إيران تعلّق آمالها على رئيس ديمقراطي

نشر في 05-05-2019
آخر تحديث 05-05-2019 | 00:00
 نيويورك بوست تشبه مراقبة السياسة الأميركية من طهران على الأرجح الجلوس في طرف الملعب في بطولة الولايات المتحدة لكرة المضرب: يدور رأسك من جهة إلى أخرى عندما تشجّع لاعبك المفضل، آملاً أن يفوز بالشوط التالي.

لا شك أن هذا خطير، إذ تعوق سياسات الولايات المتحدة، التي اتخذت طابعاً حزبياً مبالغاً فيه، قدرة واشنطن على بناء سياسة خارجية متجانسة.

انسحب ترامب السنة الماضية من هبة سلفه الكبرى إلى الملالي التي تُدعى الصفقة النووية، ومنذ ذلك الحين، يضيّق ترامب الخناق على إيران.

في شهر نوفمبر الماضي، أعلنت إدارته فرض عقوبات على مستوردي النفط الإيراني، مستثنية ثماني دول، منها الهند، والصين، وتركيا، في عفو اعتبرته مؤقتاً، ولكن يوم الاثنين الماضي، أكّد البيت الأبيض أن هذه الاستثناءات ستنتهي بدءاً من شهر مايو.

الهدف شل قدرة إيران على تصدير النفط، مصدر أموالها النقدية الأكبر، فأعلن وزير الخارجية مايك بومبيو: "سنبلغ الصفر، ولكن كم من الوقت سنبقى هناك عند الصفر؟ يعتمد الجواب على كبار قادة جمهورية إيران الإسلامية وحدهم. عرضنا بوضوح مطالبنا على آية الله وأعوانه".

بالإضافة إلى إنهاء البرنامج النووي، تريد الولايات المتحدة وضع حد لمغامرات الجمهورية الإسلامية في المنطقة، وشبكاتها الإرهابية العالمية، وتجاربها الصاروخية الاستفزازية، وانتهاكاتها لحقوق الإنسان في الداخل.

خلاصة القول: على إيران أن تتخلى عن طموحاتها التي تسيء إلى الولايات المتحدة وحلفائها ومصالحها، هذا إذا لم نذكر الشعب الإيراني، لكن حظر صادرات النفط لا يخلو من المخاطر. تعتقد الإدارة في حساباتها أن من الممكن تفادي أي ارتفاع ناجم في أسعار النفط بزيادة الإنتاج في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، عدوي إيران اللدودين.

ستتوالى الولايات المتحدة الباقي بضخها بكثافة النفط الصخري، ورغم ذلك، مع الفوضى التي تعم فنزويلا وليبيا، إذا ذكرنا اثنين فقط من منتجي النفط الذين يعيشون حالة اضطراب، فقد يولّد غياب إيران فراغاً كبيراً في أسواق الطاقة، وما من رئيس يود بدء سنة إعادة انتخابه بارتفاع في أسعار الوقود. إذا وضعنا الاعتبارات السياسية جانباً، يُعتبر إعلان يوم الاثنين سياسة سليمة، وإذا أضفنا إليه تصنيف حرس الثورة الإيراني هذا الشهر كتنظيم إرهابي، نرى أن هدف هذه السياسة رفع كلفة الانتهاكات النووية الإيرانية وسلوكها السيئ الرامي إلى تصدير الثورة.

ستُضطر طهران مع تراجع اقتصادها إلى اتخاذ قرار مصيري: إعادة التفاوض بشأن الصفقة النووية والقبول هذه المرة بضوابط فعلية على برامجها غير المشروعة كي لا تواجه انهيار النظام.

تكمن مشكلة ترامب الوحيدة في أن المرشحين الرئاسيين الديمقراطيين يهددون بأنهم في حال انتُخبوا وتسلموا منصبهم، سيرجعون إلى الصفقة النووية القديمة.

إذاً، قد يكون الرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير الخارجية جواد ظريف مصيبين في رهانهما فيما يراقبان تأرجح سياساتنا المحلية، وقد يراهنان على الاكتفاء بالانتظار، وبما أنهما معتادان على النزوات السياسية الأميركية، فقد يتوقعان فوز لاعبين مؤاتين في الشوط التالي أو ربما المباراة برمتها.

يسمعان أبرز المنافسين الديمقراطيين، أمثال بيرني ساندرز، وليز وارن، وكمالا هاريس، يعلنون أنهم، إذا انتخبوا فسيعودون إلى الصفقة الإيرانية بكامل أجزائها، وعندما ينضم جو بايدن إلى السباق، سيدعو هو أيضاً إلى إعادة إحياء الصفقة التي جعلت الإدارة التي خدمها ذائعة الصيت.

إذاً، قد يتساءل الملالي: لمَ نتخلى عنها الآن؟ يعتقد الملالي أن الإيرانيين الذين يعانون سيصبرون وسيتحملون الأوجاع الاقتصادية الناجمة عن العقوبات البالغة القسوة. لا يحتاج روحاني وشركاؤه إلا إلى التصدي لمتهوري حرس الثورة وإقناع القائد الأعلى أن ساندرز أو أحداً مثله سينقذ إيران من غضب ترامب.

بحلول عام 2021، عندما تتراجع الضوابط، سيعاود الاقتصاد النهوض وسيكتسب شعار "الموت لأميركا" مصداقية جديدة أيضاً.

في ظل الشروط الراهنة، تُتيح الصفقة النووية لإيران في العقد التالي استئناف تخصيب اليورانيوم بأجهزة طرد مركزي سريعة وتطبيق تقنيات نووية متطورة أخرى سُمح للجمهورية الإسلامية بمواصلة إجراء الأبحاث عليها في حين جُمّد البرنامج النووي، حسبما يُفترض.

يجب ألا يظن أحد أن الإيرانيين أغبياء، فهم يعتقدون أنهم يستطيعون الانتظار ريثما تعبر العاصفة، وبالنظر إلى سياساتنا الحزبية، التي طمحنا سابقاً على نحو غريب أن تقتصر على القضايا الداخلية، قد يكونون محقين.

* بيني آفني

*«نيويورك بوست»

back to top