مناهجنا ومستقبل الأبناء

نشر في 31-03-2019
آخر تحديث 31-03-2019 | 00:05
 د. خالد عبداللطيف رمضان من البديهي أن لدى وزارة التربية أهدافا تسعى إلى تحقيقها عند وضعها المناهج الدراسية لكل المراحل والسنوات الدراسية، انسجاما مع الأهداف العامة للدولة لبناء شخصية المواطن الكويتي، ولكن عندما نتأمل المناهج الدراسية، وخاصة مناهج التربية الإسلامية واللغة العربية، يحق لنا التساؤل: ماذا تريد الدولة لأبنائنا؟ أصبح الأطفال يدرسون التربية الإسلامية ومادة أخرى مستقلة للقرآن الكريم وتجويده، ويضاف إلى ذلك أن مادة المطالعة تحتوي موضوعات دينية، ومادة النصوص تحتوي نصوصا من القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، وحتى في مادة المجتمع الموضوعات الدينية لها نصيب، لماذا كل هذه الجرعة الدينية؟ هل سنخرج معظم الطلاب وعاظا أو أئمة مساجد مثلا؟

وهل حققت هذه الجرعة تعلق الطلاب بالتربية الإسلامية؟ للأسف أحيانا يسمع بعض أولياء الأمور أطفالهم يتذمرون من مادة التربية الإسلامية، لعدم تناسب بعض موضوعاتها مع المرحلة العمرية للأطفال، أو لعدم التوفيق في اختيار النصوص القرآنية المناسبة لكل مرحلة عمرية، وخاصة في المرحلة الابتدائية، فهناك آيات يصعب على الأطفال نطق مفرداتها، ويستشكل عليهم فهم معانيها، ومن ثم يصعب حفظها، وبالتالي نقع في المحظور، فبدلا من تحبيب الطفل بالمواد الدينية نجعله يتخذ منها مواقف سلبية.

لقد تعرضت المناهج الدراسية للتعديل، خاصة بعد أن علا صوت تيار الإسلام السياسي، وضغط على الوزراء لإدخال كوادرهم في لجان إعداد المناهج، ورضخ الوزراء لهم رغم انتماء بعضهم للتيار الليبرالي، وكانت النتيجة كارثية خاصة على مناهج اللغة العربية، بعد أن كانت تتضمن أجمل القطع النثرية والقصائد الشعرية التي ترتقي بذائقة الطالب وتهذب طبعه، أصبحت كتب المطالعة والنصوص فيما تحوي خاضعة للمجاملات على حساب مصلحة الطلاب.

على كل ولي أمر أن يستذكر ما كان يدرسه ويحفظه في مادة اللغة العربية أيام دراسته، وما يجده الآن في كتب أبنائه حتى يدرك الفرق، كنا ندرس أرق الشعر وأعذبه لكبار الشعراء القدامى والمحدثين، أمثال أمرئ القيس وطرفة بن العبد والمتنبي وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم وغيرهم، وأجمل القطع النثرية لكبار الكتاب أمثال الدكتور طه حسين والمازني والمنفلوطي والدكتور أحمد زكي وغيرهم. لذلك على وزارة التربية أن تدرك أن الطلاب سيتجهون بعد استكمال التعليم العام إلى دراسات مختلفة، بعضها تطبيقي وبعضها الآخر علمي أو فني أو أدبي، وبالتالي هم ليسوا بحاجة إلى هذه الجرعة الدينية المكثفة التي قد تتحول نتيجة عدم الاستيعاب إلى تعصب وتطرف، خاصة أن بعض مواد مناهج التربية الإسلامية تتعرض لأمور خلافية في العقائد والعبادات، لذلك يجب أن تراعي الجرعة المقدمة من المواد الدينية المراحل العمرية للطلاب، وأن تتضمن ما هو متفق عليه بين المسلمين كافة، حتى نحبب إليهم دينهم، وأن نركز على القرآن الكريم ليحفظ لهم دينهم ويقوم لهم لغتهم العربية، ونربيهم على قيم التسامح واحترام حرية الآخر.

ومن يرغب من أولياء الأمور في تخصص أبنائه في الدراسات الإسلامية عليه أن يلحقهم بالمعاهد الدينية التي فتحتها الدولة للبنين والبنات. وبعد الشكاوى من نزعة العنف عند الناشئة، يحتاج أبناؤنا إلى ما يرقق طبعهم ويلطف سلوكهم ويرتقي بذائقتهم، وخير وسيلة لذلك حسن اختيار ما يقدم إليهم من نصوص أدبية، والأخذ بأيديهم لتذوق الفنون الجميلة والموسيقى الراقية.

back to top