعن على دعاوى الإفلاس المذكورة بقانون التجارة وأحكام الإيجارت- وإن لم يُشر إليها القانون الجديد صراحة.

فضلاً عمَّا تقدَّم، فإن معظم التشريعات أحالت لقانون المرافعات، وهو الأصل دائماً، فإذا لم يوجد نص في قانون خاص أو تضمن نقصاً يرجع بذلك إلى قانون المرافعات بوصفه شريعة عامة، واستقر كثيرٌ من الأحكام على ذلك وسايرها الفقه، واستقرت المحكمة الدستورية العليا المصرية على أن القواعد الأصولية في التفسير تقضي بتقديم النص الخاص على العام، لكن ينبغي أن تُراعى دائماً علة شِرعة النص الخاص، فإن تخلفت تعين تَنحِية النص الخاص واتباع الحكم العام.

لذلك، عزيزي القارئ كن على يقين أن محكمة الموضوع -وهي المعنيَّة بتفسير النصوص- ستسعى للتعرف على الحكم الصحيح والإرادة الحقيقة للمشرع، من خلال الربط بين النص وغيره من نصوص القانون، وأن يستهدي بمصادره التاريخية، حيث الغاية، وهي حماية حقوق المتقاضين، وأن تستأنس بمذكرة قانون المرافعات الجديد الإيضاحية التي أفصحت عن سبب سن التشريع والتصويت عليه بالإجماع، فالنصوص التشريعية وُضعت لتفسيرها ولتطبيقها حفاظاً على الحقوق- لا ضياعاً لها- من حيث ملاءمتها ومواءمتها لا لعبادتها. والحمد لله رب العالمين.

back to top