5 مليارات دولار غرامة لـ «فيسبوك»... وترامب يهاجم

الأكبر من نوعها في مجال انتهاك الخصوصية وقد تضع الشركة تحت إشراف فدرالي

نشر في 14-07-2019
آخر تحديث 14-07-2019 | 00:05
رجل الأعمال والمبرمج مارك زوكربيرغ مؤسس موقع الفيسبوك الإجتماعي
رجل الأعمال والمبرمج مارك زوكربيرغ مؤسس موقع الفيسبوك الإجتماعي
كثر الكلام في الآونة الأخيرة عن شركات تقنية تقوم عمداً أو عن غير عمد بانتهاك خصوصية مستخدميها. ويبدو أن مستقبل هذه الانتهاكات سوف يبدأ بالزوال مع فرض الجهات المختصة عقوبات كبيرة تجبر شركات التكنولوجيا على عدم التهاون فيما يخص المستخدم وبياناته الشخصية.

Cambridge Analytica

منذ نحو عام تعرضت «فيسبوك» لفضيحة انتهاك خصوصية المستخدمين، والتي سميت بـCambridge Analytica، وهي الأكبر من نوعها. تلك الفضيحة تمثلت في تمكن مكتب استشارات سياسية يعمل مع احد المرشحين للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، وهو دونالد ترامب، من الحصول على معلومات تخص عشرات الملايين من الناخبين، من خلال شرائها من مطور أحد التطبيقات، الذي تمكن من جمع كل البيانات عن مستخدميه وأصدقائهم، من دون أخذ موافقتهم أو حتى علمهم بالأمر. جمع تلك البيانات والمعلومات حدث بفضل ضعف سياسة الخصوصية الخاصة بـ«فيسبوك» في ذلك الوقت، والتي مكنت التطبيق من جمع تلك المعلومات حتى إيقافه في عام 2015.

بدأت تحقيقات هيئة التجارة الفدرالية في مارس من العام الماضي، وبالتحديد بعد الفضيحة بأسبوع، وبعد أشهر من المفاوضات أعلنت الهيئة عن تسوية تقوم بتغريم عملاق التواصل الاجتماعي «فيسبوك» مبلغ 5 مليارات دولار بسبب انتهاك خصوصية مستخدميه. وتعتبر تلك الغرامة هي الأكبر من نوعها فيما يخص انتهاك الخصوصية، إذ كانت الغرامة السابقة بمبلغ 22.5 مليون دولار في عام 2012 لشركة «غوغل»، بسبب سياستها مع متصفح Safari في ذلك الوقت.

وقد تؤدي التسوية بجانب الغرامة إلى إشراف فدرالي غير مسبوق على الشركة، ومن المتوقع أن تتضمن قيوداً حكومية أخرى على كيفية تعاملها مع خصوصية المستخدم. وتمثل الغرامة 9 في المئة من إيرادات «فيسبوك» لعام 2018، أو ربع أرباحها للعام نفسه، وقال التقرير: إن هيئة التجارة الفدرالية وافقت على التسوية بتصويت على أساس حزبي، حيث صوت ثلاثة مفوضين جمهوريين لمصلحة التسوية، وصوت اثنان من المفوضين الديمقراطيين ضدها.

فضائح أخرى

الأمر قد لا يتوقف عند هذا الحد، ففضيحة Cambridge Analytica قد فتحت الباب أمام تحقيقات عديدة جارية حول انتهاكات «فيسبوك» لخصوصية المستخدمين، أبرزها كان إبرام صفقات مع شركات مصنعة للأجهزة، عبر تزويدها بمعلومات عن المستخدمين. هذا بخلاف القضايا الأخرى المتعلقة بعدم قدرة الشركة على الحفاظ على المعلومات التي تجمعها بسبب عمليات الاختراق التي حدثت مؤخراً وتسربت فيها بيانات الملايين.

غرامة المليارات الخمسة تأتي بعد تحقيق استمر أكثر من عام، ليكون الأطول في تاريخ الهيئة، والذي قد يؤدي لأول حكم دائم تجاه الشركة داخل الولايات المتحدة الأميركية إذا ما صدقت عليه المحكمة المدنية لوزارة العدل.

التفاصيل حول حيثيات الغرامة لم تظهر بعد، كما رفض كل من «فيسبوك» وهيئة التجارة الأميركية التعليق عليها، ولكن من المؤكد أن مزيداً من التفاصيل ستظهر خلال الأيام المقبلة. كما أن احتمالية التصديق على الحكم من المحكمة المدنية لوزارة العدل كبيرة، بسبب الاتفاق الذي أجراه مسؤولو موقع التواصل الاجتماعي الشهير في عام 2011 عندما توصلوا لاتفاق مع الهيئة ذاتها على عدم مشاركة أي معلومات تخص المستخدمين مع أطراف أخرى دون علمهم، وهو ما تم نقده بصورة واضحة مع تلك الأزمة.

عملة «فيسبوك» الرقمية

كشفت «فيسبوك» سابقاً عن عملتها الرقمية الجديدة، حيث أعلنت الشبكة الاجتماعية تفاصيل وأساسيات عملتها الرقمية. وحددت الشركة موعداً للإطلاق الرسمي في عام 2020، وستنشئ عملاق وسائل التواصل الاجتماعي نظام الدفع الرقمي في نحو 12 دولة في الأشهر الثلاثة الأولى من العام المقبل.

وقد ناقش الرئيس التنفيذي للشركة مارك زوكربيرغ الخطة مع محافظ بنك إنكلترا المركزي مارك كارني، واستشار الخزانة الأميركية حول القضايا التشغيلية والتنظيمية. ومن المتوقع أن تستمر الشركة بإعلان المزيد من تفاصيل العملة المشفرة مع مرور الوقت، المعروفة داخلياً باسم GlobalCoin.

وفي العام الماضي كانت الشركة قد أكدت أنها تستكشف طرقاً لزيادة قوة تقنية blockchain، وهي التكنولوجيا التي تعمل عليها العملات المشفرة، عندما أعلنت أنها تعمل على نظام يتيح للمستخدمين تحويل العملات إلى عملات رقمية، ونقل الأموال عبر تطبيق المراسلة واتساب.

ويحمل المشروع الاسم الرمزي Libra، وهو الأمر الذى أكدته لورا مكراكين رئيسة قسم الخدمات المالية وشراكات الدفع في «فيسبوك» بشمال أوروبا، خلال مؤتمر في أمستردام. وأضافت أنه سيتم ربط العملة الرقمية الجديدة بمجموعة من العملات في جميع أنحاء العالم، بدلاً من واحدة فقط، مثل الدولار الأميركي.

ومن المتوقع أن تمنع هذه الخطوة تقلبات الأسعار التي تعرضت لها عملة البيتكوين وغيرها من العملات المشفرة، إذ أضافت مكراكين أنه يجب الحفاظ على قيمة عملة «فيسبوك» ثابتة.

مخاوف وانتقادات

وبعد الإعلان عن هذه العملة، وبعد التسوية مع «فيسبوك» والغرامة التي فرضتها هيئة التجارة الفدرالية، أثارت اللجنة المصرفية في مجلس الشيوخ الأميركي أسئلة حول تداعيات المشروع على خصوصية المستهلك، وبعثت بياناً مكتوباً لزوكربيرغ، تطلب منه فيه معالجة المخاوف القانونية والتنظيمية والخصوصية. كما يعتقد الخبراء أنه ممكن لـ «فيسبوك» استخدام هذه العملة للتجسس على مشتريات الأشخاص، إذ يمكن أن تستخدم الشبكة الاجتماعية معلومات حول ما يشتريه مستخدمو الموقع، لتقديم إعلانات مستهدفة بشكل أفضل لجذب مزيد من الاستثمارات من الشركات. وصرح موقع TechCrunch التقني بأن فهم ما يشتريه المستخدمون ومعرفة العلامات التجارية يمكن أن يساعد «فيسبوك» في قياس الإعلانات وترتيبها واستهداف المستخدمين بشكل أفضل لتضخيم أعمالها.

من جهة أخرى، انتقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الخميس الماضي عملة البتكوين وعملة «فيسبوك» الرقمية المقترحة وعملات مشفرة أخرى، وأسدى مجموعة من النصائح للشركات التي تريد أن تصبح بنكاً. وحث ترامب الشركات على السعي إلى ميثاق مصرفي وإخضاع نفسها للقواعد التنظيمية الأميركية والعالمية، إذا كانت ترغب في أن تصبح بنكاً. وكتب ترامب على «تويتر»: لست من أنصار بتكوين والعملات المشفرة الأخرى، لأنها ليست بأموال، إذ تتقلب قيمتها بشدة وتستند إلى اللاشيء.

وأضاف: «إذا كانت فيسبوك وشركات أخرى ترغب في أن تصبح بنكاً، فعليها السعي لميثاق مصرفي جديد، وأن تصبح خاضعة لجميع القواعد التنظيمية المصرفية تماماً مثل باقي البنوك المحلية والدولية». وستشكل «فيسبوك» و28 شريكاً، بينهم MasterCard وPayPal وغيرها اتحاد Libra لإدارة العملة الجديدة، ولا توجد بنوك في الوقت الراهن ضمن المجموعة... فهل ستستطيع «فيسبوك» الترويج لهذه العملة، بعد كل هذه المخاوف والمخالفات والقيود الجديدة؟ وهل سيكون بإمكانها اعادة كسب ثقة مستخدميها بعد فضيحة Cambridge Analytica وغيرها؟ وكيف ستقوم بالتعامل مع موضوع الأمان والحماية، خصوصاً أن الأمر الآن لا يتعلق فقط بمعلومات عن المستخدمين، بل يتعلق بأموالهم أيضاً؟!

الرئيس الأميركي ينتقد العملات الرقمية وينصح الشركات الساعية لتصبح بنوكاً

Libra... مخاوف وانتقادات داخل مجلس الشيوخ الأميركي
back to top