رياح وأوتاد: من كان يصرف على الكويتيين؟

نشر في 04-11-2019
آخر تحديث 04-11-2019 | 00:10
 أحمد يعقوب باقر في الثاني من أغسطس عام 1990 توقف كل دخل، وأي إيراد مالي للكويت، فلا تصدير أو بيع للنفط، ولا رسوم ولا جمارك، أي أن دخلنا كان صفراً مدوراً، ولكن بحمد الله كان عندنا شيء اسمه احتياطي الأجيال المقبلة، بحوالي 130 مليار دولار.

هذا الاحتياطي صرف منه نحو 100 مليار على إعاشة الكويتيين في الغربة، وفي الكويت المحتلة، وكذلك دفع تكاليف التحرير وتكاليف إعادة الإعمار عندما كانت آبار النفط تحترق ولا تصدر، وبعد التحرير تمت إعادة بناء هذا الاحتياطي من الفوائض السنوية للميزانية عند ارتفاع سعر البترول، وكذلك من تدوير أرباح هذا الاحتياطي وعدم صرفها، حيث نص قانون إنشاء هذا الاحتياطي على عدم الأخذ منه إلا بقانون، أي في حالة الضرورة.

واليوم تذكرت هذا الدور العظيم لهذا الاحتياطي ونحن نسمع نداءات بغيضة فاسدة تدعو إلى السطو على هذا الاحتياطي لسداد القروض الشخصية بدون عدالة بين المواطنين، ولتوزيع هبات ومنح من التأمينات بدون أرباح، وغيرها من المصروفات، وبالغ أحدهم مبالغة لا تصح عندما ذكر أن هذا الاحتياطي يكفي لإعاشة الكويتيين في أي دولة يختارونها في العالم لمدة مئة عام.

هذه الدعوات تتنافى مع أبسط قواعد العقل والوطنية، لأن الجميع يعلم أن النفط مصدر ناضب، وبالتأكيد سيحتاج أبناؤنا الذين سيصل عددهم إلى 2.5 مليون عام 2035 إلى مصدر آخر للإعاشة، لأنه وحده لن يكون كافياً في المستقبل، وكذلك سنحتاج إلى مصدر آخر في حال نضوبه أو انخفاض سعره، أو إذا ضعفت الحاجة العالمية إليه، وربما اندلعت حرب في الخليج ولم نستطع تصدير قطرة نفط واحدة، فسيكون هذا الاحتياطي كما حصل في الغزو هو العائل الوحيد لنا بعد عناية الله تعالى.

كما ستكون الحاجة لاحتياطي الأجيال ضرورة كبرى لمواجهة الأخطاء والكوارث الاقتصادية، مثل تلك التي حملتها لنا عناوين تقارير ديوان المحاسبة مثل:

• الاختلالات الهيكلية في الميزانية مستمرة.

• خسائر مصفاة فيتنام فادحة.

• خطة تمويل مؤسسة البترول تؤثر على مصادر الدولة لـ10 سنوات قادمة.

• الاحتياطي العام ينزف 27 مليار دينار.

• إيرادات الكويت لا تكفي لمجابهة خططها للتنمية.

• ارتفاع عجز التأمينات إلى 19 مليار.

• صندوق المشروعات الصغيرة تخلف عن أداء خطته الاستراتيجية.

لذلك يجب أن تكون المحافظة على هذا الاحتياطي وتنميته من أولى أولويات الشعب الكويتي بلا خلاف، ولكن رغم خطورة تلك العناوين فإن حملات صرف المال العام والاستنزاف والسحب من الاحتياطيات مستمرة للأسف.

وإذا كانت هذه الحملات تحتج بالفساد والهدر والمنح والقروض الخارجية فما الذي يمنع هذه الحملات من تغيير اتجاهها لتحارب الفساد والهدر، ولتضع القروض الخارجية في إطارها السليم وكلفتها المناسبة، عندها سيساهم الجميع في هذه الحملات الصحيحة بكل توجهاتهم السياسية، بالبيانات وفي الندوات وسينضم لهم المتخصصون في الاقتصاد والقانون، ولن يجرؤ أحد على مخالفتهم أو الوقوف ضد حملاتهم، وسيتم الضغط على أعضاء مجلس الأمة لتوجيه الأسئلة وتشكيل لجان التحقيق التي تكشف الفساد والهدر، وتحصيل أموال الدولة، وتضفي العدالة بين المواطنين في الحقوق والامتيازات، وهي التي حرم منها الكثيرون بسبب الفساد والكوادر والتعيينات البراشوتية.

وبالتأكيد فإن هذه الحملات إذا أعيد توجيهها التوجيه السليم فإنها ستؤتي أكلها، وستحاصر الفساد والهدر، وسيبقى احتياطي الأجيال ذخراً لأبنائنا وحماية لبلدنا من التقلبات والكوارث السياسية والاقتصادية.

فهل سيفعلها أصحاب الحملات؟

back to top