قرار «أوبك» أمام تحدي النفط الصخري والعقوبات على إيران

نشر في 11-12-2018
آخر تحديث 11-12-2018 | 00:04
No Image Caption
توصلت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وحلفاؤها إلى اتفاق يقضي بتقليص إنتاج النفط بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا، أو بمعنى أصح زادت الانتاج بنحو ستمئة الف برميل يوميا عما كان عليه اتفاق الخفض الذي كان بمقدار 1.8 مليون برميل، والذي ينتهي العمل به مع نهاية الشهر الجاري، وذلك عقب محادثات ماراثونية استمرت على مدى يومي الجمعة والسبت الماضيين في فيينا.

ومن المقرر أن تخفض المنظمة الإنتاج بنحو 800 ألف برميل يومياً، بدءا من يناير المقبل، في حين سيسهم الحلفاء بتخفيضات قدرها 400 ألف برميل يوميا.

ويهدف هذا الخفض، الذي يوازي أكثر بقليل من 1 في المئة من الإنتاج العالمي، إلى احتواء تراجع أسعار الخام الذي بلغت نسبته 30 في المئة خلال شهرين، حيث تؤمّن "أوبك" وحلفاؤها من خارج المنظمة نحو نصف الإنتاج العالمي من الخام وتربطهم شراكة منذ عامين.

عجلة التنمية

وإذا كانت هناك آراء تتساءل عن مدى امكانية سد اي فجوة لنقص المعروض، اذا ما تحركت عجلة التنمية العالمية وزاد الطلب على الخام، فقد كان رد المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية في المملكة العربية السعودية، التي ترأست اجتماع أوبك الأخير في فيينا، في تصريحات صحافية، أن "أوبك" مستعدة للدعوة إلى اجتماع غير عادي لسد أي فجوة معروض، مشيرا إلى أن المنظمة لن تواصل خفض إنتاج النفط إذا حدث انقطاع في المعروض.

ويرى بعض المهتمين بالشأن النفطي أن "أوبك" ستكون حريصة على ألا تعمد الى خفض الإنتاج أكثر مما ينبغي، لكيلا ينمو إنتاج النفط الصخري الأميركي بشكل سريع.

وإذا كانت المناقشات، خلال الاجتماع، قد أخذت منحى مكثفا وشدا وجذبا، إلا أن نجاح اتخاذ القرار يؤكد على قوة التفاهم والانسجام بين القرار السعودي والروسي في هذا الشأن، مما عمل على تخفيف حدة الصعوبات في اتخاذ ذلك القرار.

وأجمعت كل الاطراف المشاركة في الاجتماع على سعي منظمة "أوبك" وحلفاؤها على أن تكون السوق على الطريق الصحيحة.

وفي حين لفت الفالح إلى أن السعودية تتشاور مع المنتجين الآخرين حاليا لعلاج وفرة الإمدادات، أوضح أن الإنتاج السعودي من النفط الخام كان 10.7 ملايين برميل في أكتوبر الماضي وارتفع الى 11.1 مليوناً في الشهر الماضي، وسيعود إلى 10.7 ملايين فى الشهر الجاري، لكنه سيتراجع في يناير إلى 10.2 ملايين يومياً؛ مضيفا إلى انه ستتم مراعاة ضعف الطلب في الربع الأول من خلال متابعة وتقييم السوق بصفة مستمرة.

امتصاص المخزونات

ويرى بعض المحللين النفطيين أن تعاون المنتجين في "أوبك" وخارجها نجح الى حد كبير، خلال العامين الماضيين، في إحداث توازن في السوق وامتصاص فائض المخزونات؛ موضحين أن العوامل الجيوسياسية عادة ما تكون دائما خارجة عن إرادة المنتجين، لكنها مؤثرة على نحو واسع في السوق، حيث طالبوا بضرورة حماية السوق من هذه التأثيرات السلبية، التي تؤدي إلى تقلبات الأسعار على نحو واسع.

ولعل بعض الآراء تتساءل عن مدى تضرر المنظمة من قرار قطر الانسحاب من عضوية المنظمة، بعد 57 عاما من المشاركة في المنظمة، إذ أعلنت قطر أحد أصغر منتجي النفط، الانسحاب من "أوبك" اعتبارا من يناير 2019، ويرى البعض ذلك القرار تعبيراً عن رغبة قطرية بتركيز جهودها على تنمية وتطوير صناعة الغاز الطبيعي، وعلى تنفيذ الخطط التي تم إعلانها مؤخراً لزيادة إنتاج الدولة من الغاز الطبيعي المسال، ومن ثم التفكير ربما في تشكيل منظمة دولية لمنتجي الغاز، على غرار منظمة أوبك، التي تعنى بالدول المنتجة والمصدرة للنفط. واعتبر محللون ان قرار قطر الانسحاب لن يكون له تأثير واضح على قرارات المنظمة.

ولكن يبقى هناك محور يعد غاية في الاهمية، وهو قرار العقوبات النفطية الاميركية بشكل خاص على ايران، والذي تم تأجيله لمدة 180 يوما، بناء على رغبة الدول المستهلكة للنفط الايراني، حتى تستطيع توفيق أوضاعها، ويرى البعض ان الاسواق النفطية عقب تنفيذ العقوبات من الممكن ان تتأثر الى حد ما من قلة المعروض، خاصة بعد قرار "أوبك" الاخير بخفض الانتادج 1.2 مليون برميل يوميا للحفاظ على توازن الاسواق وعدم تعرض الاسعار الى الانهيار مرة اخرى، مثلما حدث قبل اربع سنوات. وفي الوقت نفسه، هل ستستمر "أوبك" في الخفض عند غياب الحصة الايرانية عن السوق النفطي، أم أنها ستعمل على تعويض تلك الحصة بشكل لا يستطيع معه النفط الصخري العودة الى الانتاج.

تطوير الأداء

من جهة أخرى، وبعيدا عما اسفرت عنه اجتماعات اوبك الاخيرة في فيينا، وما اسفرت عنه من قرارات، فإن بعض الخبراء يرون أن المنظمة وبدون أي قسوة عليها ظلت لسنوات تعمل بطريقة تقليدية بدون اي تطوير لادائها، في حين كانت الدول المستهلكة الرئيسة تعمل على تنظيم نفسها في وكالة الطاقة الدولية، لتقوم بمهمة لها نطاق محدد؛ وهي إدارة الطلب، بأن صنعت تغييرا هيكليا، في أنماط وطرائق الاستهلاك، من خلال رفع الكفاءة من جهة واستحداث بدائل للطاقة من ناحية ثانية، وبذلك أحدثت مزيجا من الطاقة يعتمد على جملة من مصادر الطاقة الأحفورية وغير الأحفورية.

تعاون المنتجين في الفترة الماضية أدى إلى استقرار الأسعار وتوازنها
back to top