«التمييز» تبطل عقد تأسيس شركة لدى وزارة التجارة وتقرر تصفيتها قضائياً

• أكدت أن العقود العرفية بين الشركاء لا تقرر حصصاً للكويتي وتخالف «الرسمية»
• المحكمة قررت توزيع الحصص بين الشركاء بعد التصفية وفق العقد العرفي
• «التجارة»: لا يسمح للأجنبي بالتملك في الشركات سوى 49% والكويتي 51٪

نشر في 11-06-2019
آخر تحديث 11-06-2019 | 00:04
No Image Caption
قضت محكمة التمييز التجارية ببطلان أحد العقود الرسمية الصادرة من وزارة التجارة لإحدى الشركات لمخالفة بنوده قانون التجارة الذي يحظر على الأجانب تملك أكثر من 49٪ وذلك لأن بنود العقد الرسمي تخالف بنود العقد العرفي الذي يقرر عدم تملك الشريك الكويتي لأي حصة.
في حكم قضائي بارز، قضت محكة التمييز التجارية، برئاسة المستشار خالد المزيني، ببطلان عقد توثيق إحدى الشركات لدى وزارة التجارة، وذلك لإثباته بملكية غير حقيقية الملكيات الواردة في العقود العرفية المبرمة بين الشركاء، معتبرا أن ما تم تسجيله لدى وزارة التجارة يعد تحايلا على القانون بذكر أسماء الشركاء الكويتيين بأن حصصهم متوافقة مع القانون، في حين أنه وفق العقود العرفية، وبإقرارهم، تقل عن ذلك، وتمنح الأجانب الحصص الأعلى التي تتجاوز الحدود التي نص عليها قانون «التجارة».

وأضافت المحكمة، بعدما أبطلت عقد التوثيق الرسمي للشركة والعقود العرفية، وأخضعت الشركة للتصفية القضائية كأثر لزوالها، أن العقد الرئيسي للشركة لدى وزارة التجارة وتعديلاته خالف حقيقة مشاركة أطراف النزاع فيها وفقا للعقد العرفي المبرم بينهم، وهي ملكية الشريكين غير الكويتيين لجميع حصص الشركة، وعدم تملّك الشريك الكويتي أي حصص فيها.

وقررت «التمييز التجارية» توزيع الحصص بين الشركاء وفق الوارد بينهم بالعقد العرفي، بعد تصفية الشركة تصفية قضائية، وفيما يلي نص أسباب الحكم الصادر.

أسباب

وقالت المحكمة أن المادة 23 من قانون التجارة تنص على أنه لا يجوز لغير الكويتي الاشتغال بالتجارة في الكويت، إلا إذا كان له شريك أو شركاء كويتيون، ويشترط ألا يقل رأسمال الكويتي في المتجر المشترك عن 51 في المئة من مجموعة رأسمال المتجر يدل على أن المشرّع حماية للاقتصاد الوطني قد حظر على غير الكويتي الاشتغال بالتجارة في الكويت منفردا أو لحساب نفسه، وجعل مباشرته للنشاط التجاري في نطاق هذا الحظر باطلا بطلانا مطلقا، لتعلقه بالنظام العام، وتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها، كما أنه من المقرر أن الإقرار غير القضائي إذا ما ثبت بورقة عرفية موقعا عليها من المقر كانت هذه الورقة حجة على ما صدرت منه.

لما كان ما تقدم، وكان البيّن من الأوراق - وبما لا خلاف عليه بين الخصوم - أن العقد العرفي قد تضمن الاتفاق على دخول شريك بوصفه كويتيا بدلا من شريك كويتي آخر في الشركة، وأن الشريك المذكور يقر بملكية كامل حصص الشركة لشريكيه غير الكويتيين، وعدم مساهمته في ممتلكاتها وموجوداتها بأي شيء، وأنه يحق له المساهمة فيها مستقبلا، بشرط تقييم رأسمالها وسداد قيمة حصته لشريكيه سالفي الذكر.

كما تم الاتفاق بينهما - خلافا لما هو ثابت بعقد تأسيس الشركة الرسمي- على أن تكون للشريك الكويتي نسبة في الأرباح حسب نوعية وقيمة المال التي تنفذها الشركة، وكان الثابت من عقد تعديل الشركة الموثق وهو ذات تاريخ العقد العرفي- الذي تم بموجبه دخول الشريك الكويتي في الشركة بحصة مقدارها (51%) من رأس المال، بينما يمتلك أحد الشريكين غير الكويتيين حصة مقدارها (49%)، ثم عدّل هذا العقد ثلاثة تعديلات، تم بموجبها تغيير اسم الشركة وزيادة رأسمالها، مع الإبقاء على ذات عدد الحصص لكل من الشريكين المشار إليهما.

عقد مخالف

وإذ كان هذا العقد وتعديلاته قد جاءت جميعا بالمخالفة لحقيقة مشاركة أطراف النزاع فيها، وفقا للعقد العرفي المبرم بينهم آنف البيان، وهي ملكية الشريكين غير الكويتيين لجميع حصص الشركة، وعدم تملّك الشريك الكويتي لأي حصة فيها، فإن هذا العقد الرسمي يكون قد جاء على خلاف حقيقة العلاقة بين الشركاء الثلاثة، وذلك بتوثيقه على نحو ما سلف تحايلا على القانون، وجعل حصص الشريك الكويتي متوافقة مع أحكام قانون الشركات وتجنب الدخول في نطاق الحظر الوارد بالمادة 23 من قانون التجارة، ومن ثم فإنه لا يعتد بذلك العقد الباطل، حتى وإن كان تم توثيقه، لأن هذا التوثيق لا يزيل ما شاب بياناته من عيوب وتحايل على القانون، كما يلحق أيضا البطلان المطلق المتعلق بالنظام العام العقد العرفي لمخالفته للمادة آنفة البيان، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، واعتد في قضائه بعقد الشركة الرسمي وكيّف العقد العرفي تكييفا خاطئا بأنه شركة محاصة، وانتهى الى تصفيتها وإلزام الشريكين بالعقد الرسمي بالمبلغ المقضي، فإنه يكون قد خالف القانون، وأخطأ في تطبيقه.

إنكار للحقيقة والواقع

وقالت المحكمة إنه بشأن موضوع الاستئناف، وفي حدود ما تم تمييزه، فإنه صالح للفصل فيه، ذلك أنه ولئن كان وفقا للقواعد العامة التي تحكم العقد أن أثر البطلان - سواء كان مطلقا أو نسبياً - أن يعدم العقد إعداما يعود الى وقت إبرامه، فيزول كل أثر على عقد الشركة يؤدي الى تصدع المراكز القانونية المستقرة وإهدار لحقوق الغير حسن النية الذي تعامل مع الشركة دون علم بما شاب عقد تكوينها من عيوب تبطله، وهو ما تتأذى معه العدالة، ويجافي فكرة حماية القانون للوضع الظاهر، خاصة أن إنكار وجود شريكة فعلية واقعية قامت قبل الحكم ببطلانها، وتعاملت مع الغير بوصفها شخصا معنويا، ونشأت في ذلك حقوق لها والتزامات عليها، وحققت أرباحا ومنيت بخسائر، فيه إنكار للحقيقة والواقع، مما دعا الى قيام نظرية الشركة الفعلية التي تبناها المشرع فيما جاء بنص المادة 672 من قانون التجارة من أنه «يجوز شهر إفلاس الشركة الواقعية، والمادة 29 من قانون الشركات رقم 1 لسنة 2016- المنطبق على النزاع الراهن- التي نصت على أنه «إذا قضي ببطلان عقد الشركة اعتبرت الشركة شركة واقع، وتتبع شروط العقد في تسوية حقوق الشركاء قبل بعضهم البعض، ولا يترتب على بطلان عقد الشركة بطلان تصرفات الشركة خلال الفترة السابقة على تاريخ صدور حكم نهائي بالبطلان، ما لم تكن تلك التصرفات باطلة لسبب آخر.

لا للأثر الرجعي

وتطبيقا لهذه النظرية فإنه لا يجوز إعمال الأثر الرجعي للبطلان بالنسبة الى الشركات الواقعة، وهي الشركات الباطلة، ويستوي في ذلك أن يرجع البطلان لسبب متعلق بشكل الشركة أو موضوعها - والشركات التي تظل تباشر نشاطها رغم انقضائها، ويتعين النظر الى هذا البطلان باعتباره معوضا لحياة هذه الشركات في المستقبل، وغير ذي أثر على حياتها في الفترة السابقة على الحكم ببطلانها.

حصص

وقالت المحكمة أن مؤدى ذلك أن شركة الواقع تقوم بتوافر عناصر تكوين الشركة واكتساب مظهرها الخارجي مباشرة النشاط بها، وتبقى قائمة الى أن يصدر حكم بالبطلان وأثر ذلك، كما ورد بالمادة الأخيرة آنفة البيان هو تصفيتها وتسوية حقوق الشركاء قبل بعضهم، وفقا لشروط العقد الباطل وحصصهم الثابتة فيها. أما ما قامت به الشركة من تصرفات مع الغير قبل الحكم ببطلانها، فتظل صحيحة ما لم تكن باطلة لسبب آخر.

إلغاء العقد

لما كان ذلك، وكان الحكم المستأنف قد قضى برفض الدعوى المنضمة، فإنه يتعين إلغاؤه والقضاء ببطلان عقد الشركة الرسمي وعقد الاتفاق العرفي على نحو ما سلف بيانه - وتصفية الشركة بين الشركاء الثلاثة على نحو ما سيرد بمنطوق الحكم، حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا، وفي الموضوع بتمييز الحكم المطعون فيه تمييزا جزئيا على نحو ما جاء بالسبب المتعلق بالنظام العام.

وفي موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى المنضمة، والقضاء ببطلان عقد الشركة الرسمي وعقد الاتفاق العرفي المؤرخين، وتعيين المصفي القضائي صاحب الدور مصفيا للشركة محل النزاع تكون مهمته حصر أموالها وموجوداتها وجردها، وتقاضي ما لها من أموال ذمة الغير أو ذمة الشركاء فيها، والوفاء بما عليها من ديون، والقيام بجميع الأعمال التي تقتضيها التصفية، ثم تقسيم صافي أموال الشركة بين الشركاء الثلاثة كلّ حسب نصيبه، وفقا للعقد العرفي المبرم بينهم، ووفقا للأحكام المقررة في قانون الشركات التجارية.

المحكمة قررت بطلان العقد لمخالفته النظام العام ولتحايل الشركاء على الوزارة

العقد الرسمي جعل حصص الشريك الكويتي متوافقة مع القانون وتجنب الدخول في الحظر ومن ثم لا يعتد به كعقد باطل
back to top