آمال : عندما تقسو الحكومة

نشر في 18-07-2019
آخر تحديث 18-07-2019 | 00:20
 محمد الوشيحي ينقل المؤرخون عن أحد سلاطين الدولة الأيوبية أو المماليك (تداخلت أحداث التاريخ في ذاكرتي) قوله وهو يخيف المحيطين به والعاملين في أصقاع سلطنته: "قولوا لفلان إنني لا أريد أن أغضب منه فيندم"، و"قولوا لفلان لا يغضبني"، و"حذّروا فلاناً من غضبتي"، وهكذا... وكان المحيطون به ينتظرون غضبه على الولاة أو على الشرطة أو على أي أحد كي يروا إلى أي درجة سيبطش.

وجاءت ساعة الغضب، وحانت اللحظة التي تنتظرها الحاشية كي تعرف درجة بطش السلطان وانتقامه، وكانت الغضبة على أحد الولاة، فأصدر السلطان الغاضب قراره المتهور: "أبلغوا فلاناً (المغضوب عليه) أنني غضبت منه وسأمنعه من السلام علي في العيد والصلاة معي!".

ومن يومها أمعن الولاة في "تطنيش" هذا السلطان الغضوب بعد أن عرفوا "دية غضبته"، وانتشر الفساد في السلطنة، وساءت الأحوال، إلى أن جاء بعده من جاء، ولم يستطع تعديل الميل، ورويداً رويداً انهار كل شيء.

واليوم، وبعد ترقب شعبي طال أمده لمعرفة مستوى بطش الحكومة بالشركات والمكاتب الهندسية المسؤولة عن الإسكان والبنى التحتية والطرق، التي أغرقت البلاد وأفقرت العباد، تكشف الحكومة عن غضبتها، وتقرر استبعاد هذه الشركات من أي مشاريع جديدة، ما لم تبرئ ذمتها من المشاريع القديمة!

الله أكبر ويا للهول المهول. الحمد لله أن الحكومة تمالكت نفسها ولم تقل لأصحاب هذه الشركات: "ما أحبكم ما أحبكم ما أحبكم... يا بايخين"، قبل أن "تكشش" عليهم بيديها الاثنتين، وتشيح بوجهها عنهم بغنج وهي تغادر المكان. ولم تتهور فتحرق رسائلهم وترمي ورودهم وتطفئ شموعهم، وتسهر في بلكونتها على أغنية الراحل عبدالحليم: "رميت الورد طفيت الشمع".

وفي هذه المناسبة، يسرني (أنا الكاتبجي) أن أطمئن الشعب على مستقبل بنيته التحتية، وأنه سيشاهد قريباً كل ما في باطن الأرض عند أول هطول قوي للأمطار، وسيشهد بعينه تهاوي المرافق، وتطاير الجسور، هذه المرة، لا الحصى فقط.

back to top