عقبات تعترض خطط رفع الإنتاج العراقي إلى 9 ملايين برميل

نشر في 14-06-2019
آخر تحديث 14-06-2019 | 00:04
No Image Caption
منذ الاستفتاء «بنعم» على استقلال كردستان، ساهمت روسيا في تعقيد الأمور المتعلقة بنمو الانشقاق بين حكومة بغداد الفدرالية وحكومة إقليم كردستان حيث وجدت في ذلك فرصة للسيطرة على أصول النفط والغاز في الإقليم فيما حافظت أيضاً على موطئ قدم لها في الجنوب.
بمجرد إعلان الولايات المتحدة إعادتها فرض عقوبات على ايران، سارعت الحكومة الفدرالية في العاصمة العراقية بغداد للاستفادة من هذا التطور، إذ طلبت من وزارة النفط العمل على سد جزء من فجوة الامدادات من خلال تعديل خططها بشأن المستوى المستهدف من إنتاج النفط الخام من خلال زيادته وصولا إلى 6.2 ملايين برميل يومياً بحلول نهاية عام 2020 وإلى 9 ملايين برميل يوميا في نهاية عام 2023.

وتشمل هذه الأهداف إنتاج النفط في اقليم كردستان شمال البلاد الخاضع لحكومة كردستان التي تسيطر أيضاً على خط تصدير النفط الى أوروبا عبر ميناء جيهان التركي. وتجري هذه التطورات في ظل خلاف بين الطرفين يشمل الدفعات المخصصة من ميزانية حكومة بغداد إلى حكومة اقليم كردستان في مقابل تعاون الأخيرة في حفز انتاج وتصدير النفط.

والنزاع بين بغداد وكردستان ليس حدثا عابرا، فهو يرجع الى فترة تشكيل نظام الحكومة الجديدة في العراق في عام 2003 بعد سقوط نظام صدام حسين مباشرة. حيث تم في ذلك الحين الاتفاق على أن تقوم حكومة اقليم كردستان بتصدير كمية معينة من النفط من حقولها ومن كركوك عن طريق منظمة التسويق الحكومية (سومو)، وألا تعمد مطلقاً لبيع النفط في الأسواق الدولية بصورة مستقلة، على أن تلتزم بغداد في المقابل بتخصيص دفعات معينة من الموازنة الى حكومة اقليم كردستان.

ومنذ عام 2003 حتى شهر نوفمبر من عام 2014 تبادل الجانبان اتهامات متواصلة بأن الطرف الآخر لم يلتزم بنصوص الاتفاق.

وعلى أية حال، تم في شهر نوفمبر من عام 2014 ابرام اتفاق بين حكومة بغداد وحكومة اقليم كردستان وافقت فيه الأخيرة على تصدير ما يصل الى 550 ألف برميل من النفط يومياً من حقولها في ومن كركوك عن طريق «سومو»، مقابل قيام حكومة بغداد في المقابل بدفع 17 في المئة من الميزانية الفدرالية الى الأكراد.

وهذه الاتفاقية التي عملت بشكل جيد بصورة متقطعة فقط، استبدلت بتفاهم تم بين حكومة اقليم كردستان والحكومة الفدرالية الجديدة التي تشكلت في شهر أكتوبر من العام الماضي وتركزت على مشروع الميزانية الوطنية لعام 2019.

وقد تطلب هذا تحويل حكومة بغداد لمبالغ كافية من الميزانية من أجل دفع رواتب موظفي حكومة اقليم كردستان، إضافة الى تعويضات مالية اخرى في مقابل قيام حكومة اقليم كردستان بتسليم ما لا يقل عن 250 ألف برميل من النفط الخام يومياً الى «سومو».

ومنذ بداية 2019 قامت حكومة بغداد التي يرأسها عادل عبدالمهدي بدفع رواتب موظفي حكومة اقليم كردستان شهرياً فيما لم تسلم حكومة الاقليم الكمية المتفق عليها من النفط الى «سومو». وتتمثل نقطة الخلاف اللافتة بين الجانبين في عدم الاتفاق أساسا بشأن حجم مبالغ التحويلات النفطية التي يجب ان يشملها الاتفاق على نحو مستمر، وهذا هو ذات السبب الذي حال دون استمرار اتفاق شهر نوفمبر لعام 2014.

وتفاقمت هذه الحالة اثر ظهور نتيجة الاستفتاء الذي صوتت فيه أغلبية الأكراد بالموافقة على استقلال اقليم كردستان في شهر سبتمبر عام 2017. وقبل هذا كانت كردستان تأمل رفع صادرات النفط الى أكثر من مليون برميل في اليوم لتصبح واحدة من أسرع مناطق نمو النفط في العالم, وتسمح باستئناف تام لاتفاق شهر نوفمبر 2014. وبعد التصويت بنعم للاستقلال، أصبح أساس الاتفاق ملغى تماماً عندما استعادت قوات بغداد الحكومية والقوات الايرانية السيطرة على حقول النفط في كردستان، بما في ذلك المواقع الرئيسية حول مدينة كركوك النفطية.

وجادلت حكومة بغداد الفدرالية بأن حقول كركوك تم احتلالها بصورة غير مشروعة في المقام الأول، كونها كانت تحت سيطرة الأكراد منذ عام 2014 فقط عندما انهار الجيش العراقي أمام مقاتلي داعش وتحركت قوات البشمركة العسكرية الكردية لتمنع الميليشيات من الاستيلاء على حقول النفط في الاقليم. ومنذ شهر سبتمبر وما بعد كانت نقطة البداية لأي مفاوضات لحكومة بغداد بشأن توزيعات الميزانية الى حكومة اقليم كردستان تنص على ضرورة موافقة الاكراد على حصة مئوية تتناسب مع نسبة السكان الأكراد الى عدد سكان العراق.

وبحسب حكومة بغداد، فإن هذه النسبة تشكل 12.67 في المئة من إجمالي السكان، وهي أقل بكثير من نسبة الـ 17 في المئة من الميزانية الفدرالية التي تطالب بها حكومة كردستان بعد خصم النفقات السيادية التي كانت حجر الزاوية لاستئناف اتفاق شهر نوفمبر لعام 2014.

ولم يتقدم الوضع القانوني المتعلق بصناعة النفط العراقية وتوزيع عوائدها بين مناطق حكومة اقليم كردستان وبقية مناطق البلاد سوى بضع خطوات بما لا يكفي لمعالجة المأزق المستمر. وزعم الجانبان – مع تقديم مبررات مختلفة – أحقية كل منهما في تقرير مصير العوائد النفطية المتنازع عليها.

وبحسب حكومة اقليم كردستان، فإن لديها السلطة بموجب المادتين 112 و115 من الدستور العراقي في ادارة النفط والغاز المستخرجين من حقول لم تكن قيد الانتاج في اقليم كردستان في عام 2005– وهي السنة التي تم فيها تبني دستور جديد من خلال الاستفتاء.

وعلى أية حال جادلت «سومو» بأنه بموجب المادة 111 من الدستور فإن النفط والغاز هما ملك للشعب العراقي في كل المناطق والمحافظات.

وإضافة الى ذلك ترى حكومة اقليم كردستان أن المادة 115 تنص على ما يلي: «كل الموارد التي لم ينص عليها حصريا للحكومة الفدرالية تعود الى سلطات المناطق والمحافظات التي لم تنظم في اقليم».

وهكذا فإن حكومة الاقليم ترى أنها ليست مستثناة بموجب هذا النص الدستوري، وأن من حقها السيطرة على عمليات بيع النفط والغاز وتسلم عوائد صادراتها. واضافة الى ذلك ينص الدستور على أنه في حال نشوب خلاف يتعين اعطاء الأولوية لقوانين الأقاليم والمحافظات.

ويذكر أنه منذ الاستفتاء «بنعم» على استقلال كردستان، ساهمت روسيا في تعقيد الأمور المتعلقة بنمو الانشقاق بين حكومة بغداد الفدرالية وحكومة اقليم كردستان حيث وجدت في ذلك فرصة للسيطرة على أصول النفط والغاز في اقليم كردستان فيما حافظت أيضا على موطئ قدم لها في الجنوب.

واستحوذت شركة روزنيفت Rosneft الروسية بشكل فعلي الآن على خطوط أنابيب تصدير النفط والغاز في كردستان كجزء من اتفاقية تزودها بأكثر من 2.1 مليار دولار من طلباتها من حكومة بغداد عن طريق حكومة اقليم كردستان.

وقال مصدر رفيع في صناعة النفط والغاز العراقية إن موسكو تصر على أن تدفق نفط كردستان لن يستأنف حتى يتم تخصيص رسوم الترانزيت المتعلقة بمرور خطوط الأنابيب الى روزنيفت التي تملك الآن حصة تبلغ 60 في المئة من خط أنابيب كركوك جيهان.

وتريد موسكو أيضاً مراجعة قرارها مع حكومة بغداد كي تعتبر مهمة شهر أكتوبر الماضي ملغاة من قبل حكومة كردستان والمتعلقة بخمس كتل استكشاف لحكومة اقليم كردستان في المنطقة الكردية.

ولا تهدد مشاركة روزنيفت خطط العراق في تلبية أهدافه النفطية الداخلية فحسب بل طرق التصدير المحتملة للتدفقات الجديدة أيضاً، في ضوء مشاركة الشركة الروسية الجديدة في خطوط أنابيب الشمال المؤدية الى ميناء جيهان التركي. وتتكون شبكة خطوط كركوك الأصلية الى ميناء جيهان من خطين بسعة 1.6 مليون برميل يومياً مجتمعة (1.1 مليون برميل يومياً بالنسبة الى الخط الأكبر بقطر 46 بوصة و0.5 مليون برميل يومياً بالنسبة الى خط بقطر 40 بوصة).

ورغم كونه عرضة لعمليات تخريب منتظمة من جانب ميليشيات مختلفة، فإن سعة خط أنابيب التصدير الذي تسيطر عليه حكومة بغداد وصلت الى ما بين 250 الفا الى 400 الف برميل يومياً، وذلك في حال تشغيله بانتظام وذلك بحسب ريتشارد مالينسون Richard Mallinson، وهو محلل نفط وغاز رفيع في شركة غلوبال انيرجي الاستشارية التي تدعى انيرجي اسبكتس Energy Aspects في لندن الذي أبلغ OilPrice.com بذلك.

وفي غضون ذلك، أكملت حكومة بغداد رداً من جانبها ازاء الهجمات المنتظمة على خط الأنابيب، خط أنابيب تاغ تاغ خرمالا-كركوك / جيهان على حدود مدينة فيش خابور. وكان ذلك جزءاً من خطتها لزيادة صادرات النفط الى أكثر من مليون برميل في اليوم.

وبخلاف ماكان الحال عليه خلال عهد ادارة رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي أظهرت المؤشرات احتمالا لوجود تقبل أكبر للطلبات التي تتقدم بها شركة روزنفت وحكومة اقليم كردستان – بحسب المصدر العراقي.

وأضاف أن ثمة تحركات جرت فيما يتعلق بالنسبة لزيادة المخصصات من الميزانية بأكثر من 13 في المئة اضافة الى المصادقة على فكرة أن تعيد بغداد الحجم الأكبر من النفط الى كردستان من أجل تكريره محليا، واحتمال دفع رسوم الضخ الى روزنفت.

سايمون واتكنز

حكومة بغداد الفدرالية جادلت بأن حقول كركوك تم احتلالها بصورة غير مشروعة في المقام الأول
back to top