حساسية الفول السوداني... علاج ينتظر الموافقة

نشر في 19-02-2019
آخر تحديث 19-02-2019 | 00:00
No Image Caption
تصعّب أرجية الفول السوداني حياة ملايين مَن يُضطرون إلى التعايش معها، إذ تشكّل «آثار الفول السوداني المحتملة» في الأطعمة خطراً خفياً دائماً. لكن علاجاً طُور حديثاً يساعد قريباً المرضى في اختيار أطعمتهم بثقة أكبر.
اكتشف الخبراء أن عدد مَن يُرجَّح أنهم يعانون أرجية الفول السوداني في الطفولة ارتفع بنسبة %21 منذ عام 2010. يكمن أكبر تحدٍ إزاء هؤلاء في تحديد المنتجات الغذائية التي تُعتبر آمنة للاستهلاك %100 وتلك التي قد تولّد نوبة أرجية.

في حالة البعض، قد تكون أرجيته شديدة كفاية لتؤدي إلى صدمة أرجية، وهي رد فعل حاد يهدد الحياة. ويحتوي كثير من المنتجات الغذائية على آثار فول سوداني لأن المصانع التي تنتجها تعالج أيضاً الفول السوداني.

لكنّ علاجاً جديداً طوره خبراء من معاهد بحث عدة حول العالم قد يساعد مَن يعانون هذا النوع من الأرجية، وهدفه تعزيز تحمّل هذا الطعام إلى حد كافٍ كي يتمكن مَن يعانون الأرجية من تحمل التعرض العرضي لهذه المادة من دون مشاكل.

يذكر د. ستيفن تيلز، باحث أشرف على تقرير الدراسة ترأس سابقاً الكلية الأميركية للأرجية والربو والمناعة ومستشار في شركة التكنولوجيا الحيوية Aimmune Therapeutics: «نحن مسرورون لأننا قد نتمكن من مساعدة الأولاد والمراهقين الذين يعانون أرجية الفول السوداني في حماية أنفسهم من تناول بشكل عرضي طعام يحتوي على هذا النوع من البقول».

قدّم الباحثون أخيراً نتائجهم في اللقاء العلمي السنوي للكلية الأميركية للأرجية والربو والمناعة في سياتل. كذلك نُشرت في مجلة «نيو إنغلاند للطب».

قدرة على التحمل

يكتب معدو الدراسة: «لما كان لا يتوافر علاج معتمد لأرجية الفول السوداني، فارتكزت الرعاية المتبعة على اتباع نظام غذائي يستبعد بصرامة أية أطعمة مؤذية وإعطاء المريض في الحال أدوية الإنقاذ عند إصابته برد فعل أرجي جراء تعرضه عرضياً للفول السوداني».

يضيفون: «ولكن رغم كل اليقظة والوعي، تقع الحوادث العرضية وتسبب ردود فعل لا يمكن توقع حدتها حتى مع كميات صغيرة من مسببات الأرجية، ما يجعل المريض مهدداً طوال حياته بالتعرض لردود فعل خطيرة».

اختبرت دراسة أُجريت أخيراً فاعلية علاج مناعي فموي جديد لأرجية الفول السوداني يُدعى AR101، «وهو دواء بيولوجي فموي مشتق من الفول السوداني يقدّم جرعة مداومة يومية مستهدفة تبلغ 300 مليغرام من بروتين الفول السوداني»، كما يوضح الباحثون في تقرير الدراسة.

عمل الباحثون مع مشاركين تتراوح سنهم بين أربع سنوات و55 سنة، مع أن معظمهم بلغ من العمر بين أربع سنوات و17 سنة. واضطروا جميعهم إلى التعايش مع أرجية الفول السوداني.

في مستهل الدراسة وفي نهايتها، خضع المتطوعون لتحدٍّ غذائي فموي كي يتمكن العلماء من تحديد مدى حدة ردود فعلهم الأرجية. من بينهم، تلقى الثلثان AR101، في حين أُعطي الثلث المتبقي دواء وهمياً. وحصل كل مشارك على العلاج المخصص له بجرعات متزايدة إلى أن بلغوا جرعة المداومة. واستمروا في تناولها طوال فترة الدراسة.

بحلول نهاية الدراسة، اكتشف الباحثون أن %80 من المشاركين بلغوا بنجاح جرعة المداومة اليومية، أي ما يعادل حبة فول سوداني.

يوضح د. تيلز أن مشاركين كثراً اختبروا زيادة كبيرة في قدرتهم على تحمل الفول السوداني. ويذكر معدو الدراسة: «أملنا عندما بدأنا الدراسة أننا بمعالجة المرضى بما يعادل حبة فول سوداني يومياً، نساعد كثيرين منهم في تحمل نحو حبتين».

يضيف تيلز: «سرنا أن نكتشف أن نحو ثلثي المشاركين في الدراسة تمكنوا من تحمل ما يعادل حبتي فول سوداني يومياً بعد تسعة إلى 12 شهراً من العلاج وأن نصف المرضى تحملوا ما يعادل أربع حبات فول سوداني».

توافر العلاج قريباً

أشار المشاركون خلال الدراسة إلى تأثيرات جانبية أقل مقارنة بما توقعه الباحثون. لم تتخطَّ نسبة مَن عانوا تأثيرات جانبية معدية-معوية دفعتهم إلى الانسحاب من التجربة الـ%6، في حين اختبر نحو ثلث المتطوعين تأثيرات جانبية طفيفة.

كذلك يؤكّد تيلز أن «ردود الفعل في التحدي الفموي في ختام الدراسة جاءت أقل حدة مما كانت عليه قبل العلاج».

يضيف: «تمكّن المشاركون كمعدل من تحمّل جرعة أعلى بنحو مئة ضعف من الفول السوداني في ختام الدراسة، مقارنة بما تحملوه في مستهلها. فضلاً عن ذلك، جاءت الأعراض، التي سببتها أعلى جرعة بمئة ضعف في نهاية الدراسة، أقل حدة مما ولّدته أدنى جرعة في بدايتها».

لكن «هذا العلاج لا يشكّل عصا سحرية ولا يعني أن مرضى أرجية الفول السوداني يستطيعون تناول هذا النوع من البقول كلما شاؤوا»، حسبما يذكر د. جاي ليبرمان، باحث شارك أيضاً في وضع تقرير الدراسة ونائب رئيس لجنة أرجية الطعام في الكلية الأميركية للأرجية والربو والمناعة.

إلا أنه يستدرك مؤكداً: «يشكّل هذا العلاج إنجازاً بالتأكيد»، ويعرب عن أمله بأن تراجعه إدارة الأغذية والأدوية الأميركية قريباً وأن يصبح متوافراً بشكل واسع «في النصف الثاني من العام 2019».

يختم ليبرمان: «إذا حدث ذلك، يصبح مَن يتلقون هذا العلاج ويتمكنون من تحمله محميين من التعرض عرضياً للفول السوداني».

بروتين أساسي يعزِّز الذاكرة والتعلّم لدى البالغين

يدرك العلماء أن النيترين ضروري لنمو دماغ الجنين والطفل، إذ يسهم في تأليف الوصلات بين الخلايا العصبية أو العصبونات.

لكنّ بحثاً جديداً كشف أن هذا البروتين يقوي أيضاً هذه الوصلات العصبية، أو المشابك العصبية، في حصين دماغ الإنسان البالغ، علماً بأن هذه المنطقة تؤدي دوراً في الذاكرة والتعلّم.

نشرت مجلة «تقارير الخلية» أخيراً تقرير الدراسة، التي أجراها الفريق على خلايا مأخوذة من أدمغة جرذان بالغة وقيد النمو.

يذكر د. تيموثي كينيدي، باحث بارز شارك في وضع تقرير الدراسة ويدير مختبر بحوث في Neuro: «هذا لغز. لمَ تواصل الخلايا العصبية أنتاج النيترين في الأدمغة البالغة بعد تشكّل الوصلات كافة في الطفولة؟».

جزيء مهم

يوضح د. كينيدي أن العلماء لاحظوا أن الخلية العصبية تفرز النيترين عندما تنشط، فيقوي هذا البروتين الوصلات مع الخلية العصبية المجاورة بدفع الخليتين إلى «إنتاج مشبك أقوى».

تتبعت الدراسة الأخيرة مجموعة واسعة من الأعمال بدأت قبل نحو سبعة عقود حين طرح دونالد هيب، بروفسور متخصص في علم النفس في جامعة ماكغيل، أفكاره عن كيفية تعلّم الدماغ وتكوينه الذكريات.

هدفت أفكاره، التي صارت تُعرف لاحقاً باسم نظرية هيب، إلى توضيح تكوّن الدارات العصبية نتيجة التجربة. اعتبر هيب أن قوة وصلات المشابك أو ضعفها يعتمدان على مدى استعمالها: «كلما استعملناها، ازدادت قوة وسرعة».

وفي كتابه عام 1949 «تنظيم السلوك: نظرية نفسية عصبية»، وصف هيب تصوُّره عملية تقوية المشابك العصبية. عندما تكون وصلة عصبية قريبة كفاية من وصلة أخرى ولا تنفك تطلق النبضات، «تحدث عملية نمو ما أو تبدل أيضي في إحدى الخلايا أو كلتيهما».

يوضح د. كينيدي: «نقول إن هذه الآلية الجزيئية الجديدة، التي اكتشفناها بعد 69 سنة، تُعتبر محوراً أساسياً في هذه النظرية».

تبدلات مشبكية

كان نشر تقرير مذهل أعدته عام 1957 بريندا ميلنر، التي أنهت دراستها الدكتوراه فيNeuro  تحت إشراف هيب، ما قدّم فكرة أن الحصين في الدماغ يؤدي دوراً أساسياً في بعض أنواع الذاكرة والتعلّم.

يضيف د. كينيدي: «إذا حصرت المسألة في جزيء واحد، تلاحظ أن إطلاق النيترين المضبوط بالغ الأهمية للتبدلات المشبكية الكامنة وراء تغييرات في الخلية العصبية تؤدي دوراً في التعلّم والذاكرة. وهذا ما تحدثت عنه ميلنر».

لاحظ د. كينيدي وزملاؤه أيضاً أن من الضروري، لتقوية المشابك العصبية، إطلاق النيترين في «المساحة ما بين الخلايا». دفع هذا الأمر الباحثين إلى التساؤل عن الفرص الإضافية التي يقدمها ذلك للتفاعل مع خلايا عصبية أخرى.

تشير دراسات وراثية عدة إلى أن النيترين يؤدي دوراً في أمراض تدمر أنسجة الدماغ، كالتصلب الجانبي الضموري، والزهايمر، وباركنسون. لكن هذه الدراسات لم تتوصل إلى أي آليات كامنة.

هدف العلاج تعزيز القدرة على تحمّل الفول السوداني لدى من يعانون حساسية تجاهه
back to top