التربية بالثقة

نشر في 27-09-2019
آخر تحديث 27-09-2019 | 00:08
 محمد العويصي الثقة بالآخرين تُبنى من خلال العِشرة والمواقف والتصرفات والتجارب، وهي علاقة بين طرفين تعتمد على الظن الحسن والأمانة، والناس عادة تحب من يثق بها، خاصة إذا كان الشخص الذي يثق بهم يعمل بائعا.

"الناس أجناس"، كما يقولون في الأمثال، وهناك من هو جدير بالثقة، وآخر خائن للثقة ولا يقدرها، وسأذكر لكم موقفين رائعين في هذا الشأن:

مسعود الأفغاني يعيش في أميركا، ويملك محلا صغيراً لبيع الدونت الطازجة والقهوة اللذيذة الطعم بسعر 4 دولارات، زبائن مسعود أغلبهم موظفون يعملون في الشركات المجاورة لمحله، في وقت الاستراحة، ومدتها نصف ساعة، يأتي الموظفون للشراء من مسعود يبيعهم ويحاسبهم بنفسه.

لاحظ مسعود أن فترة الاستراحة تنتهي وبعض الموظفين لم يسعفهم الوقت للشراء منه، ففكر في طريقة تسهل عليه البيع، وعلى زبائنه الشراء، فوضع صندوقا فيه 50 دولاراً من فئة الدولار، يشتري الزبون الدونت والقهوة ويضع النقود في الصندوق بنفسه.

لاحظ مسعود بعد انتهاء عمله أن عائد البيع بدأ يزداد يوما بعد يوم بسبب ثقته في زبائنه، فقد كانوا يشترون الدونت والقهوة ويضعون النقود في الصندوق، ولا يأخذون بقية النقود إكراما لمسعود الذي وفر عليهم الوقت ووثق بهم.

والشيء بالشيء يذكر، طبقت إحدى المدارس المتوسطة في الكويت طريقة جديدة للبيع في المقصف المدرسي تركز على خلق الأمانة، وزرع الثقة في نفس الطالب، بحيث يشتري الطالب حاجته من الفطائر والعصير والكاكاو والبطاطا ثم يضع قيمة ما أخذه في صندوق موجود فوق الطاولة، لاحظ المعلم المسؤول عن المقصف المدرسي أن عائد البيع بدأ يقل يوماً بعد يوم، وإذا عرف السبب بطل العجب، فقد كان بعض التلاميذ يأخذون الطعام ويضعون بعضه في جيوبهم خلسة، ثم يضعون نقودا أقل مما أخذوه في الصندوق، وهكذا تكبدت المدرسة خسارة مادية يوما بعد يوم، فألغت الطريقة الجديدة، وعادت المدرسة إلى الطريقة القديمة "سلم واستلم".

الأمانة خلق إسلامي عظيم حثّ عليها ديننا الحنيف، فعلى الأسرة أن تربي أولادها على الأمانة والثقة بالآخرين وحسن الظن بهم منذ نعومة أظفارهم، وكما قيل "التعليم في الصغر كالنقش على الحجر". ويقول الشاعر:

وينشأ ناشئ الفتينان منا على ما كان عوده أبوه.

* آخر المقال:

"الثقة كلمة صغيرة قليلة الحروف، لكنها تحمل الكثير من المضمون".

back to top