أصعب مواجهة بين خامنئي والسيستاني في العراق

سقوط مرشح «الكتلة الأكبر» وبرهم صالح يهدد بالاستقالة من الرئاسة وسط تصاعد الاحتجاجات

نشر في 24-12-2019
آخر تحديث 24-12-2019 | 00:05
متظاهرون عراقيون على نهر دجلة في بغداد أمس (رويترز)
متظاهرون عراقيون على نهر دجلة في بغداد أمس (رويترز)
استعادت الاحتجاجات زخمها في العراق مع تظاهرات وقطع طرقات وجسور، بينما اشتدت معركة تسمية رئيس جديد للحكومة بين أركان الطبقة السياسية المنقسمين بين مطالبين برئيس حكومة مستقل، والمدعومين من مرجعية النجف ومن حلفاء طهران، الذين رشحوا بالفعل حزبيا لتولي المنصب.
انشغل المتظاهرون العراقيون طوال يومي الأحد والاثنين باحتفال رمزي بإسقاط مرشح رئاسة الحكومة الجديدة، الذي تقدمه الكتلة المقربة من طهران في برلمان العراق، وهو سابع مرشح للمنصب ترفضه حركة الاحتجاج المستمرة للشهر الثالث على التوالي، لكن الأمر أمس الأول اقترن بمواقف حرجة اضطرت رئيس الجمهورية برهم صالح إلى التلويح بالاستقالة، أمام ضغوطات حرس الثورة الإيراني الذي لم يعتد أن ترفض طلباته بهذا العناد.

وسجلت هذه الأحداث أول حالة لفشل الكتلة الكبيرة الموالية لطهران في فرض مرشحها، إثر رفض الرئيس تكليفه، كما يتطلب الدستور، رغم انقضاء المهلة القانونية وتورط صالح في خرقها، كما سجلت واحدة من أخطر المواجهات بين حلفاء طهران بالعراق ومرجعية آية الله السيستاني في النجف.

وتؤيد النجف رئيس حكومة مستقلاً ينظم انتخابات نزيهة بإشراف دولي، لكن طهران ترفض ذلك لأنه سيؤدي عمليا الى تغيير موازين القوى، لمصلحة حركة الاحتجاج الشعبي الواسعة التي بلغت أوج رفضها للنفوذ الإيراني، وقدمت نحو ٢٣ ألفا بين قتيل وجريح منذ أكتوبر الماضي.

ونجح حلفاء طهران في تكوين أكبر كتلة بالبرلمان العراقي تتكون من الميليشيات، مستفيدين من انضمام أحزاب سنية ضعيفة أيضا، لكن الرئيس العراقي أبلغهم أن المرشح قصي السهيل، وهو وزير التعليم في الحكومة المستقيلة، ليس ضمن المعايير التي اقرتها حركة الاحتجاج، وأيدتها مرجعية النجف الدينية، إذ يحسب على مجموعة نوري المالكي المرفوض من الجمهور، بينما هناك إصرار شعبي على رئيس حكومة مستقل انتقالي يتولى ضبط الميليشيات ويجري خلال عام انتخابات بإشراف دولي، يرجح أنها ستقلص حجم الكتل الموالية لطهران إلى أقصى حد.

وحظي الرئيس صالح، وهو ليبرالي كردي بارز، بدعم كبير من الجمهور وأطراف وطنية معتدلة، مثل رئيس الحكومة الأسبق أياد علاوي، والتحالف الشيوعي مع تيار مقتدى الصدر، وأيضا من مرجعية النجف الدينية، حسب مصادر أكدت أن الرئيس هدد بالاستقالة، وكتب بيان الاستقالة فعلا منذ أسبوع، لأن ضغوط طهران كانت بمستوى غير معقول، حسب وصفها.

وأضافت المصادر، المقربة من صالح، أن اتصالات مكثفة جرت بين القوى المعارضة لإيران مدعومة بدعم ديني كبير من النجف، ساعدت الرئيس على رفض الطلب الايراني الملح.

وانحازت النجف بالكامل لحركة الاحتجاج، ووفرت لها حماية معنوية واضحة رغم أن طهران تتهم الانتفاضة بأنها مدعومة من واشنطن وإسرائيل بهدف تخريب العلاقات العراقية الايرانية.

وحظي صالح بعد رفضه تكليف مرشح طهران، وانتهاء المهلة القانونية منتصف ليل أمس الأول، بدعم شعبي كبير في وسائل التواصل الاجتماعي، إذ وضع حدا لمخاوف شعبية بأنه سيرضخ أمام ضغوط طهران، ووصف مراقبون ذلك بأنه وضع استثنائي، إذ لا يهتم العراقيون في العادة بدور الرئيس الشكلي في نظامهم، كما لا يتعاطفون مع الساسة الأكراد، غير أن جناحي الصراع يتبلوران بدقة أكبر طبقا للمراقبين، الذين يقسمون ساسة البلاد اليوم إلى طرف مؤيد لمطالب الاحتجاج، وآخر خاضع لنفوذ طهران.

ومنح موقف صالح زخما جديدا لحركة الاحتجاج التي قطعت مئات الشوارع الرئيسية في بغداد والبصرة ومدن أخرى، استباقا لترشيح طهران شخصية أخرى موالية لها، لرئاسة الحكومة.

ومن المتوقع أن تبقى البلاد فترة أخرى تغوص في تأويلات متناقضة لنصوص الدستور التي لم تحدد طريقة دقيقة للتعامل مع حالات الانقسام المماثلة، لكن بات واضحا أن الطريق قطع أمام الميليشيات وحلفائها لتسمية الحكومة المقبلة، رغم أن ذلك ينطوي على احتمالات تصاعد العنف مع المحتجين ويثير قلقا جديا من اقتتال داخلي.

back to top