هل لا يزال منتدى دافوس الاقتصادي محتفظاً برونقه العالمي؟

نشر في 23-01-2020
آخر تحديث 23-01-2020 | 00:03
جانب من المظاهرات ضد «دافوس» والتي تتكرر كل عام    (رويترز)
جانب من المظاهرات ضد «دافوس» والتي تتكرر كل عام (رويترز)
يؤكد شواب دائماً أن منتدى دافوس «ملتزم بتحسين حال العالم»، لكن الجميع لا يرى الأمر بهذه الطريقة، إذ يُنظر إلى النخب العالمية باعتبارها السبب الرئيسي في تفاقم عدم المساواة، ما يفسر حمى المظاهرات المناهضة للحدث في سويسرا هذا الأسبوع.
عندما نظم الاقتصادي الألماني كلاوس شواب مؤتمره الأول عام 1971، الذي كان بذرة المنتدى الاقتصادي العالمي بشكله الحالي، أراد استخدام المناسبة في حثّ الشركات الأوروبية على التفكير في أصحاب المصلحة، والنظر أبعد من المساهمين ونسخ أساليب الإدارة الأميركية.

جمع شواب نحو 25 ألف فرنك سويسري آنذاك (ما يعادل 75 ألف دولار اليوم) من 450 شخصاً حضروا المؤتمر الذي عرف وقتها بـ «منتدى الإدارة الأوروبي»، لكن أعيدت تسميته في 1987، وأصبح الحدث السنوي الأفضل للطبقة فائقة النفوذ على الصعيد العالمي.

الآن، في سن الحادية والثمانين، لا يزال شواب مدير الحدث الذي انطلقت نسخته الـ50 أمس الأول، ويستمر حتى الغد، وسط توقعات بإطلاق مجموعة من المبادرات مثل «تريليون شجرة» لإعادة التشجير.

- يقول الرئيس السابق لشركة «دبليو بي بي» للإعلانات السير مارتن سوريل الذي يدير الآن شركة «إس 4 كابيتال» للإعلام: لم يستطع أي من المقلدين الذين حاولوا محاكاة المنتدى الاقتصادي العالمي مضاهاته في الجمع بين أصحاب السلطة في القطاعين العام والخاص.

- يؤكد شواب دائماً أن المنتدى «ملتزم بتحسين حال العالم»، لكن الجميع لا يرى الأمر بهذه الطريقة، إذ يُنظر إلى النخب العالمية باعتبارها السبب الرئيسي في تفاقم عدم المساواة، ما يفسر حمى المظاهرات المناهضة للحدث في سويسرا هذا الأسبوع.

- يشير «شواب» إلى «جافي»، أو ما يعرف بالتحالف العالمي للقاحات والتحصين، وهي مؤسسة عالمية للتطعيم تم إطلاقها في دافوس قبل 20 عاماً، كمثال على نجاح الشراكة بين القطاعين العام والخاص التي يلعب المنتدى الاقتصادي العالمي دوراً في توليدها.

- يحب السياسيون منتدى دافوس لأنه يجمع قادة الأعمال، وهم يذهبون هناك لترويج بلادهم، لكنه يساعد أيضاً على تمرير الاتفاقات الدولية، فبعد انهيار محادثات المناخ عام 2009، اجتمع زعماء العالم في دافوس ووضعوا الأسس لما أصبح بعد ذلك اتفاق باريس.

- يحب الكثيرون منهم المنتدى الاقتصادي العالمي، لأنه يجمع النخبة في مكان واحد، وهذا يمنح القادة فرصة لإنجاز الكثير خلال أيام قليلة وتوفير آلاف الأميال من السفر جواً، مثل إعلان ترامب قبل انطلاق فعاليات المنتدى عزمه الاجتماع بعدد من زعماء الدول على هامشه.

- المنتدى الاقتصادي العالمي، هو مؤسسة غير ربحية، تذهب 42 في المئة من إيراداتها التي نمت بشكل مطرد إلى 343 مليون فرنك سويسري (356 مليون دولار) في السنة المالية الماضية، لمصلحة الموظفين البالغ عددهم 800.

- كما يتمتع بمكانة خاصة على غرار الوضع الممنوح للصليب الأحمر، بمعنى أن الدولة السويسرية تتكفل بجزء من نفقات ومهام التأمين، ويُنفق الكثير من الإيرادات على الأنشطة مثل المؤتمر الرئيسي، ويذهب الباقي إما إلى رأسمال المؤسسة أو احتياطياتها الاستراتيجية (لا تتعدى 300 مليون فرنك).

- ما غير ذلك، فإن الإفصاحات العلنية ضئيلة جداً، وتحتوي الملفات العامة حول المنتدى الاقتصادي العالمي في سجل الشركات في جنيف على القليل بشأنها، باستثناء مقتطفات هيكلية من محاضر اجتماعات مجلس الإدارة وبعض الإعلانات عن تعيين واستقالة المديرين.

- علاوة على ذلك، يعتقد البعض أن الحدث السنوي يتحول تدريجياً إلى فقاعة تنجح في ابتلاع حتى أولئك الذين يرغبون في ثقبها، مهما كانت مبرراتهم، وبما في ذلك «ميكا وايت» المؤسس المشارك للحركة المناهضة للرأسمالية «احتلت وول ستريت»، والذي يحضر فعاليات المنتدى هذا العام.

- وقف المذيع ومنتج الوثائقيات السير ديفيد أتينبارا أمام حضور المؤتمر الذي يستخدم أغلبه الطائرات الخاصة، العام الماضي، ليصف الحدث بـ«الجنة»، في حين وصفه المؤرخ «رتغر بريغمان» بـ«متجر النفاق»، مطالباً بوقف الحديث عن العمل الخيري والالتفات إلى الضرائب.

- لم ينجح منتدى دافوس في تلميع العولمة حتى الآن، لكنه بدا أخيراً أكثر نجاحاً في انتقاء الشعبويين، وحتى المعارضين للحدث وحضوره، إذ يعتقد القائمون على المنتدى أن ذلك قد يصب في مصلحته، وهو اعتقاد صائب، إذ وصف ميكا وايت المناسبة بـ»أقوى تجمع في العالم».

- خصص المنظمون جلسة لـ«وايت» كي يلقي كلمة على حشد من نخبة المال والسياسة (كان يطالب في السابق بالتخلص منهم) حول كيفية تحويل «الاحتجاج إلى تقدم»، لكن ذلك ليس التناقض الوحيد في فعاليات المنتدى هذا العام.

- في حين دافعت الناشطة غريتا ثونبرج عن قضايا المناخ التي تتبناها في حضور الرئيس دونالد ترامب الذي انتقدها سابقاً، يروج وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير خلال الحدث فكرة فرض ضرائب على شركات التقنية أمام الرئيس التنفيذي لشركة «ألفابت»، ساندر بيتشاي.

- يصر شواب على أن منتداه حقق التوازن الصحيح بين الصداقة مع النخبة والعلامات اللامعة، وبين تشجيع واحتواء الأصوات المنشقة، وزاد المنتدى بالفعل عدد المدعوين من المنظمات غير الحكومية بعد موجة احتجاجات كبرى مناهضة للعولمة في أوائل هذا القرن.

- هناك قلق آخر بشأن اختصاص المنتدى الاقتصادي العالمي، الذي أصبح حريصاً على ألا يكون مجرد مكان للاجتماع، ولديه الآن نحو 100 مبادرة، بما في ذلك «الثورة الصناعية الكبرى» والتي يعتقد أن آثارها على المجتمع ستكون هائلة.

back to top