«كامكو»: تباطؤ اقتصادي وشيك يربك أسواق النفط

«عدم اليقين بشأن النمو العالمي يثقل كاهل الطلب ويدفع إلى تراجع الأسعار»

نشر في 21-08-2019
آخر تحديث 21-08-2019 | 00:04
No Image Caption
أظهرت البيانات الصادرة، أخيراً، عن مختلف الوكالات الاقتصادية حول العالم تباطؤاً اقتصادياً عالمياً وشيكاً. وقد أثر ذلك سلباً على إمكانية إعادة التوازن لسوق النفط خلال العام الحالي، كما كان متوقعاً في وقت سابق، وساهم في دفع المحللين إلى خفض توقعات الطلب على النفط.
في أطول سلسلة من التراجعات المتواصلة، انخفضت أسعار نفط أوبك بنسبة 12.3 في المئة، في حين فقد سعر مزيج خام برنت نسبة 15 في المئة من قيمته خلال جلسات التداول الست الأولى من أغسطس 2019، وذلك على خلفية تصاعد النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين.

وحسب التقرير الشهري الصادر عن شركة كامكو للاستثمار، بدأ الشهر بإعلان الرئيس الأميركي فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 10 في المئة على واردات صينية بقيمة 300 مليار دولار، ابتداءً من سبتمبر 2019، بما ساهم في تفاقم مخاوف الطلب على النفط، بينما تواصل الولايات المتحدة الإنتاج بمستويات مرتفعة.

وأشارت البيانات الصادرة، أخيراً، عن مختلف الوكالات الاقتصادية حول العالم إلى تباطؤ اقتصادي عالمي وشيك. وقد أدى ذلك إلى التأثير سلباً على إمكانية إعادة التوازن لسوق النفط خلال العام الحالي، كما كان متوقعاً في وقت سابق، وساهم في دفع المحللين إلى خفض توقعات الطلب على النفط.

من جهة أخرى، لعبت القضايا الجيوسياسية في منطقة الخليج المسؤولة عن توفير أكثر من 23 في المئة من النفط العالمي، دوراً لا يكاد يذكر على صعيد أسعار النفط إذ كان تأثير المخاوف الاقتصادية على الأسعار أكثر بروزاً.

فمن جهة، لم يتم بعد التوصل إلى حل للنزاع التجاري الأميركي - الصيني الذي يواصل القاء ظلاله على نمو الاقتصاد العالمي. وفي الجهة المقابلة، تتزايد الأرقام قتامة في ظل صدور العديد من البيانات السلبية التي تراوحت ما بين تراجع الإنتاج الصناعي في الصين وانخفاض مبيعات السيارات في الهند، وصولاً إلى تراجع الصادرات الألمانية. وأدت النقاط المرجعية للبيانات إلى تزايد مخاوف المستثمرين والتسبب في قدر هائل من التقلبات في الأسواق المالية والسلع.

وأظهرت أحدث البيانات الصادرة عن الصين نمو الإنتاج الصناعي في يوليو 2019 بأبطأ وتيرة منذ 17 عاماً، في حين أظهرت كل من الواردات ومبيعات التجزئة دلالات على انخفاض الاستهلاك المحلي في ظل محاولات الحكومة معالجة تلك المشاكل من خلال تقديم الدعم وخفض معدلات الإقراض من قبل البنوك.

وفي نفس الإطار، سجل قطاع السيارات في الهند انخفاضاً بنسبة 18.7 في المئة في مبيعات سيارات الركاب، فيما يعد أعلى وتيرة تراجع شهرية يسجلها منذ 18 عاماً. أما في أوروبا، فيذكر أن ألمانيا على وشك الدخول في حالة من الركود الاقتصادي، في ظل انخفاض الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من عام 2019، وإن كان بمعدل هامشي بلغت نسبته 0.1 في المئة. ومع تسجيل منطقة اليورو لنمو بنسبة 0.2 في المئة على أساس ربع سنوي، هناك أنباء عن قيام البنك المركزي الأوروبي بإعداد حزمة للتحفيز الاقتصادي في سبتمبر 2019.

أما على صعيد الطلب على النفط، فقد خفضت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها للعام الحالي، وسجلت أبطأ نمو في الطلب منذ عام 2008 خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام. ووفقاً لأحدث التقارير الشهرية الصادرة عن الوكالة، تراجع الطلب للمرة الثانية هذا العام في مايو 2019، حيث بلغ إجمالي نمو الطلب خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام 520 ألف برميل يومياً نتيجة لضعف الطلب من جهة الهند والولايات المتحدة، والذي قابله جزئياً نمو الطلب من الصين.

من جهة أخرى، ذكرت الوكالة أن توقعات الطلب لا تزال هشة وقامت بخفض توقعات نمو الطلب لعام 2019 بأكمله بواقع 100 ألف برميل يومياً، ليصل إلى 1.1 مليون برميل يومياً وبواقع 50 ألف برميل يومياً للعام 2020 وصولاً إلى 1.3 مليون برميل يومياً، إلا ان وكالة الطاقة الدولية توقعت زيادة الطلب خلال النصف الثاني من عام 2019، وهو الأمر الذي من شأنه المساهمة في تحسين أوضاع السوق.

وفي خطوة مماثلة، قامت "أوبك" أيضاً بخفض توقعات نمو الطلب للدول غير الأعضاء خلال عام 2019، بواقع 40 ألف برميل يومياً، مرجعة السبب إلى المشاكل الاقتصادية، إلا انها ذكرت ايضاً أن الإمدادات ستكون أقل من التوقعات السابقة. وفي ذات الوقت، واصلت "أوبك" خفض الإنتاج خلال يوليو 2019 إلى أقل من مستوى 30 مليون برميل يومياً.

الاتجاهات الشهرية لأسعار النفط

بعد أن شهدت أسعار النفط تحسناً هامشياً على أساس شهري في يوليو 2019، عاودت تراجعها في أغسطس 2019 مع وصول سعر مزيج خام برنت إلى 55.03 دولار للبرميل كما في 7 أغسطس 2019، متراجعاً بنسبة 6.1% خلال يوم واحد فقط. وانخفضت الأسعار إلى ما دون مستوى 60 دولارا للبرميل، للمرة الأولى منذ نهاية يناير 2019 مع انخفاض متوسط الأسعار في النصف الأول من الشهر بأكثر من 8 في المئة على أساس شهري. ويعزى هذا التراجع الشديد منذ بداية الشهر إلى تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، مع قيام الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية إضافية على البضائع الصينية. بالإضافة إلى ذلك، فإن النظرة السلبية لوكالة الطاقة الدولية وكذلك إلى حد ما من منظمة الأوبك في تقاريرها الشهرية، قد ساهمت في تعزيز تراجع أسعار النفط، إذ تستمر المخاوف في التأثير سلباً على جانب الطلب في سوق النفط، بينما ظل المعروض النفطي مستقراً فوق مستوى 100 مليون برميل يومياً خلال يوليو 2019، وفقاً لتقرير وكالة الطاقة الدولية الذي ذكر أيضاً أن الوكالة قد تقوم بخفض توقعات الطلب مجدداً في حالة استمرار الحرب التجارية.

وشهد متوسط أسعار خام النفط تحسنا هامشياً في يوليو 2019، حيث قابل التراجع الذي منيت به الأسعار في منتصف الشهر بعض المكاسب التي تم تسجيلها خلال النصف الأول من الشهر والأسبوع الأخير منه. وارتفع متوسط سعر خام الأوبك بنسبة 2.8 في المئة على أساس شهري وصولاً إلى 64.7 دولارا للبرميل، في حين بلغ متوسط سعر خام النفط الكويتي 64.9 دولاراً، مسجلاً ارتفاعاً هامشياً بنسبة 3.7 في المئة على أساس شهري. من جهة أخرى، تراجع سعر مزيج خام برنت بنسبة -0.2 في المئة في المتوسط، حيث بلغ 63.9 دولارا للبرميل في يوليو 2019.

الطلب العالمي على النفط

تم خفض تقديرات الطلب العالمي على النفط لعام 2019 بواقع 0.04 مليون برميل يومياً، ليصل معدل النمو المتوقع إلى 1.1 مليون برميل يوميا، حيث يتوقع أن يصل متوسط الطلب إلى 99.92 مليون برميل يوميا، وفقا لأحدث التقارير الشهرية الصادرة عن "أوبك".

وتعكس تلك المراجعة تراجع تقديرات نمو الطلب على النفط التي جاءت أقل من المتوقع في منطقة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية خلال الربع الأول من عام 2019، حيث تم خفضها بواقع 0.05 مليون برميل يومياً لهذا الربع، على خلفية انخفاض الطلب خلال مارس 2019 للدول الأميركية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

كما تم تعديل معدلات نمو الطلب للدول غير التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وخفضها بحوالي 0.13 مليون برميل يومياً للربع الثاني من عام 2019، بما يعكس تراجع بيانات الطلب إلى مستويات أقل من المتوقع في آسيا الأخرى والشرق الأوسط.

وتعزى تلك المراجعة لمنطقة آسيا الأخرى إلى تباطؤ أنشطة البناء والنمو الاقتصادي، في حين شهدت منطقة الشرق الأوسط تأثير سياسات استبدال الوقود وخفض الدعم الحكومي.

وأظهرت أحدث البيانات الشهرية للولايات المتحدة تراجع الطلب على النفط بنسبة 0.5 في المئة على أساس سنوي، كما في مايو 2019 في ظل انخفاض الطلب على وقود الديزل وزيت الوقود بسبب ارتفاع الأساس المرجعي للمقارنة واستبدال الوقود بالغاز الطبيعي، بينما انخفض الطلب على البنزين بسبب انخفاض عدد الأميال التي تم قطعها بالمركبات وضعف مبيعات السيارات.

إلا أن بيانات الطلب الأولية لشهري يونيو ويوليو 2019 أظهرت اتجاهاً ايجابياً للطلب بصدارة الطلب على الديزل ووقود الطائرات والكيروسين وغاز البترول المسال / الغاز الطبيعي المسال، في حين قابل ذلك النمو ضعف الطلب على البنزين.

أما على صعيد الدول الأوروبية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فقد أظهرت بيانات الطلب في النصف الأول من عام 2019 انخفاضا هامشيا في الدول الأوروبية الأربع الكبرى على خلفية ضعف معدلات الطلب لقطاع النقل البري، كما يتضح من انخفاض مبيعات السيارات بنسبة 3 في المئة خلال النصف الأول من عام 2019.

من جانب آخر، ظلت توقعات نمو الطلب على النفط لعام 2020 دون تغيير عند مستوى 1.14 مليون برميل يوميا، مع توقّع أن يبلغ متوسط الطلب الإجمالي إلى 101.05 مليون برميل يوميا. إلا انه في ظل استمرار الضغوط الاقتصادية، ذكر تقرير "أوبك" أن توقعات النمو في العام المقبل عرضة لمخاطر التراجع.

98.71 مليون برميل يومياً

وفقاً لمنظمة أوبك، واصل المعروض النفطي نموه في يوليو 2019 بارتفاع بلغ 0.23 مليون برميل يومياً مقابل الشهر السابق، ليصل في المتوسط إلى 98.71 مليون برميل يومياً. وتعزى تلك الزيادة مجدداً لتزايد إنتاج الدول غير التابعة لمنظمة أوبك بواقع 0.48 مليون برميل يوميا، ليصل المتوسط إلى 69.11 مليون برميل يوميا، وبصفة خاصة من كندا والنرويج والمملكة المتحدة وأستراليا والهند والبرازيل وأذربيجان.

وقد أدى ارتفاع إنتاج الدول غير الأعضاء بمنظمة أوبك إلى انخفاض حصة المنظمة في السوق بواقع 30 نقطة أساس، لتصل إلى 30.0 في المئة في يوليو 2019. أما بالنسبة إلى عام 2019 بأكمله، فقد تم خفض توقعات المعروض النفطي من خارج منظمة أوبك بواقع 72 ألف برميل يوميا، ليصل معدل النمو إلى 1.97 مليون برميل يوميا و64.39 مليون برميل في المتوسط.

ويعكس ذلك التخفيض في التوقعات تراجع إنتاج النفط بأكثر من المتوقع في الولايات المتحدة (-35 ألف برميل يومياً) والبرازيل (-59 ألف برميل يومياً) وتايلاند (-28 ألف برميل يومياً) والنرويج (-16 ألف برميل يومياً) خلال النصف الأول من عام 2019.

وقد تم تعويض ذلك التراجع جزئيا من خلال زيادة توقعات الإنتاج من قبل كندا (+ 56 ألف برميل يومياً) للعام بأكمله، بما يعكس ارتفاع الإنتاج في الربع الثاني من عام 2019، بعد أن قررت حكومة مقاطعة ألبرتا تخفيف القيود المفروضة على إنتاج النفط.

إنتاج «أوبك»

تراجع إنتاج "أوبك" مجدداً في يوليو 2019 في وقت يعكس استمرار جهود المنظمة لدعم أسعار النفط. ويعد هذا الشهر الثامن على التوالي الذي يشهد تراجع إنتاج دول المنظمة، حيث انخفض متوسط الإنتاج الشهري بمعدل 2.7 مليون برميل يومياً. وبلغ متوسط الإنتاج 29.87 مليون برميل يوميا، بتراجع قدره 130 ألف برميل يومياً وفقاً للبيانات الصادرة عن وكالة بلومبرغ، في حين أظهرت مصادر "أوبك" الثانوية وصول معدل الإنتاج إلى 29.61 مليون برميل يومياً، أي بتراجع بلغ 246 ألف برميل يوميا. وبناء على أرقام الإنتاج الخاصة بـ "أوبك"، بلغ معدل الالتزام باتفاقية خفض الإنتاج حوالي 144 في المئة خلال يوليو 2019.

ووفقًا لبيانات "أوبك"، طبقت السعودية خفضاً شديداً للإنتاج بواقع 134 ألف برميل يوميا، ليصل بذلك إنتاجها إلى 9.7 ملايين برميل يومياً، في حين خفضت إيران وليبيا وفنزويلا الإنتاج بمعدل جماعي بلغ 121 ألف برميل يومياً خلال الشهر.

تم خفض تقديرات الطلب العالمي على النفط لعام 2019 بواقع 0.04 مليون برميل يومياً
back to top