هيمنة السيارة الكهربائية على الأسواق رهن بتطوير البطارية الصلبة

الشركات تقدمت خطوتين أو ثلاثاً... والخبر اليقين قد يكون عند «تويوتا»

نشر في 11-01-2019
آخر تحديث 11-01-2019 | 00:00
No Image Caption
من أجل طرح سيارة كهربائية أرخص وأكثر أماناً وتستطيع الانطلاق مسافة 500 ميل بعملية شحن واحدة؛ يتعين على صناعة السيارات تحقيق اختراق في تقنية البطاريات. من السهل قول هذا، ولكن ليس تنفيذه. ويجهد العلماء في اليابان والصين والولايات المتحدة لفك شيفرة كيفية تحقيق تحسن جوهري في كمية الطاقة التي تستطيع خلية البطارية تخزينها، وتمكين السيارة الكهربائية من القيادة بشكل يماثل خزان وقود مملوء بالبنزين. وقد تركز السعي على تقنية الحالة الصلبة، وهي اصلاح الهندسة الداخلية للبطارية، بحيث تستخدم مواد صلبة بدلاً من السوائل القابلة للاشتعال للقيام بعملية الشحن والتفريغ. وتعد التقنية بتحسينات كبرى في بطاريات الليثيوم- ايون الحالية، التي تقول شركات السيارات انها وصلت الى حدود قدرات التخزين، وقد لا تتمكن قط من حفظ ما يكفي من الطاقة لموديلات المسافات الطويلة.

واذا أمكن تحقيقها فإن تقنية الحالة الصلبة يمكن أن تسرع في نهاية سيارات محرك الاحتراق، وربما تقلص الوقت اللازم لشحن السيارات الكهربائية من عدة ساعات إلى نحو 10 دقائق. وتعرض شبكة الشحن الفائقة التي صنعتها شركة تسلا الآن البعض من أسرع أوقات الشحن وتحتاج إلى نحو 30 دقيقة إلى إيصال سيارة مستنفدة الى 80 في المئة.

وقال تيد ميلر، وهو كبير مديري استراتيجية تخزين الطاقة والبحث في شركة فورد للسيارات، التي درست مختلف التقنيات الرامية إلى طرح بطارية أكثر قوة للسيارات الكهربائية: "نحن لا نرى طريقة اخرى للوصول الى تلك النقطة من دون تقنية الحالة الصلبة. وما لا أستطيع التنبؤ به الآن هو الجهة التي سوف تجعل تلك العملية تجارية".

وفي الوقت الراهن يتمتع النموذج الأفضل من بطاريات الحالة الصلبة بقوة كافية لدفع سيارة ذات راكب واحد، عبر شركة تويوتا للسيارات، في مواقف على مقربة من جبل فوجي في اليابان. وتعمل لتحقيق هذا الهدف شركات سيارات اخرى مثل ديملر وفيسكر وعملاقة الليثيوم الصينية وشركة النفط الفرنسية توتال وجماعات معهد ماساشوستس للتقنية وجامعة ستانفورد. وقد تجري فيسكر تجارب على السيارات في هذه السنة، في حين مددت تويوتا وديملر الجداول إلى العشرينيات.

وتعتبر المخاطر كبيرة، وقد قدر أن تبنّي السيارات الكهربائية سيؤدي الى زيادة أسية في بطاريات الليثيوم – أيون، وهي البديل المهيمن لمحركات الاحتراق الداخلي.

وأظهر أحدث تقرير صدر عن بلومبيرغ أن الحافلات وسيارات الركاب الكهربائية شكلت 44 غيغاواط/ساعة من الطلب على بطاريات الليثيوم- أيون في سنة 2017، وبحلول عام 2030 يتوقع أن يرتفع ذلك الطلب الى أكثر من 1500 غيغاواط/ ساعة.

وبحسب مجموعة يو بي إس فإن أي جهة تملك بطاريات الحالة الصلبة القابلة للحياة التي تستطيع التفوق على تقنية الليثيوم- ايون سوف تكون لها اليد العليا في أسواق كل البطاريات الكهربائية التي سوف تساوي نحو 84 مليار دولار في عام 2025، مقارنة مع نحو 23 مليار دولار الآن.

متطلبات نجاح الحالة الصلبة

وتستخدم تقنية الليثيوم- ايون التي كانت قياسية طوال عقود من الزمن في الهواتف الجوالة والأجهزة الالكترونية الشخصية قبل أن تنتقل الى السيارات الكهربائية، وتخزين الطاقة على مستوى المنشآت، تستخدم الإلكتروليت السائل لنقل الايونات بين القطبين الموجب والسالب من البطارية لشحنها أو تفريغها. وتستبدل بطارية الحالة الصلبة – كما يشير اسمها – هذا السائل بمادة صلبة مثل السيراميك والزجاج أو البوليمر.

ويعمل ذلك على خفض خطر انفجار البطارية واشتعالها، ويسمح بخلايا أكثر رقة وعبوات أصغر لوضعها تحت مقعد السيارة. ويريد الباحثون أيضاً ارفاق الالكتروليت الصلب بقطب موجب معدني من الليثيوم، لتحسين كثافة الطاقة وتمكين السيارات الكهربائية من القيادة لمسافات طويلة من دون توقف.

وبغية تحقيق ذلك كله توجد قائمة من الألغاز التي يتعين حلها. والنماذج الأولية الحالية تشتمل على بطارية قصيرة العمر لا تصلح لسيارة، وتعاني ضعفا في التوصيل وتكلفة غير تنافسية وانتفاخات عنيفة وانكماشاً في المواد أثناء شحنها أو تفريغها. ويقول ياسو ايشيغورو، وهو العضو المنتدب لدى كونسورتيوم اليابان في مركز تقنية بطاريات الليثيوم- أيون عندما يحل العلماء واحدة من المشاكل تبرز مشكلة اخرى. ويضم هذا الكونسورتيوم أكثر من 25 شركة بما فيها تويوتا وباناسونيك ونيسان، وقد حصل على تمويل حكومي لتسريع التقدم بقيمة 90 مليون دولار.

ويقول هنريك فيسكر، وهو رئيس شركة سيارات كهربائية في لوس أنجلس: "يوجد بين كل اللاعبين في هذا الحقل من تمكن من حل مشكلة أو اثنتين أو ثلاث مشاكل من أصل الخمس الأكثر أهمية، ولكن لم يحل أحد حقاً كل شيء". وسوف يجري معهد غينغتاو لبحوث الطاقة الجديدة في الصين تجارب على سيارات خلال سنتين وينظر في تسويق منتجات تجارية بحلول عام 2025. وضمت شركة كونتمبوراري أمبريكس تكنولوجي الحالة الصلبة الى بحوثها المتقدمة في الطاقة، كما أن سامسونغ واس كي انوفيشن وهيونداي موتورز في كوريا الجنوبية قالت انها تدرس أيضاً هذه التقنية وتستهدف شركة دايسون، وهي صانعة أدوات منزلية تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها السيارات الكهربائية الآن.

وقال أندرياس هنتناخ، وهو رئيس بحوث البطاريات في ديملر في شتوتغارت الألمانية: "بالنسبة الى سيارات الركاب يجب أن نشهد نماذج أولية في أوائل العشرينيات، وقد وافقت هذه الشركة على طلبات بقيمة 23 مليار دولار للجيل الحالي من خلايا بطاريات الليثيوم- ايون حتى عام 2030.

وتخطط شركة فولكسفاغن للبدء بالانتاج بالشراكة مع كونتم سكيب كورب في سنة 2022.

وقال سام جاف، وهو العضو المنتدب لدى شركة بولدر الاستشارية لبحوث الطاقة، التي تتخذ من كولورادو مقراً لها: "إنها ساحة معركة قاسية لجعل هذه البطاريات تنجح، ولم يقترب أحد بعد من ذلك الهدف".

ولن يتحقق قبل نهاية العشرينيات أي شيء في بطاريات الحالة الصلبة، على الرغم من كل التقدم الموعود، بحسب جيمس فريث المحلل لدى بي ان اي اف في لندن. ولا ترى شركة تسلا التي تقول انها تجري محادثات مع مطورين وتستعرض النماذج الأولية للبطاريات أي تقنية أفضل من عبواتها الحالية من الليثيوم- ايون، ويستطيع موديلها اس السفر 335 ميلاً بعملية شحن واحدة. وقالت شركة باناسونيك، وهي مورد تسلا، انها تستمر في بحوث تقنية الحالة الصلبة، على الرغم من وجود "الكثير من العوائق قبل أن يصبح التسويق التجاري ممكناً".

إمكانية تحقيق «تويوتا» لاختراق

الأمل الأكبر في تحقيق اختراق يتمحور حول تويوتا، بحسب المنافسين والأكاديميين ومعلومات براءات الاختراع. ولدى أكبر صانعة للسيارات في آسيا ما لا يقل عن 233 براءة اختراع أو تطبيقات تتعلق بالتقنية – أي نحو 3 أمثال رقم أقرب منافس لها، بحسب تحليل لبلومبيرغ. وتستثمر الشركة 1.5 تريليون ين ( 13.9 مليار دولار ) في أعمال البطاريات وتخطط لتسويق تجاري لتقنية الحالة الصلبة في أوائل العشرينيات (2020) بحسب تقريرها السنوي، الذي أصدرته في شهر أكتوبر الماضي.

وخلال العقد الماضي نشرت "تويوتا" نحو 200 موظف لمتابعة التقنية بشكل أولي في مركز البحث التابع لها عند هيغاشي – فوجي، القريب من ماونت فوجي. وتقدمت الشركة في استخدام بطاريات الحالة الصلبة لتشغيل ساعة رقمية ودراجة بخارية منخفضة (سكوتر) وحزام نقل سلع قبل اختبار هذه التقنية في نسخة معدلة من كومس، وهي سيارة منخفضة السرعة ذات مقعد واحد. ويقول ايشيغورو، وهو مدير سابق في "تويوتا" إن السيارة تخدم كمصدر الهام للباحثين، بقدر يفوق دورها كوسيلة مواصلات.

ومع وجود الكثير من صناع بطاريات السيارات الكهربائية يركزون على رفع الأحجام وخفض التكلفة يمكن أن تتمثل التحديات الرئيسية التي تواجه "تويوتا" في طائفة من الشركات الحديثة العهد في الولايات المتحدة، بحسب ميلر من شركة فورد. وفي انعكاس لهذه الامكانية، دفعت فولكسفاغن في العام الماضي 100 مليون دولار من أجل زيادة حصتها في كوانتم سكيب، التي أسسها باحثون سابقون في ستانفورد، وتتخذ من سان هوسيه في كاليفورنيا مقراً لها.

وتعتبر ايونيك ماتيريالز في وبورن في ماساشوستس الشريك المؤسس في صن مايكروسيستمز وصندوق رسملة مشاريع يضم شركات رينو ونيسان وميتسوبيشي كداعمين لها، كما أن سوليد انرجي سيستمز من معهد ماساشوستس للتقنية تتوقع البدء بتجارب على السيارات الكهربائية بعد سنة 2021، بحسب تصريح رئيسها التنفيذي كيشاو هيو في منتدى في شهر أكتوبر في مدينة أوساكا اليابانية.

• ديفيد سترينغر وكيفن باكلاند

(بلومبيرغ)

back to top