ستؤكلون مع الثور الأسود

نشر في 19-03-2019
آخر تحديث 19-03-2019 | 00:19
 حسن العيسى ليست مسألة حُكم من محكمة التمييز يفسر ويطبق نصوصاً قانونية بالغة الشذوذ والقسوة تضرب بعرض الحائط أبسط حقوق البشر في حريات الضمير، مثل حق الإنسان في التعبير، سواء بالكلام أو الكتابة أو التظاهر السلمي، وهي ليست مسألة مجموعة أفراد محدودين تظاهروا وأرادوا أن يعبِّروا عن رفضهم وسخطهم لسلوك سلطوي تفرَّد في اتخاذ القرار السياسي، ولم يكترث أبداً لكمٍّ رهيب من الفساد السياسي مرافق لسلوك إدارة سياسية متسلطة، وهي ليست قضية خاصة بنائب ونواب وجمهور، مثل: مسلم البراك أو فيصل المسلم أو جمعان الحربش، وغيرهم عشرات ومئات (وربما) ألوف البشر، قد نختلف معهم في رؤيتهم ونهجهم السياسي، لكن لا يجوز مصادرة حقوقهم في التعبير عن فكرهم... هي ليست كل ما سبق، هي قضيتنا كُلنا، بألا نكون كقطيع يُساق للمسلخ من رعاة يعتقدون أنهم "أبخص"، وأنهم أدرى بكل شؤون حياتنا ومستقبلنا في الوجود، رغم أن التاريخ أثبت فشلهم مرة تلو المرة في هذه الدراية و"البخاصة".

حكم "التمييز" الأخير، المفسر والمطبق لنص قانوني "دراكوني" أبدعته السُّلطة الحكومية وبَصَمت عليه ولم تكترث له عدة مجالس نيابية، لم يصم فقط المتظاهرين بأن تظاهرهم السلمي والمتوافق مع أبسط الأعراف الدولية هو من جرائم الشرف والأمانة، وبالتالي يصبح الإعدام السياسي بالحرمان من المشاركة السياسية النتيجة الطبيعية لهذا الحكم، بل يمضي تفسير الحكم القضائي لحرمان هذا الإنسان الذي تظاهر في يوم ما من الحق في العمل والوظيفة، كي تصل بنا إلى قناعة مخيفة في نتائجها تقول "قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق"!

إذا كان هناك الكثيرون من غير المكترثين وغير المبالين اليوم لتلك النتائج المحزنة للنصوص القانونية الجائرة والمستبدة التي أعدمت حرية الضمير، بكل صورها، بل ينظرون بشماتة وتشفٍّ مرضي حين يطالعون الأخبار عن العقوبات التي توقع على المتظاهرين السلميين اليوم بقفازات القانون، فعليهم أن يتذكروا حكمة "أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض"، فليتعظ ذلك القطيع الشامت.

back to top