أزمة التسويق الحكومي

نشر في 06-10-2019
آخر تحديث 06-10-2019 | 00:10
نحن في الكويت نفشل دائماً- كأجهزة إدارية- في التسويق، والانخراط بين الناس، ويرجع ذلك إلى عدم الدراية والوعي بخطورة بعض الأمور، فالشفافية وحقوق الإنسان أعمدة أساسية لكي تبقي الدولة على قيد الحياة.
 مظفّر عبدالله أول العمود:

سلامة الطفل على الإنترنت" تقرير أصدرته شركة زين للاتصالات بالتعاون مع مؤسسة Childhood ومنظمة اليونسكو والاتحاد الدولي للاتصالات، وهو نموذج راقٍ لمعنى المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص.

***

من الأجسام الإدارية المُحدثة في الحياة الكويتية اليوم وجود مؤسستين تعملان في شأنين يُعَدَّان حاضراً من بين أكثر المواضيع إلحاحاً على مستوى دولي لارتباطهما بالشفافية التي صار لها منظمات دولية تراقب الحكومات وتصنفها بموجبها، وثانياً بحقوق الإنسان التي راجت بعد الحرب العالمية الثانية ولاتزال تُزعج معظم حكومات دول العالم.

هاتان المؤسستان هما، "نزاهة" المعنية بمكافحة الفساد والتي تأسست بموجب قانون ٢ لسنة ٢١٠٦، والديوان الوطني لحقوق الإنسان والمُنشأ بالقانون رقم ٦٧ لسنة ٢٠١٥.

مسألتان حديثتان على الحياة السياسية والإدارية في الكويت، إذ لم تستطع السلطتان التشريعية والتنفيذية هضمهما كما يجب، وكما تتطلبه الشروط الدولية لأسباب عديدة، بل إن إدخالهما في الحياة العامة- بين الناس أقصد- ناله نقص وتقصير واضحان أثّرا كثيراً على ترويج أفكار وأهداف المؤسستين لدى العامة.

نحن في الكويت نفشل دائماً- كأجهزة إدارية- في التسويق، والانخراط بين الناس، ويرجع ذلك إلى عدم الدراية والوعي بخطورة بعض الأمور، فالشفافية وحقوق الإنسان أعمدة أساسية لكي تبقي الدولة على قيد الحياة، والفشل في تثبيت هذه الحقيقة في عقول الناس يعني ضعف هذه المؤسسات، لا بل تعرضها للنقد والازدراء مع مرور الوقت.

كان يجب أن يواكب إشهار هاتين المؤسستين استدعاء القائمين على وضع المناهج في وزارة التعليم لإدخال تلك المفاهيم في مناهج الطلبة، وتحفيز جامعة الكويت لعمل برامج أكاديمية وإقامة حوارات جادة حولهما، وتقديم الدعم غير المشروط للجمعيات الأهلية الموازية للعمل على مساعدة الدولة في الترويج لهذين المفهومين الحضاريين.

كثير من الناس لا يعلمون بوجود ديوان حقوق الإنسان ونزاهة، وكثيرون أيضا ممن لا يعلمون أهدافهما، وكثيرون كذلك ممن يستهينون بهما، وهي انطباعات لا نلوم أحداً بسببها.

زاوية أخرى أكثر أهمية لترسيخ مهام هاتين المؤسستين، وهي ضرورة أن تحترم الحكومات الكويتية واجبات الجهازين، وألا تتدخل أو تضغط باتجاه تغيير مسارهما، وحتى لا يُقال باللهجة المحلية أنهما بـ"المُخبَه"، أي في الجيب، وهذه نقطة مهمة وسلاح ذو حدين، فإما الاحترام الذي يولد ثقة الناس بهما، أو التدخل الذي يؤدي إلى جعلهما مؤسسات للديكور الدولي والقول إننا نملك مؤسسات!

مازال هناك متسع من الوقت لتجنيد الإعلام الرسمي لعمل حملات إعلامية تمتد سنوات، وتواكب نشاط ومهام تلك المؤسستين حتى تكون هناك ثقافة رائجة في الأوساط الشعبية والإعلامية الخاصة بأهدافهما.

واذا كانت الكويت قد صعد نجمها بداية الستينيات بسبب العناية الفائقة بالثقافة والفن والجهد الدبلوماسي وتجنيد فوائض النفط لتنمية البلدان الفقيرة، فاليوم يمكن البناء والاستثمار على ذلك الإرث في موضوعي الشفافية وحقوق الإنسان لأنهما كالماء، فلا حياة بدونهما للدول.

back to top