شروط تعجيزية غير دستورية قبل تشكيل الحكومة

نشر في 25-11-2019
آخر تحديث 25-11-2019 | 00:10
من أفضل النصائح التي يمكن أن توجه إلى رئيس الوزراء في شأن تشكيل الوزارة، هي حسن اختيار الوزراء أصحاب الخبرة والكفاءة والأمانة في انسجام وعلى علم بمشكلات البلاد والحلول لها، وقد تكون هذه الكفاءات موجودة في أروقة الحكومة والمجلس.
 أحمد يعقوب باقر وضع بعض أعضاء مجلس الأمة شروطاً للتعاون مع الحكومة الجديدة حسب تصريحهم مثل مكافحة الفساد أو العفو العام أو سداد القروض، رغم أن اشتراط الأعضاء شروطاً معينة قبل التشكيل لم يرد في الدستور الكويتي، وقد تكون بعض هذه الاشتراطات بدهية ومجمعاً عليها ومن صميم عمل الحكومة في كل بلاد العالم، ولا تحتاج إلى إعلان مثل مكافحة الفساد، ولكن بعضها هي قضايا تشريعية ومحل اختلاف بين الشعب، وبالتالي بين أعضاء البرلمان، لذلك اشترطت الدساتير في الدول البرلمانية أن تعُرض الحكومة على البرلمان لحسم الأمر بكسب ثقة البرلمان، وقد تكسب الحكومة الثقة بصوت أو صوتين لتبدأ في مزاولة أعمالها، أما في الكويت حيث نص دستورها على النظام الوسطي بين البرلماني والرئاسي فلم يتطلب الدستور عرض الوزارة (الحكومة) الجديدة على المجلس، ونص على أن الثقة بالحكومة تعطى من الأمير مباشرة، ونص أيضاً على وجوب التعاون بين السلطات.

وهذا النص لا يمنع أعضاء المجلس من مزاولة صلاحياتهم في الرقابة على أعمال الحكومة، فنص على حق استجواب الوزراء ورئيس الوزراء على أن تكون هذه المحاسبة بعد مزاولة الحكومة أعمالها لا قبلها.

ومن الملاحظ أن بعض اشتراطات الأعضاء مثل العفو العام والقروض هي قضايا تشريعية، أي أنها تصدر بقانون، ومن المعروف أن الحكومة لها حق التصويت على القوانين، كما نص الدستور على أن السلطة التشريعية يتولاها الأمير ومجلس الأمة، فللأمير حق معلوم في رد القوانين وحل مجلس الأمة بمرسوم.

وإذا وضعنا اشتراطات الأعضاء بعدم التعاون حتى تحقق الحكومة مطالبهم على مقياس هذه الأسس الدستورية، فسنجد وبوضوح أنها غير دستورية، بل لا تجد أي حكومة في تاريخ الكويت حظيت بقبول وتأييد إجماع الأعضاء قبل تشكيلها، إنما كان المطبق هو الأساس الذي وضع في الدستور، حيث تبدأ الحكومة بالعمل ويمارس بعد ذلك الأعضاء حقهم عند حدوث الأخطاء أو الممارسات التي تخالف توجهات الأعضاء والمصلحة المعينة التي يرونها.

وبالتأكيد يمكن للأعضاء أن يعبروا عن آرائهم في أن يعمل التشكيل الحكومي على تحقيق تطلعاتهم وأماني الشعب كما يرونها، ولكن دون اشتراط مسبق بعدم التعاون إذا ما اختلفت رؤية الحكومة عن رؤيتهم في بعض التشريعات.

ومن أفضل النصائح التي يمكن أن توجه إلى رئيس الوزراء في هذا الصدد، هي حسن اختيار الوزراء أصحاب الخبرة والكفاءة والأمانة في انسجام وعلى علم بمشكلات البلاد والحلول لها، وقد تكون هذه الكفاءات موجودة في أروقة الحكومة والمجلس، ولكن المهم ألا يستعان بشباب طموحين لا يملكون أي خبرة مالية أو إدارية، ويكون همهم تحقيق مكاسب شخصية وتعيينات باراشوتية لربعهم الذين يروجون لهم في وسائل الاتصال.

والله من وراء القصد.

back to top