الإعلام بين الترفيه والتوجيه

نشر في 10-03-2019
آخر تحديث 10-03-2019 | 00:05
 د. خالد عبداللطيف رمضان أنشئت وزارات الإعلام في بعض الدول، وخاصة في الأنظمة الشمولية والدكتاتورية، بهدف توجيه الرأي العام وتسويق توجهاتها السياسية، لتعزيز النظام، ولم يتبق من وزارات الإعلام في دول العالم إلا القليل، وبعض الدول تربط وزارة الإعلام بالثقافة أو الاتصال.

وفي الكويت قامت وزارة الإعلام بمهمات منذ بداية تأسيسها، وأدت أدوارا متعددة، أسهمت بتوعية الرأي العام وتوجيهه، واضطلعت بالدور الترفيهي للمواطنين، بتقديم المسلسلات الدرامية، سواء من إنتاجها أو بشرائها من الجهات الإنتاجية في الدول العربية الأخرى، واحتلت إذاعة الكويت مكانة مرموقة بين الإذاعات العربية، برصانة ورقي ما تقدم من برامج ثقافية ودرامية ومنوعات، وقامت بالترويح عن المواطنين باستقدام أفضل الفرق الفنية من مختلف دول العالم، وأقامت الحفلات الموسيقية على مسرح سينما الأندلس، ولا يزال الجيل الذي عاصر هذه الحفلات يحتفظ بذكريات جميلة عنها.

وقامت وزارة الإعلام، منذ نشأتها، بمهمات ثقافية جليلة تمثلت بحفظ التراث الوطني الفني، وخدمة الثقافة العربية عبر الإصدارات القيمة، مثل مجلة العربي، التي ذاع صيتها في مختلف أصقاع الوطن العربي، ودورية عالم الفكر الرصينة ومجلة الكويت، إضافه إلى إنشائها متحف الكويت الوطني، والمحافظة على المباني الأثرية والتاريخية، ورعايتها للفن السينمائي الناشئ.

لكن الآن، وبعد قيام هيئات حكومية أخرى، مثل: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الذي يقوم بكثير من المهمات التي كانت تقوم بها وزارة الإعلام سابقا، وبنشاط القطاع الخاص في الدور الترفيهي، ووجود محطات تلفزيونية خاصة عديدة، هل من المطلوب استمرارها بمهامها القديمة؟ الواقع الحالي وضع الاختصاصات الإعلامية والثقافية تحت مظلة وزير واحد، ولا أعلم لماذا لا يسمى وزير الإعلام والثقافة أسوة بدول الخليج وبعض الدول الأخرى ما دام يشرف على وزارة الإعلام والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب؟!

يجب ترشيد عمل الإعلام الرسمي، فليس مطلوبا منه أن يمارس الدور الترفيهي، لاسيما أن المحطات التلفزيونية الخاصة كفيلة بهذه المهمة، مع ازدحام الفضاء بمئات المحطات التلفزيونية المنوعة، فلماذا تقوم وزارة الإعلام باستقدام المطربين العرب وإنتاج المسلسلات الدرامية أو شرائها وإنفاق الملايين على الترفيه مع جيش من الموظفين لخدمة هذه المهمة؟ ولماذا لا تتفرغ وزارة الإعلام، بأجهزتها المختلفة، لرسالتها الأساسية في التوجيه والتوعية والتثقيف؟ ولماذا لا تعمل على نشر ثقافة التسامح وتقبل الآخر واحترام حريته الشخصية؟ ولماذا لا تخصص برامج للتوعية في كيفية القيادة في شوارعنا، التي تحولت إلى فوضى وساحة حرب، بفعل المتنمرين بالقيادة والمخالفين للنظم؟ ولماذا لا تركز البرامج على توعية المواطنين بحرمة المال العام وعدم التفريط به، بسوء الإدارة أو الإهمال، وضرورة المحافظة على موارد الدولة ومرافقها؟ وهناك العشرات من القيم الإيجابية التي تخدم المجتمع وتحافظ عليه من الضياع يمكن غرسها في المواطنين، وخاصة الناشئة، من خلال وسائل الإعلام الرسمية، بدلا من هذا السيل الجارف من البرامج الحوارية التي لا تقدم ولا تؤخر، والمسلسلات الدرامية التي غالبها تخرب ولا تعمر. أما آن الوقت لوقف الهدر في الإنفاق على ما لا ينفع، والتوجه إلى ما ينفع ويفيد ويخدم المجتمع ويرتقي به؟

back to top