لا تبدو عودة لاجئي الروهينغا قريبة

نشر في 19-06-2019
آخر تحديث 19-06-2019 | 00:00
 فوراين أفيرز يواجه الروهينغا المسلمون الاضطهاد في ميانمار منذ عقود، ولكن لم يبلغ العنف الذي عانوه في تاريخهم الحديث مطلقاً ما أنزله بهم جيش ميانمار في شهر أغسطس عام 2017، فبعدما هاجم مقاتلون من "جيش إنقاذ روهينغا أراكان" مراكز للشرطة والجيش في ولاية راخين في 25 أغسطس، رد الجيش بقتل آلاف المدنيين من الروهينغا، واغتصاب مئات النساء والفتيات، وحرق قرى بأكملها.

وفي غضون ثلاثة أشهر تقريباً، أُرغم أكثر من 700 ألف من الروهينغا على الهرب إلى بنغلادش خوفاً على حياتهم، إذ تدّعي السلطات في ميانمار أنها نفذت "عملية تطهير" لتخليص البلد من المقاتلين، لكنها كانت تحقق في الواقع حلماً لطالما رجاه القوميون البوذيون في ميانمار: التطهير العرقي للروهينغا المسلمين.

انضم هؤلاء اللاجئون إلى مئات آلاف الروهينغا الذين سبقوهم إلى بنغلادش طلباً للأمان عقب اعتداءات سابقة، مما رفع بالتالي عدد اللاجئين إلى 1.2 مليون، وهكذا بات اليوم عدد الروهينغا اللاجئين يفوق مَن ما زالوا في ميانمار.

تواجه بنغلادش والمنظمات الإنسانية صعوبات في تأمين حاجات هؤلاء اللاجئين، في حين ترفض ميانمار اتخاذ الخطوات الضرورية لتضمن عودة آمنة وطوعية للروهينغا إلى موطنهم في ولاية راخين، في المقابل خبا الاهتمام الدولي بمأساة الروهينغا رغم مواصلة جيش ميانمار ترهيب مَن بقوا في راخين، يقول كثيرون من الروهينغا في المخيمات في بنغلادش إن العالم سينساهم قريباً.

عملت الصين وروسيا حتى اليوم على عرقلة مساعي مجلس الأمن في الأمم المتحدة لمحاسبة جيش ميانمار على أعماله هذه، لكن الولايات المتحدة وأعضاء آخرين في مجلس الأمن لا يبذلون أيضاً الجهد الكافي ليضمنوا إحقاق العدالة، فلن يعود الروهينغا إلى ميانمار قريباً، لذلك ستبقى المخيمات في بنغلادش مأواهم الوحيد في المستقبل القريب، وينبغي لحكومة بنغلادش أن تبذل قصارى جهدها لتحسّن ظروف العيش في هذه المخيمات، كذلك على الواهبين تأمين مساعدات كافية للتخفيف من العبء الملقى على كاهل بنغلادش.

وقت العمل

اتخذ المجتمع الدولي خطوات صغيرة نحو محاسبة المسؤولين في ميانمار، ففي شهر سبتمبر الماضي، أكّدت هيئة قضاة من المحكمة الجنائية الدولية أن هذه المحكمة تستطيع تأكيد اختصاصها بمعاقبة مسؤولي ميانمار الذين أرغموا الروهينغا على الهرب إلى بنغلادش، يُعتبر الترحيل جريمة ضد الإنسانية ويقع بالتالي ضمن إطار عمل هذه المحكمة، وفق هذه الهيئة.

لذلك يدرس المدعي العام اليوم إمكان فتح تحقيق رسمي، وفي شهر سبتمبر أيضاً شكّل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لجنة دولية مستقلة هدفها جمع الأدلة على الجرائم التي ارتُكبت بحق الروهينغا والحفاظ عليها للمحاكمات في المستقبل.

بالإضافة إلى ذلك، تمارس حكومات عدة الضغط على ميانمار، فقد فرضت الولايات المتحدة، وكندا، والاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال، عقوبات على بعض أعضاء جيش ميانمار المسؤولين عن فظائع عام 2017، كذلك يدرس الاتحاد الأوروبي احتمال إجراء مراجعة رسمية لقدرة ميانمار على دخول الاتحاد الأوروبي وفق برنامج "كل شيء إلا السلاح"، الذي يمنح الدول القدرة على ولوج سوق الاتحاد الأوروبي من دون دفع أي رسوم جمركية مقابل التزامها بمعايير حقوق الإنسان، كذلك دعت ماليزيا وإندونيسيا، اللتان لطالما طبقتا عقيدة "عدم التدخل في الشؤون الداخلية" للدول الأخرى، ميانمار علانية لتبديل مسارها.

لكن ميانمار لن تغير سلوكها إلا إذا أصبحت كلفة مواصلتها عصيانها أعلى من أن تتحملها. يجب أن تدرك أون سان سو تشي وجيش ميانمار أن تعدياتهما ستقود إلى كارثة اقتصادية، ودبلوماسية، وسياسية.

يجب ألا يُرغَم الروهينغا على الانتظار في ما وصفته يانغي لي، المقرر الخاص للأمم المتحدة بشأن ميانمار، في شهر مارس "مطهر التراخي الدولي".

* ميناكشي غانغولي

* «فورين أفيرز»

back to top