«الموت السريري» لـ «الناتو» يعيد نقاش الدفاع الأوروبي المشترك

نشر في 10-11-2019
آخر تحديث 10-11-2019 | 00:00
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
أطلق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون موجة من الاحتجاجات داخل حلف شمال الأطلسي "ناتو" بإعلانه أنه في "حالة موت سريري"، في تشخيص اعتبره خبراء يحمل مخاطرة لكنها ضرورية يجب وضعها في سياق النقاش حول الدفاع الأوروبي المشترك.

وفي مقابلة مع مجلة "ذي ايكونومست"البريطانية، أبدى ماكرون شكوكاً حيال معاهدة الدفاع الجماعي للحلف المنصوص عليها في المادة 5 من ميثاق تأسيسه، وتساءل ما إذا كان يمكن اللجوء إليها في حال خاضت قوات الرئيس السوري بشار الأسد حرباً ضد العملية العسكرية لتركيا.

وتنص المادة 5 على أن دول الحلف تتفق على أن الهجوم على أحداها هو هجوم على الجميع والالتزام باتخاذ "التدابير التي يرونها ضرورية" لمواجهة ذلك.

وقد يتضمن ذلك استخدام القوة، لكن المادة 5 لا ترغم الحلفاء على خوض حرب، يمكنهم على سبيل المثال اختيار تقديم الدعم السياسي أو الدبلوماسي أو اللوجستي.

وقال أحد الدبلوماسيين: "لن يتم تفعيل المادة 5 بالنسبة لتركيا لأنها مصممة للدفاع عن بلد ما، وليس إذا غزت دولة عضو بلداً آخر"، مشيراً إلى أن تركيا باتت في موقف المعتدي بتدخلها في شمال شرق سورية.

ويتطلب تفعيل المادة 5 إجماع 29 بلداً في الحلف، وتم العمل بها مرة واحدة فقط بعد الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة.

ويقول مسؤولون فرنسيون، إن تصريحات ماكرون لا تهدف إلى تقويض حلف شمال الأطلسي، فهو يريد "إيقاظ" الحلفاء ومواجهة الواقع الاستراتيجي الحالي، أي أن الولايات المتحدة مع الرئيس دونالد ترامب ستعمل لمصلحتها الخاصة وأن على أوروبا أن تتعلم الدفاع عن نفسها.

تقول سفيرة فرنسا لدى الحلف موريبل دوميناك: "هذه الأزمة حقيقية ويجب معالجتها ونتوقع الاستماع لخطاب رئيسنا وأن يؤخذ على محمل الجد داخل" حلف الأطلسي.

بدوره، قال مصدر فرنسي إن "حلف الأطلسي يعمل بشكل جيد على المستوى العملاني والعسكري، لكن ليس سياسياً واستراتيجياً".

يؤكد الدبلوماسي الفرنسي أن الانسحاب مجدداً من قيادة الأطلسي ليس أمراً وارداً. وقد انسحبت فرنسا من هيكلية القيادة العسكرية للحلف عام 1966 للاحتفاظ بالسيطرة على أسلحتها النووية بشكل مستقل، ولم تلتحق مجدداً بها سوى عام 2009.

من جهته، قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إن "على الأطلسي أن يتغير لمواجهة حقائق وتحديات اليوم".

ويرى بعض الدبلوماسيين في بروكسل توقيت تصريحات ماكرون قبل شهر من قمة الحلف في لندن خطوة حكيمة بينما تستعد المفوضية الأوروبية الجديدة لتولي مهامها مع الالتزام بأن يكون الاتحاد الأوروبي لاعبا مهما على الصعيد "الجيواستراتيجي".

وتم وصف اجتماع لندن بأنه احتفال بالذكرى السبعين للحلف الأطلسي، لكن الفترة التحضيرية سيهيمن عليها الآن النقاش حول تأكيد ماكرون "الموت السريري"، والمخاوف التي تعرب عنها باريس.

من جهته، قال السفير السابق بيار فيمون، المتعاون مع مركز أبحاث كارنيغي أوروبا حالياً، "ربما يكون ماكرون مخطئاً في الطريقة لأنه يؤجج الانتقاد المعتاد للغطرسة الفرنسية. لكن يبدو لي أنه على حق في ما يتعلق بالمضمون: النظام الأوروبي بأكمله "الأطلسي كما الاتحاد الأوروبي" بلغ نهايته ويجب إعادة التفكير فيه استراتيجياً".

ورغم تعليقات ماكرون الصريحة بأن الأحادية الأميركية تؤكد أن على أوروبا أن تدافع عن نفسها، فإن العديد من الأوروبيين يشككون بشدة في إمكان تحقيق ذلك من الناحية العسكرية.

وفي وقت سابق من العام الحالي، كشف تقرير للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، ومقره المملكة المتحدة أنه إذا انسحبت الولايات المتحدة من حلف الأطلسي فسيتعين على الأوروبيين إنفاق بين 288 و357 مليار دولار لسد النقص في الإمكانيات وفرض أنفسهم من خلال "حرب إقليمية محدودة".

back to top