جمال الدين: لا يمكن تحقيق تنمية في ظل تراجع التعليم

• السلطتان التشريعية والتنفيذية ما زالتا تقفان موقفاً موارباً من إشراك «الخاص» في بناء القرار الاقتصادي
• هناك مسافة تقصر أو تطول بين تحسن المؤشر والتحسن الفعلي لبيئة الأعمال

نشر في 10-12-2019
آخر تحديث 10-12-2019 | 00:06

بين جمال الدين ان خلق فرص عمل كافية ومنتجة ومستدامة لا يمكن ان يحدث الا من خلال قطاع خاص تنافسي.
قال مستشار غرفة تجارة وصناعة الكويت ماجد بدر جمال الدين، إنه يقال في عالم السياسة إن من يضحك أخيراً يضحك طويلاً، وأنسج على هذا المنوال فأقول: "في مجال المؤتمرات المتخصصة من يتكلم أخيرا يتكلم قليلا. ذلك ان من سبقوه يكفونه مؤونة الحديث عن بعض الأفكار والدخول في التفاصيل، خصوصا إذا كان من سبقوه بقامة وعلم وخبرة، أصغينا إليهم بكل احترام واهتمام".

وأضاف أن لعل في هذه الحقيقة بالذات ما يبرر لي أن أعرض وجهة نظر غرفة تجارة وصناعة الكويت، بشأن مبادرات إصلاح بيئة الأعمال من خلال نقاط موجزة مختارة قد ينقصها التساوق ولكن لا تفتقد التكامل.

وتحدث بعدة نقاط أولاها، ان مفهوم تحسين بيئة الاعمال من منظور الغرفة هو تحرير الأنشطة الاقتصادية من كل ما يقيد حريتها، ويضعف كفاءتها، ويزيد تكاليفها. ورغم الانعكاسات الإيجابية لتحسين بيئة الأعمال على التدفقات الاستثمارية الوطنية والأجنبية، وعلى زيادة حجم التجارة الخارجية، وتعزيز التنافسية الدولية والمنافسة المحلية، وتسجيع القطاع الخاص، فإن أهمية مؤشر تسهيل بيئة الأعمال، بحد ذاته، تتمثل فيما يوفره من معلومات ومقارنات تساعد الى حد بعيد في رسم السياسات الإصلاحية والتنموية.

الصايغ: «الدائمة لتحسين بيئة الأعمال» توضح مواطن الخلل وتقترح الحلول

سلطت مديرة إدارة المكتب الفني مقررة اللجنة الدائمة، فاطمة الصايغ، الضوء على اللجنة الدائمة لتحسين بيئة الأعمال وتعزيز التنافسية في دولة الكويت، مبينة أن مهام اللجنة تركز على متابعة وتنسيق الجهود الحكومية الخاصة بإجراءات بيئة الأعمال، الى جانب العمل على اختصار الدورة المستندية للإجراءات المرتبطة بييئة الأعمال وفق وضع توصيات عملية لتحسين الواقع.

وأضافت أن من مهامها أيضا بيان مواضع الخلل والمشاكل، والعمل على إيجاد الحلول المناسبة، الى جانب التواصل مع المؤسسات الدولية والإقليمية والمحلية المعنية بهذا الشأن، ورفع تقرير دوري لمجلس الوزراء يرصد المستجدات والتطورات.

وذكرت أنه تشكلت لاحقا فرق عمل مكونات مؤشر سهولة ممارسة أنشطة الأعمال منبثقة عن اللجنة الدائمة كخطوة تمكينية لتكون برئاسة الجهات الحكومية المعنية وبعضوية الجهات الأخرى ذات الصلة والعلاقة للتولى مباشرة توثيق ومتابعة ورصد الإصلاحات المطلوبة في إطار الإجراءات المعتمدة وفق الأجندة الوطنية لتحسين بيئة الأعمال (برنامج تحسين) ومن ثم تتولى هذه الفرق رفع هذه الإصلاحات من خلال هيئة تشجيع الاستثمار المباشر في إطار دورها التنسيقي وكرئيس للجنة الدائمة في الموقع الإلكتروني المخصص لفريق تقرير الأعمال.

لقد نجحت الكويت - ولأول مرة - في ان تحجز مقعداً على طاولة الدول العشر الأكثر تحسنا في مؤشر سهولة الأعمال لسنة 2020، وهذا إنجاز نعتز به، ونتقدم بالشكر والتقدير لكل الجهات الرسمية والأهلية التي عملت بمنهجية وموضوعية وحماس وعلى تحقيقه.

وأشار إلى امرين اثنين، أولهما، ان هذا الإنجاز، وان قام على تحسن واضح في أغلبية مكونات المؤشر العشرة، فقد اتكأ بشكل لافت على ما حققته الكويت من تسهيل في مكون النشاط الاقتصادي، والأمر الثاني هو ان احتفاظ الكويت بمقعدها بين الاقتصادات العشر الأكثر تحسنا في بيئة الأعمال سنة 2021 منوط الى حد كبير بنجاحها في إصدار تشريعات حديثة لتنظيم وتسوية قضايا الإعسار والإفلاس من جهة، كما انه منوط باهتمامها بالمكون الحادي عشر الذي سيدخل في حساب المؤشر لأول مرة عام 2021، وهو مكون العقود والمشتريات الحكومية.

أما النقطة الثانية فإن نجاح دولة ما في تطوير موقعها على مؤشر تحسين بيئة الاعمال، يعني ان تلك الدولة قد استطاعت تطوير ما لا يقل عن ثلاثة من المكونات الرئيسية للمؤشر، وذلك من خلال اصدار التشريعات والقرارات والإجراءات اللازمة لذلك. أما مدى انعكاس تطوير المؤشر تحسنا فعلياً في بيئة الأعمال فهذا أمر آخر تماماً، فثمة مسافة دائما بين تحسن المؤشر والتحسين الحقيقي لبيئة الاعمال. وهي مسافة تقصر او تطول تبعا لكفاءة الدولة في إنقاذ تشريعاتها واجراءاتها. وفي رأينا ان النقاط التالية يمكن أن تلخص أهم اسباب اتساع المسافة بين تحسن مؤشر تسهيل بيئة الأعمال وتحسن البيئة نفسها في الكويت والعديد من الاقتصادات العربية:

وذكر أن أول هذه الأسباب، ضعف الثقة بين المواطنين من جهة، وبين مجتمع الأعمال والسلطات الرسمية المختصة من جهة ثانية، ويعزو تقرير التنمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا الصادر عن البنك الدولي تحت عنوان "من الامتيازات الى المنافسة" ظاهرة ضعف الثقة هذه الى ما أسماه "قنوات التربح" التي اتسعت في بعض الدول الى درجة الانحراف بعدالة المنافسة وجرح حياد الجهات الرقابية والإدارية.

أما السبب الثاني فهو ضعف صوت القطاع الخاص، وضعف سمع السلطتين، فمنظمات القطاع الخاص التي تبدي رأيها بجرأة وموضوعية في شأن السياسات الاقتصادية العامة قليلة العدد، وأقل منها منظمات القطاع الخاص التي لا تسعى الى تشويه قوى المنافسة والسوق من خلال الامتيازات والدعم والحماية تحت لافتة المصلحة الوطنية.

وبالمقابل، مازالت السلطتان التشريعية والتنفيذية في الكويت تقفان موقفاً موارباً من إشراك القطاع الخاص في بناء القرار الاقتصادي، والاستماع باهتمام إلى أطروحاته.

التعثر التنموي

وأشار إلى السبب الثالث ومن الثابت -وبموجب تقارير رسمية- ان ترهل الإدارة العامة وقصورها وضعف كفاءتها يعتبر من اهم اسباب التعثر التنموي ان لم يكن اهمها على الإطلاق. وهذا ما ينعكس سلباً وإحباطاً على جهود القطاع الخاص ومبادراته وتنافسيته. وبما ان الإنفاق العام يعتبر المحرك الرئيسي للنشاط الاقتصاد في دول مجلس التعاون الخليجي، فإن هذه الحقيقة تبدو اكثر وضوحاً وتأثيراً في هذه الدول، وتجعل طريقة تعامل الجهات الحكومية والهيئات الرقابية، ومؤسسات القطاع العام مع القطاع الخاص متعسفة في تدخلها او متراخية في رقابتها.

بينما السبب الاخر كما سبق ان ذكرت، أن الكويت نجحت خلال السنوات القليلة الماضية في تحقيق خطوات مهمة باتجاه تحسين بيئة الأعمال والمناخ الاستماري.

غير ان هذه الخطوات لا يمكنها ان تحقق الأثر الفعلي المطلوب ما لم ترافقها وتوازيها خطوات مماثلة باتجاه تعزيز المنافسة. وهذا ما لم يلق حتى الآن اهتماماً كافياً لا من المخططين وراسمي السياسات، ولا من القطاع الخاص، ولا من بعثات وتقارير البنك الدولي.

وأشار الى ان السبب الاخر ان خلق فرصة عمل كافية ومنتجة ومستدامة لا يمكن ان يحدث الا من خلال قطاع خاص تنافسي. وبالتالي، إن السعي الصادق والحثيث إلى ايجاد قطاع خاص عربي قوي لم يعد خياراً يقبل التأجيل بل أصبح واجبا لابد من أدائه.

وفي الكويت بالذات، ولم يعد من المقبول ان نسمع ونقرأ كل يوم شعارات وعناوين عريضة من إعطاء القطاع الخاص دوره التنموي القيادي، ثم نسمع ونقرأ كل يوم تشريعات وإجراءات وقرارات تعمل بعكس هذا الاتجاه.

عزمي: «الخاص» أساس النمو الاقتصادي البحريني

قالت مديرة إدارة مرصد التنافسية بمجلس التنمية الاقتصادية البحريني، ندى عزمي: هدفنا أن القطاع الخاص يكون هو أساس النمو الاقتصادي البحريني، كما أن هناك إصلاحات نمت كثيرا في البحرين، فيوجد ٩٨ بالمئة شركات صغيرة ومتوسطة و٤٥ بالمئة من الشركات تمثّلها النساء، و50 بالمئة نمو الناتج المحلي غير النفطي، وأصبحت البحرين الرابعة عربيا والـ 43 عالميا، والثانية إقليميا في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال، والأولى عالميا في مؤشر دفع الضرائب.

وذكر ان قوة او قدرات القطاع الخاص في العالم العربي تتفاوت من دولة الى اخرى، ولكنها لم تصل في اي من هذه الدول الى درجة تؤهل قطاعها الخاص لقيادة عملية الإصلاح والتحول. ولا يدعي احد وجود وصفة من شأنها خلق النمو الذي يقوده قطاع خاص تنافسي، فهذه الوصفة غير موجودة. ولكن علينا ان نذكر دائماً ان المجتمعات والاقتصادات التي اعتمدت ثقافة الثقة وأطلقت قوى المنافسة هي المجتمعات التي كسرت الحلقة المفرغة وانطقت في التنمية والازدهار. أما الاقتصادات التي سيطرت على مجتمعاتها ثقافة الشك والارتياب، فقد بقي حراكها في دائرة الركود، وهذا ما اكده وفصله كتاب فرنسين فوكوياما: "الثقة" وكتاب الآن بيرفيه: "مجتمع الثقة".

وتحدث جمال الدين عن النقطة الثالثة قائلاً: "أستميحكم عذرا أن انتقل بمؤشر تسهيل بيئة الأعمال في الكويت خصوصاً والعالم العربي الى آفاق أرحب، وهو انتقال لا يقصد به التفكير خارج الصندوق كما يقال، بل هو اعتقاد غرفة تجارة وصناعة الكويت تفكير في أعماق الصندوق وجوهره، فنحن جميعا نبحث اليوم في مؤشر تسهيل بيئة الأعمال باعتباره من المنطلقات الأسياسية لرسم السياسات من جهة، وجزء متقدم من جهود الإصلاح الاقتصادي من جهة ثانية. وفي اعتقادنا ان هذا المؤشر لن يستطيع ان يؤدي دوره هذا بشقيه في ظل التراجع بمؤشرات التعليم والتعلم والمعرفة".

لوتاه: لابد أن يكون الإقليم كله محفزاً للاستثمار حتى نرتقي بدولنا العربية

ذكر المدير العام للهيئة الاتحادية التنافسية والإحصاء في الإمارات، عبدالله لوتاه، ان الإقليم كاملا لابد أن يكون محفزا للاستثمار حتى نرتقي بدولنا العربية، وأول جهة تحدد مدى تنافسية الدول هي القطاع الخاص، لذا فإن التواصل معه مهم جدا، لأن رأيه يؤثر في مؤشر التنافسية.

وأوضح أن التنافسية ليست محصورة على الحكومة، بل هي تواصل بين الجونة والقطاع الخاص، وكل دولة تحدد رؤيتها وتنافسيتها وحدودها من خلال الإنتاجية العالية وجودة الحياة، وهما أساس الازدهار والتقدم في الإمارات.

ولفت الى أن ثلاثة أمور تحدد التنافسية في الإمارات، أولا لابد من التركيز على البيئة التشريعية ومدى حداثتها، والثانية القطاع الخاص والتواصل الدائم معه، وثالثا البيانات والإحصاءات التي لا بد أن يكون فيها تجديد وتحديث، مبينا أن الهيئة تتابع 23 تقريرا من مختلف الجهات لمعرفة وفهم الواقعة، خاصة أن لكل تقرير منهجيته وطريقته ومؤشراته.

وأضاف: ان "بين الدول النامية التي نجحت في الإصلاح والتحول اختلافات كبيرة ليس في بنياتها الاقتصادية فحسب بل في انظمتها السياسية أيضاً، والعامل المشترك شبه الوحيد بينها جميعاً هو اعتمادها على تطوير التعليم باعتباره مفتاح التقدم وصاحب الأولية المطلقة على كل المؤشرات الأخرى.

وقال إن تحسن موقع الكويت والعديد من الدول العربية الشقيقة في مؤشر تسهيل ممارسة الأعمال إنجاز لا يمكن لأحد إنكار أهميته. ولكن هذا الإنجاز يصبح قليل الدلالة والأثر، صعب التطور والاستدامة مادام موقع الكويت في مؤشر المعرفة العالمي، الذي يصدر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، موقعاً متراجعاً والعكس غير صحيح، بمعنى ان تحقيق تقدم لافت موقع الكويت على مؤشر المعرفة لا يمكن الا ان ينعكس إيجاباً على مؤشر تسهيل بيئة الأعمال.

ومن جهة اخرى، بين أن هناك مؤشرا بالغ الأهمية في هذا الصدد هو مؤشر "فقر التعليم". ويقصد به نسبة الأطفال في سن العاشرة الذين لا يمكنهم قراءة وفهم قصة قصيرة وبسيطة. ويعتبر القضاء على "فقر التعليم" اليوم شرطا أساسياً للقضاء على الفقر وتعزيز الرخاء. وإذا استمرت منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا على معادلها الحالي البطيء في تحسين تعليم الأطفال، فإن 59 في المئة من أطفال المنطقة في سن العاشرة لن يتمكنوا عام 2030 من القراءة وترتفع هذه النسبة الى 90 في المئة في دول المنطقة التي تعيش صراعات دامية، وما يجب ان يلفت انتباهنا تماما في دول مجلس التعاون الخليجي، إن ظاهرة "فقر التعليم" موجودة بقوة حتى بالدول المرتفعة الداخل في المنطقة، حث يعاني طفل من كل 3 أطفال في سن العاشرة من فقر التعليم، علماً ان كينيا نجحت في تحقيق تقدم كبير في هذا المضمار من خلال تدريب المعلمين، كما حققت فيتنام نجاحاً مماثلا من خلال تصميم منهج دراسي يخلو من الحشو.

العقبة في ترهّل الإدارة وضعفها

ذكر مستشار غرفة تجارة وصناعة الكويت ماجد جمال الدين أن سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد شكّل لجنة عام 2011 لدراسة معوقات التنمية والتقدم الاقتصادي شكّلت من مرجعيات وموثوقة وذات مناصب في القطاع العام، منها رئيس وزراء ونائبه ومحافظ البنك المركزي وأعضاء آخرون، وانتهت الى تقرير يقول إن العقبة الرئيسية للتنمية في الكويت هي ترهّل وضعف الإدارة العامة.

back to top