1.5 مليون لبناني يملأون الساحات مطالبين بالتغيير

• ورقة الحريري الإصلاحية تحصد موافقة شركائه وإلغاء الصناديق واقتطاع الرواتب أبرز ما فيها
• أنصار جعجع إلى الشارع بكثافة بعد استقالة وزرائه... وجنبلاط يتريث وصمت في صفوف «التيار»

نشر في 21-10-2019
آخر تحديث 21-10-2019 | 00:05
في اليوم الرابع من التظاهرات، تدفق عشرات آلاف اللبنانيين إلى الساحات مطالبين بالتغيير، في وقت تترقب الساحة اليوم انتهاء المهلة التي وضعها رئيس الحكومة سعد الحريري لنفسه قبل اتخاذ قرار بالاستقالة أو لا.
لا تشبه تظاهرات اللبنانيين الغاضبين من تردي الأوضاع المعيشية وفرض الضرائب أي حراك آخر، فهي المرة الأولى التي تعم فيها التظاهرات كل المدن اللبنانية، وفي مناطق كانت تقدم الولاء المطلق لقوى الأمر الواقع، سواء في الجنوب أو الشمال أو حتى في جبل لبنان، بينما بقيت بيروت مركز الاستقطاب الذي يحرك مسار التغيير.

وملأ المحتجون الساحات بأعداد فاقت الأيام الماضية بكثير وتوجهوا إلى الشوارع رافعين فقط العلم اللبناني، وقدرت وسائل إعلام عالمية نزول حوالي 1.5 مليون لبناني إلى الساحات في المناطق اللبنانية كافة.

بيروت

وامتلأت ساحتا الشهداء ورياض الصلح في بيروت بالمواطنين الذين حضروا مع عائلاتهم، وسط دعوات للناس في المناطق إلى عدم قطع الطرقات كي يتمكن اللبنانيون من الوصول إلى الساحات والمشاركة في التظاهرات الشعبية. وتجمّع عدد كبير من المحتجين أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت رافعين الأعلام اللبنانية ومكبرات الصوت التي تصدح بالأغاني الوطنية.

وبدا واضحاً أن أنصار حزب "القوات اللبنانية" شاركوا بكثافة، أمس، في التظاهرات خصوصاً في المناطق المسيحية شمال بيروت وفي مدينة زحلة غداة استقالة وزرائهم، كما دعا حزب "الكتائب اللبنانية" أنصاره إلى المشاركة بكثافة، وبدا هناك تريث من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وصمت في صفوف "التيار الوطني الحر.

طرابلس وصور

كما امتلأت ساحة عبدالحميد كرامي في طرابلس، حيث أقيم اعتصام مركزي، للمطالبة بإسقاط النظام واستقالة جميع المسؤولين. ورفع المعتصمون الأعلام اللبنانية فقط مرددين "ثورة ثورة"، وناشدوا إخوانهم في سائر المناطق الشمالية فتح كلّ الطرقات ليتمكن الجميع من الوصول إلى ساحة عبدالحميد كرامي ومشاركتهم احتجاجاتهم ضدّ النظام.

ولم يكن المشهد مغايراً في كل من صيدا عند دوار إيليا والنبطية وزوق مصبح وجل الديب وفي الشوف، حيث نظم المواطنون مسيرة من دير القمر باتجاه كفرحيم احتجاجاً على الأوضاع في البلاد. وحملوا الأعلام اللبنانية مطالبين باستقالة الحكومة، مؤكدين أنّهم لا يريدون طائفية في لبنان.

كذلك تجمّع عدد من الشبان عند الخط الرئيسي صيدا-صور مفرق العباسية، وأطلقوا هتافات مندّدة بالحكم والسلطة والفساد الحاصل في ظلّ انتشار للجيش اللبناني والقوى الأمنية.

ونفذت مجموعة من الشُبّان تظاهرة في وادي خالد عكار بوجه السلطة الحاكمة، مطالبين بإسقاط الحكومة. كما طالبوا بإنصافهم وإعطائهم حقهم كباقي شباب لبنان.

ورقة إنقاذية

في موازاة ذلك، تتجه الأنظار خلال الساعات المقبلة إلى اجتماع مرتقب لمجلس الوزراء لمناقشة الورقة الاقتصادية التي أعدها رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي طلب من القوى السياسية القبول بها "قبل أن يكون هناك كلام آخر" بعد قرب انتهاء مهلة الساعات الـ 72 التي حددها في خطابه مساء الجمعة الماضي.

وتضمنت الورقة الاقتصادية التي يناقشها مع الأطراف السياسة، عدداً من الإجراءات الاقتصادية، التي تهدف إلى تهدئة الشارع اللبناني ومنها: مساهمة المصارف في إنشاء معامل الكهرباء ومعامل فرز النفايات والمحارق الصحية، ودعم الصناعات المحلية ورفع الضريبة على الواردات التي لها بديل محلي، ووضع سقف لرواتب العسكريين لا يتجاوز رواتب الوزراء، وإلغاء جميع ما تم خفضه من معاشات التقاعد للجيش والقوى الأمنية، والحد الأقصى لمخصصات السفر إلى الخارج 3000 دولار مع موافقة سابقة من مجلس الوزراء

كما تضمنت الورقة رفع رواتب القضاة بحد أقصى 15 مليون ليرة أي ما يعادل 10 آلاف دولار، وخفض رواتب المديرين العامين بما لا يتجاوز 8 ملايين ليرة، ووضع ضريبة على المصارف وشركات التأمين 25 في المئة، وخفض كل رواتب الوزراء وإلغاء جميع مخصصات النواب.

واشتملت أيضاً على إلغاء جميع الصناديق (الجنوب والإنماء والإعمار والمهجرين)، وتقديم مصرف لبنان والمصارف الخاصة ثلاثة مليارات دولار لخزينة الدولة وإلغاء بعض المجالس والوزارات كوزارة الإعلام، وإلغاء كل أنواع الزيادات في الضرائب على القيمة المضافة والهاتف والخدمات العامة، ورفع السرية المصرفية عن حسابات النواب والوزراء والمسؤولين في الدولة، وخصخصة قطاع الاتصالات الحيوية وإقرار قانون استعادة الأموال المنهوبة.

تساؤلات

المعطيات التي تتصاعد من الحركة الاحتجاجية لا تعكس احتمالات استجابتها لأي إجراءات جديدة ستعلنها الحكومة حتى لو تضمنت أهم وأبرز ما يطالب به المحتجون لجهة المعالجات الاقتصادية والمالية باعتبار أن الحركة الاحتجاجية صار مطلبها المركزي إسقاط السلطة كلها بدءاً بالعهد والحكومة.

وإذ تبين من المعلومات المتوافرة حالياً أن كل الأفرقاء السياسيين المشاركين في الحكومة وافقوا على الورقة الإنقاذية للرئيس الحريري باستثناء "القوات اللبنانية" التي استقال وزراؤها من الحكومة فإن التساؤلات الكبيرة بدأت تتركز على ما يمكن أن يحصل في حال لم يرض المحتجون بالورقة كإنجاز حققوه بالضغط على السلطة. وهنا تبدأ السيناريوات المتصلة بتداعيات سياسية ومالية وأمنية بالغة الدقة والخطورة في حال تصاعد الوضع من دون أفق للمعالجة.

«الاشتراكي»

أشار وزير الصناعة وائل أبو فاعور، في كلمة بعد الاجتماع مع الرئيس الحريري إلى أن "الورقة الإصلاحية التي قدمها الرئيس الحريري متقدمة وجذرية وإصلاحية بالفعل"، وقال: "أضفنا عليها باسم الحزب التقدمي الاشتراكي بعض الإضافات النوعية".

وختم: "هذه الإجراءات مقدمات إصلاحية، إذا تم الأخذ بها، فهي تشكل حافزاً لنا كحزب تقدمي اشتراكي للبقاء في الحكومة، فبقاؤنا في الحكومة مشروط بتنفيذ هذه الإصلاحات"، وقال: "نحن نجلس في هذه الحكومة فوق كومة من الشوك".

جعجع

بعد 24 ساعة من تقديم وزرائه استقالتهم، أكد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع أنه "يجب الذهاب نحو حكومة مختلفة تماماً لأن الحكومة الحالية عاجزة".‏

واعتبر جعجع في تصريح أمس، أنه "فات الأوان والشارع أصبح بمكان آخر عن الإصلاحات التي يتحدثون عنها لذلك يجب الذهاب إلى تركيبة أخرى ‏وحياة سياسية ‏جديدة ‏لان آلية تركيب الحكومات خاطئة، والأحداث تثبت أن الحكومة لا تستطيع فعل شيء".‏

وأشار إلى أن "حكومة التكنوقراط يجب أن تكون حيادية عن الأكثرية الوزارية والنيابية الحالية ويجب أن تكون منسجمة وليس ‏كالحكومة الحالية ‏بمئة ‏رأس، وإذا تأخرنا اعتقد أن الآتي أسوأ، وأدعو الرئيس الحريري للذهاب إلى حكومة جديدة ولا أزال أتوقع استقالة ‏وزراء الحزب التقدمي الاشتراكي".‏

إغلاق مؤسسات... ودعوات لإضراب عام

مع استمرار التحركات الشعبية في أنحاء عدة من لبنان، أعلنت جمعية المصارف، أمس، أنه لليوم الرابع على التوالي ستبقى أبواب المصارف مقفلة اليوم "على أمل أن تستتب الأوضاع العامة سريعا في ضوء المساعي الحميدة والدؤوبة التي تبذلها مختلف السلطات لإشاعة الطمأنينة والاستقرار ولاستئناف الحياة الطبيعية في البلاد". وأضافت الجمعية في بيان: "يأتي ذلك حرصا على أمن العملاء والموظفين وسلامتهم، ومن أجل إزالة آثار الأضرار التي أصابت بعض المراكز والفروع المصرفية".

كما أعلنت رئاسة الجامعة اللبنانية تعليق الدروس في الكليات وإرجاء الامتحانات التي كانت مقررة. بدورها أعلنت المدارس الكاثوليكية تعليق الدروس إلى موعد تحدده لاحقاً.

ووسط دعوات لإضراب عام، أعلنت الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة تمديد الإضراب العام في كافة الإدارات والمؤسسات العامة حتى مساء اليوم "إفساحا في المجال لكل الزملاء الموظفين، في إطار حقهم المشروع في التعبير الحضاري عن هموم الناس وقضاياهم العادلة، بالمشاركة في المسيرات الشعبية الرافضة للمس بقوت الفقراء ومحدودي الدخل" حسب ما جاء في بيان.

ولوحت الرابطة بالإضراب العام في حال مسّت الإجراءات الإصلاحية بحقوق أصحاب الدخل المحدود أو رواتب الموظفين ومستحقاتهم التقاعدية.

ودعا الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين إلى الإضراب العام والتظاهر "من أجل الحق في حياة كريمة".

back to top