مشكلة سد النهضة

نشر في 30-10-2019
آخر تحديث 30-10-2019 | 00:08
 د. عبدالمالك خلف التميمي إن مصادر مياه الأنهار الرئيسة في الوطن العربي تنبع من خارجه، وهي نهر النيل، ونهر الفرات، ونهر الأردن وبحيرة طبريا ومياه الجولان، وتتحكم فيها دول المنبع مثل إثيوبيا وتركيا وأخيراً إسرائيل، وإن موقف القانون الدولي من مشكلات مياه الأنهار بين الدول المجاورة أو المتشاطئة هو: من حق دول المنبع الاستفادة من مياه النهر بشرط عدم الإضرار بالدول الأخرى المجاورة التي تستفيد منه.

يمر نهر النيل في 9 دول آخرها مصر، وحصة مصر من مياه النيل قبل نصف قرن لم تتغير على الرغم من مضاعفة عدد سكانها، وزيادة استهلاكها للمياه العذبة، وإن مشروع سد النهضة الإثيوبي الجاري العمل به يعتبر من أكبر السدود في القارة الإفريقية، وملء بحيرته يعني انخفاض منسوب المياه في نهر النيل، وله تأثير مباشر على كمية المياه لدول حوض النيل ومنها مصر والسودان. إن حياة 95% من البشر والزراعة والصناعة في مصر هي على مياه نهر النيل، وإن مشروع سد النهضة الإثيوبي له تأثير كبير عليها، ويجب أن تأخذ إثيوبيا حقها ولا تؤثر على حقوق الآخرين، فهي مياه مشتركة لدول حوض النيل.

إن الحكومة الإثيوبية مصرة على استكمال تنفيذ المشروع، وإن مصر تطالب بمدّ فترة ملء بحيرة السد إلى 7 سنوات، ولابد من التفاوض بين إثيوبيا والسودان ومصر بشأن سد النهضة قبل إحالة القضية إلى التدويل، كما أن مصر تواجه زيادة في عدد سكانها، ومن ثم زيادة في استهلاك المياه، وعليها أن تفكر في مصادر أخرى إلى جانب نهر النيل مثل: المياه الجوفية، وتحلية مياه البحر، ومعالجة مياه الصرف الصحي للزراعة، وترشيد استهلاك المياه باستخدام الوسائل الحديثة في الزراعة ومحاربة التلوث في مياه النيل.

لقد ساهم الاحتباس الحراري وقلة الأمطار في انخفاض كمية المياه في منابع النيل وغيره، وإن العلاقات الجيدة بين الدول تساهم إلى حد كبير في مواجهة المشكلة بينها، وقد ساهمت إثيوبيا في استقرار السودان في ثورته الأخيرة، وعليها أن تبدي حسن النوايا تجاه مصر في مشروع سد النهضة، فليس لدى إثيوبيا مشكلة في المياه لكنها بالنسبة إلى مصر مشكلة كبيرة وخطيرة.

ومصادر المياه العربية السطحية في الوطن العربي مهددة من دول منابع النيل وبخاصة في مشروع سد النهضة الإثيوبي، وتركيا في منابع نهر الفرات الذي يمر في سورية والعراق، وإسرائيل المسيطرة على مصادر المياه في فلسطين والأردن والجولان السوري، وتهدد مصادر المياه العربية الأخرى، لقد سبق أن طرحنا قضية المياه العربية في كتابنا "المياه العربية– التحدي والاستجابة" قبل سنوات، وحذرنا من مثل هذه المخاطر، لأن الماء هو الحياة، وعلينا التفكير في مصادره للحاضر والمستقبل.

back to top