حساسية الفول السوداني... علاج ينتظر الموافقة

نشر في 15-08-2019
آخر تحديث 15-08-2019 | 00:00
No Image Caption
تصعّب أرجية الفول السوداني حياة ملايين ممَن يُضطرون إلى التعايش معها، إذ تشكّل "آثار الفول السوداني المحتملة" في الأطعمة خطراً خفياً دائماً، لكن علاجاً طُور حديثاً سيساعد قريباً المرضى في اختيار أطعمتهم بثقة أكبر.
اكتشف الخبراء أن عدد مَن يُرجَّح أنهم يعانون أرجية الفول السوداني في الطفولة ارتفع بنسبة 21 في المئة منذ عام 2010. ويكمن أكبر تحدٍّ إزاء هؤلاء في تحديد المنتجات الغذائية التي تُعتبر آمنة للاستهلاك 100 في المئة، وتلك التي قد تولّد نوبة أرجية.

علاج مطور

في حالة البعض، قد تكون أرجيته شديدة فتؤدي إلى صدمة أرجية، وهي رد فعل حاد يهدد الحياة. ويحتوي كثير من المنتجات الغذائية على آثار فول سوداني، لأن المصانع التي تنتجها تعالج أيضاً الفول السوداني.

لكنّ علاجاً جديداً طوره خبراء من معاهد بحث عدة في أنحاء العالم قد يساعد مَن يعانون هذا النوع من الأرجية، وهدفه تعزيز تحمّل هذا الطعام إلى حد كافٍ كي يتمكن مَن يعانون الأرجية من تحمل التعرض العرضي لهذه المادة من دون مشاكل.

يقول د. ستيفن تيلز، باحث أشرف على تقرير الدراسة ترأس سابقاً الكلية الأميركية للأرجية والربو والمناعة ومستشار في شركة التكنولوجيا الحيوية Aimmune Therapeutics: "نحن مسرورون لأننا قد نتمكن من مساعدة الأولاد والمراهقين الذين يعانون أرجية الفول السوداني في حماية أنفسهم من تناول بشكل عرضي طعاماً يحتوي على هذا النوع من البقول".

قدّم الباحثون أخيراً نتائجهم في اللقاء العلمي السنوي للكلية الأميركية للأرجية والربو والمانعة في سياتل. كذلك نُشرت في مجلة "نيو إنغلاند للطب".

القدرة على التحمل

يكتب معدو الدراسة: "لما كان لا يتوافر علاج معتمد لأرجية الفول السوداني، فارتكزت الرعاية المتبعة على اتباع نظام غذائي يستبعد بصرامة أي أطعمة مؤذية وإعطاء المريض في الحال أدوية الإنقاذ عند إصابته برد فعل أرجي جراء تعرضه عرضياً للفول السوداني".

ويضيفون: "ولكن رغم كل اليقظة والوعي، تقع الحوادث العرضية وتسبب ردود فعل لا يمكن توقع حدتها حتى مع كميات صغيرة من مسببات الأرجية، مما يجعل المريض مهدداً طوال حياة بالتعرض لردود فعل خطيرة".

اختبرت دراسة أُجريت أخيراً فاعلية علاج مناعي فموي جديد لأرجية الفول السوداني يُدعى AR101، "وهو دواء بيولوجي فموي مشتق من الفول السوداني يقدّم جرعة مداومة يومية مستهدفة تبلغ 300 مليغرام من بروتين الفول السوداني"، كما يوضح الباحثون في تقرير الدراسة.

عمل الباحثون مع مشاركين تتراوح سنهم بين أربع سنوات و55 سنة، مع أن معظمهم بلغ من العمر بين أربع سنوات و17 سنة. واضطروا جميعا إلى التعايش مع أرجية الفول السوداني.

في مستهل الدراسة وفي نهايتها، خضع المتطوعون لتحدٍّ غذائي فموي كي يتمكن العلماء من تحديد مدى حدة ردود فعلهم الأرجية. من بينهم، تلقى الثلثان AR101، في حين أُعطي الثلث المتبقي دواء وهمياً. وحصل كل مشارك على العلاج المخصص له بجرعات متزايدة إلى أن بلغوا جرعة المداومة. واستمروا في تناولها طوال فترة الدراسة.

بحلول نهاية الدراسة، اكتشف الباحثون أن 80 في المئة من المشاركين بلغوا بنجاح جرعة المداومة اليومية، أي ما يعادل حبة فول سوداني.

زيادة كبيرة

ويوضح د. تيلز أن مشاركين كثراً اختبروا زيادة كبيرة في قدرتهم على تحمل الفول السوداني. ويذكر معدو الدراسة: "أملنا عندما بدأنا الدراسة أننا بمعالجة المرضى بما يعادل حبة فول سوداني يومياً، نساعد كثيرين منهم في تحمل نحو حبتين".

ويضيف تيلز: "سعدنا أن نكتشف أن نحو ثلثي المشاركين في الدراسة تمكنوا من تحمل ما يعادل حبتي فول سوداني يومياً بعد تسعة إلى 12 شهراً من العلاج، وأن نصف المرضى تحملوا ما يعادلوا أربع حبات فول سوداني".

توافر العلاج قريباً

علاوة على ذلك، أشار المشاركون خلال الدراسة إلى تأثيرات جانبية أقل مقارنة بما توقعه الباحثون. لم تتخطَّ نسبة مَن عانوا تأثيرات جانبية معدية- معوية دفعتهم إلى الانسحاب من التجربة الـ 6 في المئة، بينما اختبر نحو ثلث المتطوعين تأثيرات جانبية طفيفة.

ويؤكّد تيلز أن "ردود الفعل في التحدي الفموي في ختام الدراسة جاءت أقل حدة مما كانت عليه قبل العلاج".

ويضيف: "تمكّن المشاركون كمعدل من تحمّل جرعة أعلى بنحو مئة ضعف من الفول السوداني في ختام الدراسة، مقارنة بما تحملوه في مستهلها. فضلاً عن ذلك، جاءت الأعراض، التي سببتها أعلى جرعة بمئة ضعف في نهاية الدراسة، أقل حدة مما ولّدته أدنى جرعة في بدايتها".

عصا سحرية

لكن "هذا العلاج لا يشكّل عصا سحرية، ولا يعني أن مرضى أرجية الفول السوداني يستطيعون تناول هذا النوع من البقول في أي وقت شاؤوا"، حسبما يذكر د. جاي ليبرمان، باحث شارك أيضاً في وضع تقرير الدراسة ونائب رئيس لجنة أرجية الطعام في الكلية الأميركية للأرجية والربو والمناعة.

لكنه يستدرك: "هذا العلاج يشكّل إنجازاً بالتأكيد"، معربا عن أمله أن تراجعه إدارة الأغذية والأدوية الأميركية قريباً، وأن يصبح متوافراً بشكل واسع "في النصف الثاني من عام 2019".

ويختم ليبرمان: "إذا حدث ذلك، فسيصبح مَن يتلقون هذا العلاج ويتمكنون من تحمله محميين من التعرض عرضياً للفول السوداني".

هدف العلاج تعزيز القدرة على تحمّل الفول السوداني لدى من يعانون حساسية تجاهه
back to top