اقتراع

نشر في 22-03-2019
آخر تحديث 22-03-2019 | 00:09
 خالد اسنافي الفالح ١٦ مارس يوم الاقتراع سها مواطن وسط أفكاره وهو في الطريق لتأدية أمانته الوطنية في اختيار الوكيل عنه لممارسة سلطة التشريع والرقابة والمحاسبة، أخذ يتساءل: "ماذا أريد ممن سأنتخبه لمسؤولية كهذه؟"، لتظهر في خيالاته آلاف المعاملات المتأخرة في الجهاز البيروقراطي في الدولة، وأخرى خلّصها له "بوراشد" الذي يخوض الانتخابات متأملاً بدعم كبار اللاعبين السياسيين والاقتصاديين، نكاية بابن عمه الخصم في البرلمان.

يستدرك المواطن أن العمل البرلماني بحاجة لسياسي مخلص ممن يحمل مشروعاً واقعياً يعمل عليه خلال ما تبقى من عمر البرلمان، ولا يحتاج لمندوب تخليص معاملات آخر! يشطب اسماً من المرشحين الذين بينت استطلاعات قياس الرأي المعتبرة حصر المنافسة بينهم.

اسم آخر، يمتاز بتديّنه، وتعامله الحسن مع الناس، علاقاته الاجتماعية ممتدة وأخطبوطية مع المكوّن الاجتماعي الثقيل في الدائرة، يرتاح المواطن لمثل هؤلاء المرشحين، فهو يستشعر قداستهم المرتبطة بالدين! ويشعر أن عناء خروجه من منزله للاقتراع لن يذهب لخصم ضعيف! لكن، يخاطبه ضميره: ما شأن تديّنه وعلاقاته الاجتماعية أمام الدور المنوط به في البرلمان؟ يجيب المواطن ضميره الإجابة المكررة التي يتيقّن المواطن نفسه أنها أقرب إلى الهذيان، إن لم تكن هذياناً! "يخاف الله!"، ويرد الضمير: لو كان يخاف الله لما خاض مسألةً لا ناقة له فيها ولا جمل! يشطب اسماً آخر من المرشحين الذين بينت استطلاعات قياس الرأي المعتبرة حصر المنافسة بينهم.

تبقى الأخير، مالك لرأسمال عظيم، لا شك أن عينيه الممتلئتين بالنعماء لن تنهشا من أموال الوطن فلساً حراماً. لا يرتاح العقل لموقف كهذا، فهو مرتاب أشد الارتياب من تلك الأموال المصروفة على الانتخابات، لو كان حقاً أراد بها مصلحة الوطن لوظفها في إعانة المعوزين، ولفتح أبواب شركاته المترامية في البلاد لأبنائها العاطلين! لماذا يخوض أمثال هؤلاء الانتخابات أصلاً؟! يشطب الاسم الأخير من المرشحين الذين بينت استطلاعات قياس الرأي المعتبرة حصر المنافسة بينهم. حينها، كان المواطن قد دخل مقر الاقتراع، وأمامه شاب يعرفه جيداً، مرشح خاض الانتخابات مراراً، ولم تتوّج جهوده بالنجاح، يذكره وهو يخاطب الناس بحماسته المعهودة عن رؤيته لما يحتاجه الوطن، عن مكمن الخلل، عن الحل، هو مواطن مثله، لا يملك المال مثله، يعاني مثل ما يعانيه، لا ينتمي إلى المكوّن الاجتماعي الثقيل كحال غالبية الناس. كان هو جواب تساؤله.

back to top