ميزانية إيران الجديدة محدودة ولكن ليس بالقدر الكافي

نشر في 17-12-2019
آخر تحديث 17-12-2019 | 00:00
 معهد واشنطن في 8 ديسمبر ووفقاً للإجراءات المعمول بها، زار الرئيس حسن روحاني "مجلس الشورى الإسلامي" (البرلمان) لتقديم ميزانيته للسنة الإيرانية 2020/ 2021، والتي تبدأ في مارس، وعلى الرغم من الخطاب الوردي للحكومة، تظهر اقتراحات النفقات التي قدّمها الأوقات العصيبة التي تواجهها الجمهورية الإسلامية.

يقترب موعد الانتخابات البرلمانية المحدد في 21 فبراير بسرعة، لذا ربما توقع المرء أن يطلق خطاب روحاني المتعلق بالميزانية بشكل غير رسمي ذروة موسم الحملة الانتخابية، وبالفعل، فغالباً ما أدرج الرؤساء السابقون في الميزانيات بنوداً ترضي الناخبين قُبَيل الانتخابات مباشرة، غير أن روحاني لم يقم بأي شيء من هذا القبيل.

بشكل عام، كانت السياسات الاقتصادية الكلية لروحاني سيئة أو أسوأ من سياسات سلفه محمود أحمدي نجاد، فعندما واجه الرئيس السابق انخفاضاً حاداً في عائدات النفط بسبب العقوبات الأميركية، جمع أحمدي نجاد الأموال للحكومة من خلال السماح بانخفاض قيمة الريال، مما زاد من عدد الريالات التي حصلت عليها طهران مقابل كل دولار من النفط المُباع.

كما أن العدد الأكبر من الريالات لكل دولار قد شجّع الصادرات وحفّز الإنتاج المحلي من أجل استبدال الواردات- وكلاهما من النتائج المرغوبة بالنظر إلى أن النفط لم يكن يدرّ مبالغ كبيرة من الدولارات إلى إيران، لكن روحاني قاوم بكل عناد تعديلا مشابها للريال. وليس من المنطقي إبقاء سعر الصرف الرسمي ثابتاً مع استخدام الاحتياطيات والضغط الإداري لتخفيف الارتفاع في سعر السوق الحرة، ولا يحتاج المرء إلى أن يكون حاصلاً على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد ليدرك أنه عندما يرتفع معدل التضخم في إيران إلى الأرقام المزدوجة وحين يبلغ التضخم في الولايات المتحدة 2٪، ينبغي أن تنخفض قيمة الريال بالنسبة للدولار، ولو حذا روحاني حذو أحمدي نجاد من خلال ترجمة صادرات النفط بالدولار إلى الريال بسعر السوق الحرة، فإن عائدات النفط ستموّل 30٪ من ميزانية العام المقبل بدلاً من 10٪ فقط. كما أنّ السياسة النقدية للرئيس الإيراني خطيرة بدورها، فخطابه بشأن الميزانية لم يأتِ على ذكر أي إنقاذ للنظام المصرفي، المفلس بالفعل، بل على العكس من ذلك، تعتمد الميزانية الجديدة على "نقل الأصول المالية" لتأمين ربع تمويلها، أو 1.25 كوادريليون ريال، وهذا يعني على ما يبدو أن حكومته تعوّل على اقتراض مبالغ طائلة محلياً، إما عن طريق تخفيض الأموال التي يمكن إيداعها في المصارف أو الاقتراض المباشر من هذه المصارف، وكلاهما من شأنه أن يُجهد النظام المصرفي الذي يقترب من الانهيار بشكل خطير.

إلا أن سياسات روحاني الضريبية أفضل قليلاً، فكالعادة كانت تقديراته لعائدات الضرائب متفائلة إلى حدّ كبير، ولم يشر في خطابه إلى مسألة التصدي لمشاكل التهرب الضريبي والإعفاءات المفرطة. ويُقدر رئيس "هيئة الضرائب الإيرانية"، أوميد علي بارسا، أن 40٪ من الجهات الفاعلة الاقتصادية في البلاد معفيّة من جميع الضرائب. علاوة على ذلك، يبدو أن بعض التغييرات الاقتصادية الأخيرة التي أشاد بها خطاب روحاني مشكوك فيها.

ووفقاً لروحاني، أضافت إيران 2.3 مليون هكتار من المناطق المرويّة حديثاً في عهده، ولكن المزارعين كثيراً ما يشْكون من أن هذه المناطق حرمت مزارع قائمة منذ فترة طويلة من المياه. وبالمثل، تَفاخر روحاني بأن حكومته أكملت خمسة وثلاثين سدّاً، لكن العديد من هذه المشاريع مشكوك فيها بيئياً، إن لم تكن كارثية.لا تنطوي جميع الأخبار المحيطة بالاقتصاد الإيراني على الشؤم والكآبة، فروحاني محق في أن الاقتصاد غير النفطي عاد إلى النمو بعد أن وصل إلى أسوأ حال له في وقت سابق من هذا العام. وعلى الرغم من الأوقات العصيبة، واصلت الحكومة الإيرانية القيام باستثمارات كبيرة. على سبيل المثال، تجاوز الآن إنتاج إيران من الغاز الطبيعي من الحقل البحري الذي تشترك فيه مع قطر، إنتاج الدوحة للمرة الأولى، وهو تناقض حاد عما كان عليه الإنتاج قبل ثماني سنوات، عندما أنتجت قطر ضعف ما أنتجته إيران، وتستمر مشاريع البنية التحتية العامة على قدم وساق، من بينها الطرق والسكك الحديدية والكهرباء. ومع ذلك، تشير الميزانية الجديدة إلى أنّ طهران لم تتكيف بالكامل مع فقدان الإيرادات النفطية. وستحتاج الحكومة الإيرانية إلى اتخاذ تدابير إضافية مؤلمة لتحقيق التوازن في الاقتصاد، وعلى الرغم من كل الحديث عن "اقتصاد المقاومة"، تستمر إيران في الاعتماد إلى حد كبير على الصناعات النفطية والصناعات المرتبطة بالنفط (مثل البتروكيماويات)، التي تزيد حصتها في عائدات التصدير عن مساهمتها في التمويل الحكومي. وإذا نجحت واشنطن في الضغط على مبيعات النفط الإيرانية أكثر فأكثر، فستزداد مشاكل البلاد سوءاً. على سبيل المثال، إذا أرغمت العقوبات الأميركية الجمهورية الإسلامية على بيع النفط بأسعار مخفّضة بشكل كبير، فمن شأن ذلك أن يؤدي إلى تقويض الإيرادات الحكومية بالقدر نفسه تقريباً كما لو كانت إيران عاجزة عن تصدير هذا النفط على الإطلاق

* پاتريك كلاوسون

* «واشنطن إنستيتوت»

back to top