في رحاب البيت الحرام!

نشر في 29-10-2019
آخر تحديث 29-10-2019 | 00:20
 د.نجم عبدالكريم في الخطوات الأولى عند الطواف بالكعبة المشرفة وجدت نفسي أردد خلف المطوف الذي أمسك بكتابٍ يردد منه: "اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقِنا عذاب النار"... إلى آخر الدعاء، ولكن بعد الطواف الثاني وجدت نفسي أنفصل عن ترديد ذلك الدعاء، لأفتح أمام بيت ربي ملفاً لا يُفتح إلا في هذا البيت المقدس وأناجي من خلاله خالقي، ولأواجه حقيقة نفسي أمام من لا يخفى عليه شيء، سبحانه وتعالى.

***

• إلهي:

إن نفسي التي أُلهمت الفجور والتقوى قد تسربلت في الحياة الدنيا بالتيه والضياع والمعاصي والمآثم، إذ زيَّن لها شيطاني كل الشهوات، وأغواها بارتكاب ما حرّمته عليها من أفعال، فقد أمرتني، جلت قدرتك، باجتناب الرجس الذي هو من عمل الشيطان، فما كان مني إلا أن تلوثت به بزهوٍ وعجرفة وكبرياء زائفة نمَّ عن جهلٍ متعمد بتعاليمك، أيها الخالق العظيم.

***

• إلهي:

إن الامتحان كان عسيراً عليَّ في عمل ما دعوتني إليه من تقوى نفسي، وكم حاولت وكم أخفقت وكم خادعت نفسي وتظاهرت بالصلاح والتقوى، ولكنك، أيها الخبير العليم، كنت أعلم بما يعتلج في نفسي، فإن أفلحت، نسبياً، في خداع الآخرين والادعاء بصلاحي وتُقاي فلا ممالأة في خداعك أيها الجبار العظيم.

***

• إلهي:

تماثل أمام ناظريَّ الكثير من مفردات المعاصي والمآثم التي ارتكبتها في حياتي وأنا أطوف بين جنبات بيتك الطاهر، فشعرت بالعار يجللني من رأسي حتى أخمص قدمي. فهل يحق لي أن أطلب منك "في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة"؟... وهل "تقيني عذاب النار"؟... دارت في رأسي هذه التساؤلات والعشرات غيرها، وأنا أعلم أن الاجابة عنها عند كريم مقتدر، ونسيت أو تناسيت أنك شديد العقاب، لا إله إلا أنت.

***

• إلهي:

من شدة ضعفي وقلة حيلتي ورهبتي من يوم عقابك توجهت إلى مرقد نبي الرحمة، حبيبك محمد عليه الصلاة والسلام، متوسلاً إليه بالدموع أن يكون شفيعاً لي عندك يوم الحساب ولكن آية "من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه" رنت برأسي، فلم أجد بداً من اللجوء للكثير من الأبواب والمنافذ التي فتحتها أمام عبيدك، فلعل التوبة النصوح والاستغفار وطلب المغفرة والصفح واتباع العمل الصالح في السنوات القادمات قبل ملاقاتك، سبحانك، هي الملاذ الذي يخفف عني تلك الآثام والمعاصي التي تلوثت وتسربلت بها حياتي.

• ما إن خلصت إلى هذه النتيجة في مناجاة ربي في بيته الكريم حتى صرخ سؤال آخر في داخلي، ليهزني من الأعماق: أتُقر بكل هذا بعد أن بلغت الثمانين ولم يعد هناك الكثير بينك وبين القبر؟!

***

• إلهي: أنهيت طواف عمرتي بهذه المواجهة الصادقة في مناجاتك، يا أرحم الراحمين.

back to top