لا عدالة لفلسطين بدون عدالة للمرأة الفلسطينية

نشر في 08-09-2019
آخر تحديث 08-09-2019 | 00:07
 مصطفى البرغوثي ليس لدي أي نية لاستباق نتائج التحقيق بشأن قضية إسراء غريب، لكن فقدان هذه الفتاة الشابة، التي كانت مفعمة بالنشاط والحيوية، لحياتها، ذكرنا بقضايا كثيرة مماثلة، وقضيتها أصبحت قضية رأي عام، لأنها جسدت الحاجة للتصدي لكل أشكال العنف الذي مورس، أو يمارس، أو قد يمارس، ضد النساء والفتيات الفلسطينيات، ولأنها كشفت الثغرات في القوانين الفلسطينية والتقصير التشريعي في حماية حقوق النساء وحياتهن.

وأبرز هذه الثغرات النصوص المخففة للعقوبات تجاه من يقدم على جريمة قتل النساء، في قانون مستورد عمره تسعة وخمسون عاما، بالإضافة إلى عدم إقرار وإصدار قانون حماية المرأة والأسرة الفلسطينية حتى الآن، ولكن الثغرة الأكبر هي أن فلسطين فقدت جسمها التشريعي بعد حل المجلس التشريعي الفلسطيني، والذي للأسف عُطل معظم دوره قبل الحل لسنوات بسبب الانقسام السياسي. ولا تقف المسألة عند هذه النقطة، إذ إن هناك تعارضا ما زال قائما، وغيابا ما زال مستمرا، لحقوق ومبادئ قانونية أقرتها الاتفاقيات الدولية التي انضمت لها فلسطين ومنها اتفاق "سيداو"، مما يعرض المنظومة الفلسطينية لانتقادات ومساءلات، لن تتقاعس إسرائيل عن استغلالها.

حقوق المرأة الفلسطينية، والمساواة في الحقوق والفرص للفتيات الفلسطينيات، لا تعالج بعبارات عامة، مثل المرأة "نصف المجتمع" والمرأة هي "الأم والأخت والابنة"، بل بتبني، وإقرار، وتطبيق دقيق، لقوانين تحمي حياة وحرية وحقوق المرأة والفتيات الفلسطينيات من أي اعتداء. ولن تُضمن إلا بقبول الحقيقة الراسخة بأن المرأة الفلسطينية كانت وما زالت، مثلها مثل الرجل تماما، مساهمة في النضال والكفاح، والعمل والاقتصاد والبناء، ورعاية الأجيال، بل إن دورها في بعض المجالات يفوق ذلك.

قضية إسراء غريب أثارت مسألتين أساسيتين تؤلمان المجتمع الفلسطيني، المساواة أمام القانون وتطبيقه العادل على الجميع دون تمييز، ومسألة العدالة السياسية والاجتماعية والحقوقية والاقتصادية، ولذلك لم يكن غريبا أن تترافق الدعوات لحماية حقوق وحياة المرأة، بالمطالبة بالانتخابات الديمقراطية وإعادة الحياة للمؤسسة التشريعية الفلسطينية، التي بدونها لا يمكن الحديث أصلا عن مبدأ فصل السلطات، والذي يمثل الحد الأدنى للتوازن السياسي والاجتماعي. لن ننتصر في نضالنا كشعب يكافح ضد الظلم، والاحتلال، والتمييز العنصري، ما لم نقم العدالة بين صفوفنا، وما لم يشعر كل الفلسطينيين والفلسطينيات أنهم يناضلون من أجل وطن عادل سيكون لهم جمعيا، وليس لفئة مميزة على حساب باقي فئات الشعب. ولذلك تصبح حماية المرأة الفلسطينية وحقوقها جزءا أساسيا من مقومات نجاح نضالنا الوطني من أجل الحرية، وفي ذلك بصح القول "لا عدالة لفلسطين بدون عدالة للمرأة الفلسطينية".

* الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية

back to top