هل تستوعبون المسألة؟

نشر في 01-12-2019
آخر تحديث 01-12-2019 | 00:18
 حسن العيسى يا أهل السلطة، أنتم الناس المتربعون على كراسي الحكم، اقرأوا هذه الفقرة "إن مبدأ سيادة القانون وإعلاء مبدأ المشروعية من دعامات الدولة القانونية التي تقوم في جوهرها على خضوع الإدارة لحكم القانون في سائر تصرفاتها، ومقتضى ذلك ولازمه إعمال وجهه الصحيح نزولاً على مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص للمواطنين..."، هل قرأتموها جيداً؟ هل فهمتموها بدقة؟ ابدأ، ليس كافياً القراءة والفهم، السؤال هو: هل لديكم أي استعداد لتطبيقها في معظم مؤسساتكم التي ينخرها سوس المحسوبية والواسطة، في كلام آخر، يعني: يهيمن عليها الفساد الإداري من ألفها إلى يائها؟

الفقرة كانت من الحكم الرائع لمحكمة التمييز، في دعوى إدارية رفعتها مواطنة تملك روح الإصرار والمثابرة لاقتضاء حقها، تطلب في دعواها إنصافها من فساد وزارة العدل في عهد وزيرين سابقين، قاموا، بلا مبالاة، بتخطي حكم القانون وأبسط قواعد العدالة، من أجل الالتفاف عن طلب تعيينها في إدارة الخبراء، وأصدروا عشرات القرارات بتعيين جماعات، في تلك الإدارة، وصلوا لهم بالواسطة والمحسوبية، دون المدعية؟ ظلمت المسكينة بصفاقة وتبجح، وأصرت الإدارة على رفض دعواها أمام كل درجات التقاضي، أي بالمثل الشعبي "على شينج قواية عينج".

كلمات مثل أن "العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع" هي نصوص الدستور المنسي منكم، يا أهل السلطة، وكان لابد من تذكيركم، فقد حشرتم الواسطة لمعارفكم بدلاً من تكافؤ الفرص، ونحيتم جانباً العدل والمساواة والجدارة، لتضعوا مفردات "ربعنا، وجماعتنا، وقريب من النائب هباب والمتنفذ خيبة..."! ماذا بعد، وهل هناك ظلم أكثر من هذا الذي نلمسه باليد؟

يا ليت البلوى محصورة في وزارة العدل، أو في هذه أو غيرها من وزارات الدولة، هو نهج ممعن في الفساد الإداري يتأصل ويضرب جذوره في عمق أرض الإدارة بكل أشكالها. فماذا ستفعلون؟ مللنا من الوعود، والخطابات الإنشائية وكليشيهات عن الإصلاح وتعديل مساركم الأعوج، كلام وألفاظ ليس لها ظل في ممارساتكم الواقعية، جعجعة بدون طحين، وثرثرة فراغ إداري بدون عزم ونية صادقة للإصلاح. الصحيح فيما تصنعونه، هو العكس والمقلوب، هو ذاك الذي نشاهده ولا نستطيع أن نفعل معه شيئاً، فأهل الإصلاح ودعاة الحق هم من يتم تنحيتهم من السلطة والإدارة، بينما تتم الطبطبة وتوجيه الشكر والثناء لمن أوصل الدولة إلى هذه الحالة.

متى ستعدلون في مساركم؟ هل هناك أمل معكم، أم أنها العادة القديمة لشريم الذي ينفخ في قربة ضياع الأمل والرجاء، أجيبوا بالرد على حكم محكمة التمييز لا بالكلمات والوعود، وإنما بالأفعال، وسحق رؤوس الفساد. فنحن ننتظر، وكم سئمنا الانتظار.

back to top