سدانيات: يا علي!

نشر في 22-03-2019
آخر تحديث 22-03-2019 | 00:13
 محمد السداني لا أود في هذا المقال أن أشرع في مناقشة الوضع السياسي الملتهب الذي تعيشه الساحة السياسية في الكويت من شغور مقعدين في مجلس الأمة إلى انتخابات تكميلية أطلقت فيها الوعود الرنانة بإصلاح المجتمع والأمة والدولة، وكأنهم يملكون فعلا القرار أو يعرفون طريقا لحل مشاكلنا.

لا أود أن أناقش الأزمة السياسية التي نعيشها في نظامنا السياسي المشوَّه، والذي أتى لنا بممارسة سياسية شوهاء، جعلت الناس فيها كالدمى ينافحون ويكافحون ويشاركون ويقاطعون، وكأنَّ الأمر بيدهم أو يظنون ظنَّا خاطئا أنهم من يقررون مصيرهم ومصير أجيالهم القادمة.

تعيس هذا الواقع الذي نعيشه ونحن نمتلك كل مقومات الحياة والرفاهية، ولكن للأسف مواردنا وطاقتنا راحت هباء منثورا بسبب عدم وجود سياسة وآلية واضحة تتعلق بإدارة الدولة إدارة مستدامة، وتحفظ هذه الدولة لنا ولأجيالنا القادمة، تعيس هذا الواقع وأنا أشاهد الاقتتال القبلي والعائلي والطائفي على كرسي واحد لمجلس الأمة، وكأن هذا الكرسي هو عرش بلقيس أو عرش قيصر روما، لا يعلم الكثير ممن ظل يكافح دفاعا وتأييدا لمن يريد إيصاله إلى مجلس الأمة، لا يعلم أنه بهذا الدفاع والتأييد لم يخدم البلد في شيء سوى أنه يحقق حلم صاحبه الشخصي في أن يصبح رجلا سياسيا ذا كرسي أخضر، وأن البلد لن يستفيد منه، وإن كان من كان في علمه وفهمه وإدراكه؛ لأن المجلس لا يحتاج مفكرين وجهابذة، بل يحتاج شخصيات كوميدية تُضحك الشعب تارة وشخصيات درامية تبكي الشعب تارة أخرى، فجزء يضحك على جراحنا وجزء يبكي على حالنا، ولن نتقدم خطوة مع الباكي ولا الضاحك.

بعيدا عن السياسية مررت بسوء تفاهم مع أحد الأصدقاء وكنت أعتقد أن الطريق قد انتهى، لكن العلاقة كانت أكبر من أن تنتهي بهذه الطريقة، وعلمت أنَّ الذي أبقى العلاقة هو التنازلات التي يقدمها كل طرف لكي تبقى الأخوة ما بقي الدهر، ولكني تذكرت التنازلات التي قدمتها الحكومة للمجلس لكي يرضى ويصمت، ولكن كما قالت العرب قديما: هيهات! فعلاقة الأفراد تختلف في فحواها ومحتواها عن العلاقة السياسية وزواج المجلس بالحكومة.

خارج النص:

• أحد أصدقائي طبيب جراحة قلب، كان يقول لي: هناك متلازمة اسمها متلازمة القلب المكسور، لم أنتبه للشرح الذي قدمه عن هذا المرض، لكني على يقين تام أن الإنسان مهما فعل من جرائم لا يمكن أن يسمح لنفسه أن يكسر قلبا أو يجرح نفسا أو يؤلم خاطرا أحبه، نحتاج قبل أن نكون أي شيء أن نكون بشرا نؤمن بالإنسانية منهجا ودرسا وطريقا للحياة.

• يوميا كان يأتي للمدرسة ويسأل عن أحفاده وكان يناديني: يا علي، قائلا: العيال عيالك، لم أشأ أن أكسر خاطره وآثرت أن أكون علياً وأن أكون أباً لأبنائه وأخاً لهم.

back to top