أولاً وأخيراً: سليماني والطائفية

نشر في 10-01-2020
آخر تحديث 10-01-2020 | 00:03
 مشاري ملفي المطرقّة لا يخفى على أحد مدى خطورة الأوضاع التي تمر بها المنطقة وأنها مهددة بين لحظة وأخرى بانفجار يأكل الأخضر واليابس حيث تتصارع القوى الدولية والإقليمية على الثروات والنفوذ من دون أدنى اعتبار لشعوب تعاني ويلات الصراعات والحروب المندلعة بدولها منذ نشوب ما يسمى "الربيع العربي"، ولشعوب أخرى تنام وتستيقظ على وقع التهديد والوعيد وتدرك أنها ليست في مأمن مما يحدث ومعرضة للخطر.

ولعل ما حدث يوم الجمعة الماضي بمقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني زاد اشتعال فتيل المعركة الدائرة منذ سنوات بين أميركا وحلفائها وإيران وحلفائها، كما أنه ألقى بظلاله على وحدة وأمن واستقرار العديد من دول المنطقة، وأذكى روح الطائفية والفتن بين الشعوب لتزداد انقساماً وتسعى فئات منها إلى تحقيق مكاسب طائفية على حساب أوطانها التي هي في أمس الحاجة لتغليب لغة العقل والحكمة والحوار من أجل تجاوز هذه المرحلة الحرجة.

وقد نأت الكويت بنفسها بعيداً عن هذه الصراعات ونجحت بفضل قيادتها الحكيمة وسياستها الخارجية المتزنة أن تكون على مسافة واحدة من الجميع وتسعى بكل طاقاتها لتقريب وجهات النظر وإحلال السلام، وإن كانت لا تنسى من أساء إليها وسعى إلى تهديد أمنها واستقرارها واغتيال زعمائها، ولكنها دائماً تتعالى فوق الصغائر، وتحفظ حقوق الجوار، وتؤكد باستمرار أنها لن تسمح باستخدام أراضيها وقواعدها للاعتداء على أي دولة مهما كان حجم الضرر الذي ألحقته بالكويت.

وفي ظل هذه الأحداث الملتهبة وتعالي الأصوات التي تنادي بالتصعيد والانتقام وإشعال حرب لا تحمد عقباها فإننا في الكويت في أمس الحاجة إلى مواصلة الاصطفاف خلف القيادة السياسية والابتعاد عن التجاذبات وعدم الانسياق وراء من يروجون الشائعات والأكاذيب وصون وحدتنا الوطنية التي هي حائط الصد الأول ضد من يسعون إلى إشعال نار الطائفية والانقسام، كما أنه يجب على الجهات المعنية في الدولة أن تقف بالمرصاد ضد كل من يحاولون اللعب على الوتر الطائفي سواء بالقول أو بالفعل، وتتخذ ضدهم الإجراءات القانونية والقضائية.

وعلينا ككويتيين أن نضع دائماً نصب أعيننا القول المأثور للمغفور له الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح أمير القلوب "إن الكويت أصل وأنظمتها فروع فاحرصوا على الأصل تسلم لكم الفروع"، وأيضاً يجب أن نتذكر وسط هذه الأجواء المشحونة بأن أرض الكويت ارتوت بدماء أبنائها الشهداء من كل الطوائف الذين دافعوا عنها ضد الغزاة والطامعين، وأن الكويتيين سيظلون نسيجاً واحداً متماسكاً إلى يوم الدين.

حفظ الله الكويت وشعبها وأميرها من كل مكروه، وأبعد عنا الحاقدين والمتآمرين ودعاة الفتن والحروب.

back to top